يحج هذا الأسبوع إلى أبوظبي نُخبةٌ من الباحثين المرموقين المختصين في الإحصاء والذكاء الاصطناعي من جميع أنحاء العالم للمشاركة في فعاليات سلسلة ورش عمل “رواد الذكاء الاصطناعي” التي تنظمها جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي حول موضوع “أهمية الإحصاء لمستقبل الذكاء الاصطناعي”. وستركز الورشة على مدى قدرة هذين التخصصين المترابطين على إحداث ثورة في قطاع الرعاية الصحية.
يشار إلى أن ورشة العمل يشرف على مجرياتها وتنظيمها باحثَين بارزَين؛ هما البروفيسور تيان تشنغ، أستاذ الإحصاء ورئيس قسم الإحصاء في جامعة كولومبيا؛ والبروفيسور هونغتو تشو، الأستاذ في قسم الإحصاء الحيوي في جامعة كارولينا الشمالية.
وبمناسبة انعقاد أعمال الورشة، أشار البروفيسور تشنغ إلى أنها ستعرف مشاركة ثلة من الخبراء المتميزين والبارزين في تخصصاتهم؛ مُشيراً إلى أن الورشة، ستشكل أيضاً فرصة لهؤلاء للتفكير عملياً في الكيفية التي يمكن من خلالها دمج الإحصاء بالكامل في بحوث الذكاء الاصطناعي.
وتفصيلاً، يشارك في الورشة ما يقرب من 24 متحدثاً، قَدِموا من أفضل الجامعات في العالم؛ بما فيها: جامعة هارفارد، وجامعة ييل، وجامعة بنسلفانيا، وجامعة كاليفورنيا - بيركلي، وكلية لندن للاقتصاد، وجامعة هونغ كونغ للعلوم والتكنولوجيا. كما يشارك متحدثون يمثلون شركات أدوية عملاقة معروفة هي: 'إيلي ليلي' و'مركز إم دي أندرسون للسرطان'.
ومن جانبه، أعرب كذلك تشو – بمناسبة انعقاد ورشة العمل – عن أمله في أن تمهد هذه الأخيرة الطريق للابتكارات المستقبلية في مجال الذكاء الاصطناعي المدعومة بالنتائج الإحصائية.
يذكر أن الورشة، تشكل جزءاً من سلسلة ورش عمل 'رواد الذكاء الاصطناعي' الشتوية التي تنظمها جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، والتي تهدف إلى تحفيز بحوث الذكاء الاصطناعي الرائدة وتعزيز فهم أكثر لإمكانات الذكاء الاصطناعي باعتبارها قوة محركة يمكنها تحقيق المنفعة للمجتمع.
كما أن الورشة، لا تشكل فقط فرصة لتواصل مجموعة من ألمع الخبراء في العالم بهدف رسم خريطة طريق تَنظر في إمكانات الذكاء الاصطناعي، بل إنها كذلك فرصة لوضع الخطوات العملية لتحقيقها. يشار إلى أن ورشة عمل 'رواد الذكاء الاصطناعي' السابقة، المنعقدة في ديسمبر 2023، ركزت على التعلم الموحد والتعاوني.
علاقة وثيقة
تربط بين كل من الإحصاء والذكاء الاصطناعي علاقة وثيقة أثرت فيهما بشكل كبير لعقود. ويصف تشنغ هذه العلاقة الوطيدة قائلاً: “لا يمكننا فهم مفاهيم محورية في تخصصات الذكاء الاصطناعي، مثل التحيزات أو عدم اليقين أو القدرة التنبؤية دون الرجوع إلى الإحصاء، حيث إن هذا العلم يوفر للذكاء الاصطناعي الأساس للإجابة على هذه الأسئلة الجوهرية”.
وللتوضيح، فإن خوارزميات تعلم الآلة، مثل تلك المستخدمة في النماذج اللغوية الكبيرة، تعتمد على مفاهيم إحصائية تمكن النماذج اللغوية الكبيرة من إنتاج جمل جديدة وصحيحة نحوياً بناءً على الاحتمالية بدلاً من اللجوء إلى برمجتها لإنتاج جمل جديدة استناداً إلى القواعد النحوية.
كما تُستخدم الأساليب الإحصائية للتحقق من مستوى صحة أداء نماذج الذكاء الاصطناعي باستخدام مجموعة بيانات مختلفة عن تلك التي استُخدِمَت لتدريبها. ويُمَكِّن هذا الاختبار الباحثين من فهم مدى قدرة النموذج على التعامل مع بيانات جديدة لم يسبق له التعامل معها. ويشكل التحقق من الصحة – يقول تشو – عاملا مهماً خاصة في قطاع مثل الرعاية الصحية، حيث هامش المخاطر يكون عالياً، ويمكن أن يدخل فيه “مقارنة مخرجات نموذج الذكاء الاصطناعي مع بيانات المرضى الحقيقية”.
