نحو تشخيص أسرع وأكثر دقة لحالات الانسداد الرئوي

Friday, December 15, 2023

الانسداد الرئوي هو جلطة دموية مفاجئة في الرئتين تُودي كل سنة بحياة مئات الآلاف من الأشخاص في جميع أنحاء العالم. والكشف السريع والمبكر لهذه الحالة من شأنه أن يساعد في عملية العلاج وبالتالي إنقاذ حياة عدد كبير من المرضى؛ غير أن عملية تشخيص هذه الحالة صعب، وما يصل إلى حوالي ربع الحالات، يتم تشخيصها بشكل خاطئ في البداية.

وبهدف تحقيق تشخيص أفضل لهذه الحالة، يعمل د. محمد يعقوب – الأستاذ المشارك في الرؤية الحاسوبية في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي – وباحثون آخرون في الجامعة نفسها بالتنسيق مع مدينة الشيخ شخبوط الطبية في أبوظبي على تطوير مقاربة جديدة للتعرف على حالات الانسداد الرئوي.

وتستخدم هذه الطريقة تقنية الشبكات العصبية للتعلم العميق التي يمكنها مساعدة الأطباء في تشخيص المرضى الذين يعانون من هذه الحالة الخطيرة. يُذكر أن نتائج هذا البحث قد تم تقديمها في فانكوفر مؤخراً خلال فعاليات “المؤتمر الدولي لحوسبة التصوير الطبي والتدخل المدعوم بالحاسوب “.

ولتحديد ما إذا كان مريضٌ ما يعاني من حالة انسداد رئوي محتملة، يتم تصوير رئتيه باستخدام تقنية تعرف باسم التصوير المقطعي المحوسب. ولا تتكون هذه الأشعة المقطعية فقط من صورة واحدة، وإنما تتكون من مئات الصور المقطعية الفردية التي تعرف باسم الشرائح، والتي توضح حالة الرئتين على أعماق مختلفة في الأنسجة.

وقد تتطلب مراجعة هذه الصور المقطعية لطبيب خبير وقت قد يصل إلى 10 دقائق – وهو وقت طويل بالنسبة لقسم الطوارئ حيث الوقت ثمين للغاية. ولتوضيح أهمية جزئية الوقت يقارن د. يعقوب بين عدد حالات مرضى الانسداد الرئوي الذي يصل إلى حوالي مليون حالة تسجلها الولايات المتحدة سنويا، وعدد الحالات الذي يصل إلى عشرات الملايين من الأشخاص الذين يأتون إلى الطوارئ وهم يعانون من آلام في الصدر وبحاجة إلى القيام بفحص الانسداد الرئوي.

ويعتقد د. يعقوب وفريق عمله، على هذا المستوى تحديداً، أن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لديها القدرة على التمييز بسرعة بين المرضى الذين يعانون من الانسداد الرئوي وغيرهم. ويمكن لهذه القدرة أن تعزز مستويات الدقة وتساعد الأطباء على توظيف وقتهم بشكل أكثر فعالية.

محمد يعقوب

يشار إلى أن عمل د. يعقوب وفريقه، اعتمد بحوث سابقة جمعت بين التحليل الآلي لصور الأشعة المقطعية وبيانات السجلات الطبية الإلكترونية للمرضى. ويقوم هذا التحليل – المعروف بالتحليل متعدد الوسائط– بالجمع بين أنواع مختلفة من المعلومات مثل المعلومات المصورة والمكتوبة التي استخدمت في بحث د. يعقوب. ورغم ما يمتاز به هذا التحليل من قوة، إلا أن توظيفه قد يكون صعباً باعتبار أن الذكاء الاصطناعي بحاجة إلى أن يكون قادراً على فهم هذه الأنواع المختلفة من المعلومات.

ويطلق د. يعقوب وفريقه على ابتكارهم اسم “كشف الانسداد الرئوي باستخدام التعلم التقابلي” أو PECon. وتعتمد مقاربتهم على الشبكات العصبية التي تحول البيانات من الصور والسجلات الطبية الإلكترونية إلى صيغة يمكن لنظام (PECon) مقارنتها. ثم تتم مواءمة هذه المعلومات وفقاً لكل مريض، مما يؤدي إلى إنشاء ملف تعريف يحدد الانسداد الرئوي بشكل يكون أكثر دقة مقارنة باستخدام صنف واحد من البيانات.

تعتبر المقاربة التي اعتمدها الدكتور وفريق عمله تقابلية، حيث إن نظام (PECon) يقوم بإنشاء ارتباطات بين أنواع البيانات المتشابهة ويعزل البيانات غير المتشابهة. ويشير د. يعقوب هنا إلى أن اعتماد هذه المقاربة التي تحلل البيانات بما يمكنها من تعرف الأنماط داخل البيانات النمطية وغير النمطية ومعرفة ما يميزها عن بعضها البعض يمليه مواكبة عصر تقنية التعلم العميق.

وقد أظهر نظام (PECon) خلال المراحل الأولية لاستخدامه مستويات أداء عالية ونتائج مبهرة عادلت دقتها نسب تشخيص الأطباء الصحيحة لحالات المرضى التي تصل تقريباً إلى 90% في الحالات الاعتيادية اعتماداً على الأشعة المقطعية وغيرها من المعلومات التي تكون متاحة لهم؛ غير أن الفرق هنا – يقول د. يعقوب –هو أنه بدلاً من قيام أخصائي أشعة بمراجعة صور الأشعة المقطعية لمدة تتراوح من 5 إلى 10 دقائق، يمكن لنظام (PECon) القيام بذلك في أقل من ثانية عند تشغيله على جهاز حاسوب جيد”.

ويبقى مع هذا – يقول د. يعقوب – التحدي الأكبر والخطوة التالية بعد هذا الإنجاز هي العمل على تطوير تطبيق قادر على توليد نتائج دقيقة باستخدام قواعد بيانات مختلفة من مناطق مختلفة في العالم، مشيراً إلى أن البيانات التي تم استخدامها لتطوير نظام (PECon) كانت من الولايات المتحدة، وهدف فريق العمل الآن احتواء النهج الذي اعتمدوه بيانات أكثر تنوعاً من أجراء مختلفة في العالم.

يذكر أن هذه الدراسة أسهم فيها كل من الدكتور فيجاي رام بابينيني من مدينة الشيخ شخبوط الطبية؛ وسانتوش سانجيف، وسلوى الخطيب، ومي شعبان، وإبراهيم المكي من جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي.

أخبار ذات صلة

thumbnail
Tuesday, November 26, 2024

النماذج اللغوية الكبيرة وفهم انفعالات الإنسان وعواطفه

فريق بحثي من جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي وجامعة موناش يبحث في مدى قدرة النماذج اللغوية.....

  1. التعاطف ,
  2. انفعالات الإنسان ,
  3. معالجة اللغة الطبيعية ,
  4. EMNLP ,
  5. النماذج اللغوية الكبيرة ,
  6. البحوث ,
اقرأ المزيد