من البحوث إلى الإيرادات: طريق الأكاديميين نحو التميز في مجال الأعمال

تمثل الوظيفة الثابتة الهدف المهني النهائي لمعظم الأكاديميين، ولكنها كانت بالنسبة للدكتورة بوجا خوسلا محطة في مسيرتها المهنية المستمرة.

فقد نجحت خوسلا، بالاشتراك مع رائد الأعمال توم ستونر وعالم المناخ الحائز على جائزة نوبل ديفيد شيميل، في جمع التمويل الأولي اللازم لإطلاق Entelligent، وهي شركة ناشئة في مجال التكنولوجيا المالية المناخية توفر منصة لتحليل الاستثمارات بالاعتماد على البيانات الضخمة وتعلم الآلة بهدف مساعدة الشركات على قياس مدى تعرضها لمخاطر التغير المناخي وإدارة هذه المخاطر واغتنام الفرص في مجال تحول الطاقة.

استضاف مركز حضانة وريادة الأعمال بجامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي مؤخراً الدكتورة خوسلا التي ألقت محاضرة أمام الطلاب أكدت فيها على قدرة الأكاديميين على النجاح في مجال الأعمال وقدمت النصائح التالية لمن يفكرون في تغيير مسيرتهم المهنية في ذلك الاتجاه.

الاستفادة من البيانات

بإمكان العلماء والأكاديميين تقديم قيمة كبيرة للشركات من خلال قدرتهم الفريدة على الوصول لقدر هائل من المعلومات ومجموعات متنوعة من المفكرين التحليليين. وقد أدركت خوسلا بصفتها رائدة أعمال جديدة لديها فضول الباحث الأكاديمي أن البيانات توفر إمكانات ما زالت غير مستغلة، وفكرت في طريقة يمكن من خلالها لشركتها الناشئة الاستفادة من بيانات المناخ العالمي تحديداً.

كشف البحث المعمق الذي أجرته خوسلا وفريقها في شركة Entelligent عن وجود قدر كبير من المعلومات التي تراكمت عبر سنوات طويلة دون أن يُستفاد منها في عملية اتخاذ القرارات الاستثمارية. وهكذا وُلِد نموذج تحليلي جديد. تقول خوسلا في هذا الصدد: “المناخ يتغير باستمرار. وأنا أعلم أن المعايير القياسية التي يستخدمها المستثمرون والمصرفيون لتقييم قوة محافظهم الاستثمارية أو تحديد الفرص الجديدة غير موثوقة. وهنا تكمن الفرصة”.

استفادت خوسلا من خلفيتها الأكاديمية لإيجاد ميزة استراتيجية لشركة Entelligent، حيث كانت من أوائل من استكشف قوة تعلم الآلة والبيانات الضخمة، ونجحت في ترجمة المعارف النظرية إلى تطبيقات عملية مفيدة.

تحويل البحوث إلى واقع ملموس

تعتقد خوسلا أن مهمتها لا تقتصر على تحديد المشاكل، بل تتعداها إلى دفع عجلة التغيير. وهي تشير إلى أنها وُلِدت في جايبور بالهند، وعايشت بشكل مباشر ظروف الحر الشديد في الصيف وشح الموارد المائية حتى بالنسبة للطبقة المتوسطة التي تنتمي إليها، وهي تحديات تفاقمت مع أزمة المناخ، مما جعلها “متعطشة للتغيير”.

وهي تنصح الأكاديميين الذين يسعون للنجاح في عالم الأعمال بترجمة نتائج بحوثهم إلى واقع ملموس، مؤكدة أنه: “عندما ترى نتيجة بحثك أو براءة اختراعك تتحول إلى واقع وتُستخدم بشكل ينفع الناس، فهذا يمنحك شعوراً رائعاً بالفخر والإنجاز”.

تبسيط العمل وتسريعه

تقول خوسلا: “نحن العلماء لا نهاب التحديات. فعندما تتطور التكنولوجيا، بإمكاننا التعلم وقيادة التغيير”.

وهي ترى أن إحدى نقاط القوة الأساسية لأي تكنولوجيا، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة، هي قدرتها على تسريع المهام المعقدة وتبسيط الحلول. وقد كان التحدي التالي الذي واجهته خوسلا بعد تطوير النموذج المناخي هو تقديم ذلك النموذج بشكل يمكن للآخرين استخدامه بسهولة. وهي تعترف بأن من خضعوا لتدريب أكاديمي صارم غالباً ما يواجهون صعوبة في تبسيط عملهم، ولكن لولا هذا التكيف لكان من الصعب جداً الحصول على التمويل.

الإصغاء

وتختتم خوسلا نصائحها بالقول: “على العلماء الخروج من مختبراتهم والبدء بالتواصل مع العملاء”. وهي تعترف بأن هذا قد يعني تقديم التنازلات في بعض الأحيان، وبأنها لم تكن مرتاحة لذلك في البداية، ولكنها تؤكد أنه: “عندما تذهب لمقابلة العميل وتقدم له شيئاً أفضل يلبي احتياجاته، فسيصغي لك، لأن هذا يعني أنك أصغيت له”.