لا بد للأنظمة الذكية التي باتت تشكل جزءاً لا يتجزأ من عالمنا، مثل الأقمار الصناعية والروبوتات والأجهزة الطبية الصغيرة، من العمل واتخاذ قرارات سريعة وآمنة، حتى عندما يكون الاتصال محدوداً، أو حين تتغير البيئة، أو عندما تكون الطاقة المتاحة محدودة جداً. بيد أنه، حتى يومنا هذا، لا تتمتع مثل هذه الحوسبة بقدرة حقيقية على التكيّف، بل ترتكز إلى الذكاء الاصطناعي الذي تم تدريبها عليه مسبقاً على السحابة، وعادة ما يكون ذلك عبر مجموعة بيانات كبيرة.
وبمجرد الانتهاء من ذلك، يتم تجميد الذكاء الاصطناعي: فهو غير قادر على استخدام خبرته لتحسين مهاراته، والأسوأ من ذلك، ونظراً إلى أن مجموعات البيانات لا يمكنها تغطية جميع المواقف المحتملة في العالم الحقيقي، فمن المرجح أن تفشل الأنظمة التي تتمتع بمثل هذا التحكم الذكي المجمد.
لذا فإن التعلم مدى الحياة هو أحدث ما توصل إليه الذكاء الاصطناعي، وهو يشمل الأساليب الحوسبية التي تسمح للأنظمة بالتعلّم بالتزامن مع تشغيلها ودمج ما تعلمته عبر تطبيقه في المواقف الجديدة غير المتوقعة. حتى وقت قريب، لم نعثر على هذا النوع من الحوسبة إلا في الطبيعة. بالتالي، فإن التعلّم مدى الحياة يستمد من الطبيعة المبادئ والآليات الأساسية، ثم ينقلها إلى هذه التكنولوجيا الجديدة.
نناقش في هذه الجلسة طرق التوصل إلى التعلم مدى الحياة في الذكاء الاصطناعي.
فمن خلال التأمل في علم الأحياء، ندرس الطرق التي من خلالها يقوم دماغ الإنسان بتجريد الأفكار وتعميمها، لنقترح طرقاً للتفاعلات الذكية بين الإنسان والذكاء الاصطناعي، تمكّن الإنسان والأنظمة على حد سواء.
في الختام، نشير إلى الدراسات التأسيسية لتمكين هذه الأنظمة المتقدمة من تقليل استخدام الطاقة، والحد من حجمها ووزنها، مما يتيح لها أن تكون قابلة للتطبيق في الحوسبة الطرفية.
البروفيسورة هافا سيجلمان أستاذة معروفة عالمياً في علم الحاسوب، وخبيرة بارزة في مجال الشبكات العصبية. هي عضو أساسي في برنامج علم الأعصاب والسلوك، ومديرة مختبر الأنظمة العصبية والديناميكية المستوحاة من علم الأحياء في جامعة ماساتشوستس. يُذكر أنها معروفة بشكل خاص بعملها الرائد في مجال الحوسبة خارج حدود تورينج، وتحقيق قدرات التعلم المتقدمة من خلال نوع جديد من الذكاء الاصطناعي، وهو التعلّم مدى الحياة. تجري البروفيسورة سيجلمان بحوثاً متعددة التخصصات إلى حد كبير، حول الجيل التالي من تعلّم الآلة، والشبكات العصبية، والتعاون الذكي بين الآلة والإنسان، والدراسات الحوسبية للدماغ، مع تطبيقها على الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات وصناعة التكنولوجيا المتقدمة. إلى جانب ذلك، هي رائدة في زيادة الوعي حول الذكاء الاصطناعي الأخلاقي، وفي دعم الأقليات والنساء في مجالات الذكاء الاصطناعي والعلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، في جميع أنحاء العالم. كانت سيجلمان أستاذة زائرة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وجامعة هارفارد، ومعهد وايزمان، ومعهد إيث، ومعهد سالك، ومعهد أبحاث العلوم الرياضية في بيركلي، ومعهد نيوتن في جامعة كامبريدج. حازت العديد من الجوائز، منها جائزة مبادرة أوباما الرئاسية للدماغ، وجائزة دونالد أو هيب من الجمعية الدولية للشبكات العصبية عن "مساهمتها في التعلم البيولوجي". كما حصلت على لقب محاضرة متميزة من جمعية الذكاء الحاسوبي في معهد مهندسي الكهرباء والإلكترونيات. وهي زميلة في كل من معهد مهندسي الكهرباء والإلكترونيات والجمعية الدولية للشبكات العصبية.
واحدة من بين نقاط قوة تقنيةٍ مثل تكنولوجيا معالجة اللغة الطبيعية هي قدرتها على تنفيذ مهامَ تتسم.....
اقرأ المزيد