تطبيقات عملية
وسيغطي جدول أعمال ورشة العمل مجموعة واسعة من الموضوعات المستجدة، بما فيها: التصوير الطبي، والسجلات الصحية الإلكترونية، وعلم الأحياء الحاسوبي، والصحة الذكية.
ومن بين هذه الموضوعات التي ستتناولها الورشة، نجد أن مجال تحليل التصوير الطبي الذي يستخدم مبادئ الرؤية الحاسوبية وتعلم الآلة، يعد واحدا من المجالات التي تم بالفعل اعتماد برامجها المدعومة بالذكاء الاصطناعي في قطاع الصحة، وآفاق تطورها ما تزال تعد بالمزيد.
ويعتبر تشو أن “أدوات التصوير الطبي المدعومة بالذكاء الاصطناعي، قد أثبتت فعلا جدواها وقدرتها على استخلاص الاستنتاجات من صور الأورام ومعلومات أخرى مفيدة من الصور الطبية”، التي لا تكون واضحة للأطباء، ولديها القدرة على تحسين مستويات خدمات الرعاية.
وإلى جانب تقنية التصوير الطبي، هناك كذلك تكنولوجيا معالجة اللغة الطبيعية القادرة على تحسين قطاع الرعاية الصحية بقدرتها على تحليل كميات هائلة من المنشورات العلمية واستخلاص الاستنتاجات منها، وتحديد اتجاهات الدراسات البحثية.
وتشير التقديرات إلى أن هناك ملايين الدراسات التي يتم نشرها كل عام في الوقت الذي لا يوجد فيه مؤشر موثوق واحد يصنف هذا الإنتاج الأكاديمي المذهل على مستوى العالم بأكمله.
ويرى تشو هنا أن: “إجراء مراجعة كاملة للمصادر العلمية دون مساعدة الذكاء الاصطناعي، سيكون أمراً صعباً وسيستغرق وقتاً طويلاً، غير أن اليوم – يستدرك تشو – أصبح بإمكان أي شخص حتى ولو لم يكن متخصصاً في معالجة اللغة الطبيعية أن يستفيد من الأدوات التي تتيحها هذه التكنولوجيا بتدريب بسيط يمكن غير المتخصصين من الاستعانة بها في بحوثهم”.
وأكد المتحدث نفسه أيضاً أهمية إعطاء الأولوية للتطبيقات العملية للذكاء الاصطناعي والإحصاء، لأنهما يشكلان معا حزمة من الأدوات التي لا تحقق هدفها إلا عندما ترتبط بما له أثر إيجابي على حياة الناس؛ فالإحصاء – يقول تشو – رغم اعتماد استخدمه في قطاع الرعاية الصحية لفترة طويلة – تم به، مثلا، تفسير بيانات التجارب السريرية على مدى عقود – فإن العديد من الأشخاص الذين تم تدريبهم كإحصائيين اعتمدوا أدوات الذكاء الاصطناعي في عملهم.
تواصل المجتمع العلمي
وعلى صعيد آخر أكد تشنغ أهمية مثل هذه الورش التي تتيح للباحثين والأكاديميين “فرصة الاجتماع والعمل معاً في مكان واحد”، بغض النظر على ما تتيحه تقنيات التواصل عن بعد للمجتمع العلمي من قدرات مكنتهم من التعاون باستخدام تطبيقات مثل “زوم” وتطبيقات المراسلة التي سمحت لهم بالتواصل في كل مكان وزمان.
وأعرب تشنغ، في سياق متصل، عن أمله في أن تشمل مخرجات ورشة العمل مناقشة مستقبل البحث العلمي، والسعي نحو تحقيق ما يأمل المجتمع العلمي في تحقيقه خلال 20 أو 30 عاماً، أن يتم تحقيقه خلال خمسة أعوام فقط بفضل الإرادة القوية والاستثمار العلمي الجيد.
يحتفي العالم في 18 ديسمبر من كل عام باليوم العالمي للغة الضاد في لفتَتٍ يقف فيها العالم.....
فريق بحثي من جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي وجامعة موناش يبحث في مدى قدرة النماذج اللغوية.....
اقرأ المزيدفريق بحثي من جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي يفوز بجائزة تقديرية عن دراسة بحثية تشجع الباحثين.....