بلغ عالمنا اليوم مرحلة غير مسبوقة على صعيد التفاعل بين الإنسان والتكنولوجيا لدرجة أن تجنب الحديث مع “سيري” و”أليكسا” بات أمراً صعباً في حياتنا اليومية، ويعود الفضل في هذا كلّه إلى تقنية “معالجة اللغات الطبيعية” التي تنتشر تطبيقاتها على نطاق واسع في حاضرنا، كما أنها تشكل جزءاً لا يتجزأ من التطبيقات الذكية التي نستخدمها يومياً إلى جانب العديد من خدمات الذكاء الاصطناعي.
وعينت جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي البروفيسور تيموثي بالدوين بمنصب مساعد عميد الجامعة للشؤون الأكاديمية والطلابية، ومدير قسم معالجة اللغات الطبيعية الجديد بالإنابة. وتتمثل مهمته الأولى بتشكيل فريق مثالي من خبراء معالجة اللغات الطبيعية. وباعتبار أن جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي توفر برنامجي الماجستير والدكتوراه في معالجة اللغات الطبيعية، يأمل البروفيسور بالدوين، انطلاقاً من منصبه المزدوج، بتعزيز المناهج الدراسية وإنشاء هيئة تدريسية عالمية المستوى من الألف إلى الياء.
وبهذا الصدد، قال البروفيسور بالدوين: “تعمل جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي في إطار أجندة طموحة هدفها إرساء الأسس لقطاع متطور في مجال الذكاء الاصطناعي خلال فترة زمنية قصيرة. لذلك، يجسّد الانضمام إلى هذه الجامعة الرائدة والعمل ضمن فريق قيادتها فرصة استثنائية لا تتكرر”.
وقبل انضمامه إلى الجامعة، أمضى البروفيسور بالدوين 17 عاماً في جامعة ملبورن، متنقلاً بين مناصب متعددة شملت بروفيسور الجامعة بمرتبة الشرف، ومدير مركز “ايه ار سي” للتدريب في مجال الحوسبة المعرفية للتقنيات الطبية (بالتعاون مع “آي بي إم”)، والعميد المشارك للتدريب البحثي في كلية ملبورن للهندسة، ونائب رئيس قسم الحوسبة ونظم المعلومات.
وبدوره، قال البروفيسور إريك زينغ، رئيس جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي: “يتمتع البروفيسور بالدوين بخبرة واسعة في معالجة اللغات الطبيعية ضمن مجالي الذكاء الاصطناعي والرعاية الصحية – وهما من المجالات ذات الأهمية العالية بالنسبة للمنطقة والجامعة. وتسهم مسألة تعيينه بمنصب مساعد عميد الجامعة في تعزيز فريق القيادة الأكاديمية وكذلك الأمر إثراء تجربة التعلم التي يخوضها طلابنا. ويسعدني للغاية أن أرحب به في أبوظبي وجامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي. كما يسرني القول إن ما نشهده الآن هو فترة مشوّقة في تاريخ الجامعة نواصل خلالها تحقيق النمو. ودون أدنى شك، ستساعدنا أفكار البروفيسور بالدوين وريادته الفكرية ومنهجيته الفريدة في بلوغ آفاق جديدة، وهو أمر نواصل السعي لتحقيقه على الدوام”.
وكان البروفيسور بالدوين قد تولى في السابق عدداً من المناصب وفق نموذج الزيارة في جامعة كامبريدج وجامعة واشنطن وجامعة طوكيو وجامعة سارلاند ومختبرات “إن تي تي” لعلوم الاتصال والمعهد الوطني للمعلوماتية. ويركز في اهتماماته البحثية بشكل رئيسي على معالجة اللغات الطبيعية، بما في ذلك التعلم العميق والعدالة الخوارزمية والعلوم الاجتماعية الحاسوبية وتحليلات وسائل التواصل الاجتماعي.
قال البروفيسور بالدوين أنه يمتلك “أهداف نمو طموحة” لقسم معالجة اللغات الطبيعية الذي يهدف إلى “دفع حدود الممكن مع معالجة اللغات الطبيعية”. ويتمثل جوهر عمل القسم في الالتزام العميق بتطوير مجموعات بيانات وأساليب معالجة اللغات الطبيعية للمساعدة في إيجاد الحلول المناسبة للمشكلات الاجتماعية الحرجة وتحقيق مكاسب الكفاءة والإنتاجية عبر قطاع الأعمال والقطاع الحكومي.
وقال البروفيسور بالدوين: “يتمثل جزء كبير من الدور المنوط بي في استقطاب وتوظيف مزيج الأكاديميين المناسب من جميع المستويات. وهناك الكثير من الجوانب المرتبطة بمعالجة اللغات الطبيعية في المجالات الأخرى لعلوم الحاسوب، لذا نحن لا نبحث فقط عن أساتذة متخصصين بشكل حصري في مجال معالجة اللغات الطبيعية، بل يشمل بحثنا الأساتذة المتخصصين في مجموعة من المجالات الفرعية المختلفة والقادرين على التعاون والعمل مع الأقسام الأخرى في الجامعة. وستلعب مسألة وجود أشخاص يعملون بشكل واضح في مساحات التقاطع بين النص والصورة (الرؤية الحاسوبية) أو أنظمة الحوار من أجل توفير واجهات طبيعية أكثر للروبوتات (تعلم الآلة والروبوتات) دوراً محورياً في كتابة قصة نجاحنا في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي”.
