التوصل إلى اليقين من عدم اليقين

Friday, July 29, 2022

إن فكّرنا في البحوث التي تُجرى من علم الأحياء مروراً بالفيزياء وصولاً إلى الكيمياء وغيرها من العلوم، لوجدنا أن العلماء يحاولون دائماً دراسة الأسباب في سعيهم إلى الإجابة عن العديد من الأسئلة. ففي الأساس، هنا يكمن الغرض من إجراء البحوث: عزل الأشياء وفهم أسباب حدوثها بشكل أفضل.

يشكل التعمق في آليات حدوث الأشياء وأسبابها، أي في التفاصيل الدقيقة لكيفية تسبب س بحدوث ص، محور عمل الدكتور كون زانع في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي. إذ يسبر بحثه أغوار الأسباب والنتائج، لا سيما في سياق الخوارزميات وأنظمة الذكاء الاصطناعي.

في هذا الإطار، يقول الدكتور زانغ: “نحاول في بحثنا دراسة ما هو أبعد من البيانات، إذ نحاول استعادة العمليات الأساسية من البيانات حتى نتمكن من فهم ما يجري بالفعل. فنحن نهتم بشدة بالسببية والتمثيلات الرسومية للعملية، والتي تتضمن جميع أنواع المتغيرات الخفية والتي تُبنى عليها الأفعال. فإذا استعدت كل هذه العوامل، يمكنك البدء بتطوير أنموذج يبيّن سبب وكيفية إنتاج النظام لمثل هذه الملاحظات، وتفسير عدم اليقين في البيانات، وفي النهاية، وهنا تكمن المفارقة، استخدام عدم اليقين هذا لإيجاد قدر أكبر من اليقين في بياناتك”.

لا بد من الإشارة إلى أن الدكتور زانغ يترأس برنامج المؤتمر الثامن والثلاثين حول عدم اليقين في الذكاء الاصطناعي الذي يُعقد في آيندهوفن في هولندا في جامعة آيندهوفن للتكنولوجيا.

وعلى الرغم من أن مؤتمر عدم اليقين في الذكاء الاصطناعي يُعتبر صغيراً نسبياً، إلا أنه مؤتمر للنخبة يضم حوالي 36 جلسة عامة و194 عرضًا سريعاً في إطار عرض واحد يشمل جميع جوانب الذكاء الاصطناعي، خاصةً النماذج الرسومية والسببية والاستدلال. وقد قدّم الدكتور زانغ بنفسه أربعة من هذه الجلسات في الماضي.

يُذكر أن الدكتور زانغ اهتم بالسببية أثناء دراسته للحصول على شهادة الدكتوراه في وقت “لم يكن فيه الاتجاه السائد في تعلّم الآلة يركز على السببية، بل كان يهتم فقط بالارتباط” ولم يقنع الدكتور زانغ بذلك، حيث رأى أنه “حتى أنظمة تعلّم الآلة تؤدي في الواقع دوراً سببياً في حياة الإنسان والمجتمع. فعندما ننشر أنظمة الذكاء الاصطناعي، يمكننا تغيير المجتمع البشري، بالتالي هناك دائماً عملية سببية ولا بد لنا من الإلمام بها”.

ففي البيانات، تبرز دائماً مساحة لعدم اليقين. وتجاهل هذه الحقيقة يمكن أن يؤدي إلى نتائج كارثية. إذ يعتبر الدكتور زانغ أن عدم اليقين هو أحد المشكلات الأساسية في مجال الذكاء الاصطناعي على وجه الخصوص. فهذه المشكلة هي نقطة انطلاق بعض أكثر البحوث إثارة للاهتمام حالياً، ولهذا السبب تعتبر المؤتمرات مثل مؤتمر عدم اليقين في الذكاء الاصطناعي بمثابة نقاط اتصال عالمية وحيوية للأشخاص الذين يهتمون بهذه المجالات ويعملون فيها.

في هذا السياق، يقول الدكتور زانغ: “حين تتخذ القرارات أو تضع التصنيفات أو تقدّم التوصيات، لا بد لك، من حيث المبدأ، من فهم عدم اليقين، ومن محاولة الحد منه، أو الاستفادة منه لتحقيق شيء أنت متيقن منه. إذ يجب أن تفهم، فالمعرفة وعدم اليقين مرتبطان ارتباطاً وثيقاً. من هذا المنظور، يجب عليك تحديد مقدار عدم اليقين في البيانات وفهمه والحد منه أو إضفاء الطابع الرسمي عليه والاستفادة منه “.

تعزيز بحوث تعلّم الآلة في المؤتمرات العالمية

إلى جانب دوره في مؤتمر عدم اليقين في الذكاء الاصطناعي، ترأس الدكتور زانغ برنامج المؤتمر الأول حول التعلم السببي والاستدلال الذي عُقد في أبريل2022.

يقول زانغ: “إن السببية هي فكرة جوهرية في العلم، وهي مكون أساسي للذكاء الاصطناعي شفاف وموثوق وقابل للتفسير. مع ذلك، يتم تجاهله إلى حد كبير في تعلّم الآلة التقليدي. لذا أطلقنا مؤتمر التعلم السببي والاستدلال السنوي لتعزيز التفكير السببي والتعلم والاستدلال في الذكاء الاصطناعي، وذلك بهدف تحقيق مستوى أعلى من الذكاء للتفكير مثل الإنسان، ولكن بشكل أقوى”.

إلى جانب منصبه في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي كأستاذ مشارك في قسم تعلم الآلة، يضطلع الدكتور كون زانغ بدور أستاذ مشارك في جامعة كارنيجي ميلون في الولايات المتحدة الأمريكية.

وتشمل الاهتمامات البحثية للدكتور كون زانغ مجالات تعلّم الآلة والذكاء الاصطناعي، لاسيما الاكتشاف والاستدلال السببيين، والتعلم بالتمثيل السببي، والتعلم الآلي عبر أنواع مختلفة من البيانات. وهو يعمل على تطوير طرق لاكتشاف السببية الآلية أو التعلم بالتمثيل السببي من خلال أنواع مختلفة من البيانات، كما يحقق في مشكلات التعلم، بما في ذلك التعلّم المنقول، والتعلم التمثيلي، والتعلم العميق من وجهة نظر سببية، كما يدرس الأسس الفلسفية للسببية ومهام تعلم الآلة المختلفة.

أما من الناحية التطبيقية، فلطالما كانت بحوثه مدفوعة بمشكلات حقيقية في مجالات علم الأعصاب، والرؤية الحاسوبية، والتمويل الحوسبي، وتحليل المناخ، والرعاية الصحية.

أخبار ذات صلة