وأضاف البروفيسور بالدوين: “انطلاقاً من منصبي كمساعد عميد الجامعة، سأعمل على تحسين صورة الجامعة وجودة المناهج وأنشطة التدريس بهدف تحويل جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي إلى مؤسسة أكاديمية رائدة على مستوى العالم تجسّد المعيار الذهبي المطلق في مجال الذكاء الاصطناعي. ودون أدنى شك، سأسعى للارتقاء بمكانة الجامعة إلى مرحلة يصبح خلالها اسم الجامعة مطروحاً بقوة إلى جانب جامعات عريقة مثل ستانفورد وكارنيغي ميلون وأوكسفورد عندما يبحث الطلاب حول العالم عن أفضل الوجهات المحتملة لدراسة برامج الدراسات العليا في مجال الذكاء الاصطناعي”.
وتابع البروفيسور بالدوين: “وبالمثل، عندما يتخرج طلابنا ويستعدون لدخول سوق العمل، ستخوض جميع شركات الذكاء الاصطناعي الكبرى في العالم والمؤسسات المعنية بهذه التكنولوجيا منافسة محمومة لتوظيف طلابنا. ويتمتع طلابنا بسوية معرفية مماثلة لتلك التي يمتلكها طلاب أبرز جامعات الذكاء الاصطناعي في العالم. وفي هذا الصدد، ستتعاون جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي مع القطاع المحلي في سبيل ضمان حصول طلابنا على برامج التدريب وفرص التدريب العملي المناسبة التي تمكنهم من المساهمة في تسريع وتيرة تطور الذكاء الاصطناعي دون أن يقتصر ذلك على البحث العلمي، لكن أيضاً على صعيد مخرجات واقتصاد الذكاء الاصطناعي في دولة الإمارات”.
كانت معالجة اللغات الطبيعية تمثل إلى حد كبير واحداً من المساعي الأكاديمية منذ 10-15 عاماً مضت، لكن في ضوء العدد الكبير من التطورات والابتكارات الصناعية التي شهدها العالم في الآونة الأخيرة، باتت تطبيقات التكنولوجيا القائمة على اللغة تعيش مرحلة غير مسبوقة من الازدهار. وتعتبر روبوتات الدردشة في مواقع التجارة الإلكترونية أو الخدمات المصرفية، و”ترجمة جوجل” التي تساعد المستخدمين على فهم محتويات صفحات المواقع الإلكترونية المكتوبة بلغة لا يمكنهم قراءتها – على سبيل المثال لا الحصر – قائمة على معالجة اللغات الطبيعية. ونتيجة لذلك، ينوه البروفيسور بالدوين إلى ضرورة أن يكون جميع الطلاب قادرين على العمل خارج الحدود التقليدية لمجال معالجة اللغات الطبيعية، ولا سيما في مجالات مثل الكلام والرؤية واسترجاع المعلومات.
وقال البروفيسور بالدوين: “من الصعب للغاية تصور وجود الكثير من الأدوات التي نستخدمها على أساس يومي دون قدرات معالجة اللغات الطبيعية. وفيما يتعلق بالمنهجية الشاملة لتعليم الذكاء الاصطناعي، أعتقد أنه من الأهمية بمكان أن يتمتع الطلاب بخلفية مقبولة في مجال معالجة اللغات الطبيعية، أو على الأقل أن يكونوا مطلعين على الأساليب والقضايا ذات الصلة بهذا المجال”.
وأضاف البروفيسور بالدوين: “أنا من أشد المؤمنين بفكرة أن الطلاب يجسّدون جوهر الجماعة وقوتها الدافعة. فهم الناتج الأكثر وضوحاً لعملها. ولهذا السبب، يتعين علينا استثمار أكبر قدر ممكن من الطاقة في تعزيز خبراتهم ومسارات تعلمهم”.
ويحمل البروفيسور بالدوين درجة البكالوريوس في (علوم الحاسوب/ الرياضيات) ودرجة البكالوريوس في (اللغويات/اللغة اليابانية) من جامعة ملبورن منذ عام 1995، كما حصل على درجة ماجستير الهندسة في علوم الحاسوب والدكتوراه في علوم الحاسوب من معهد طوكيو للتكنولوجيا عامي 1998 و2001 على التوالي.
وقبل انضمامه إلى جامعة ملبورن في عام 2004، تولى البروفيسور بالدوين منصب مهندس أبحاث أول في مركز دراسة اللغات والمعلومات في جامعة ستانفورد. كما ألّف أكثر من 400 من الأبحاث الخاضعة لمراجعة النظراء تتناول مواضيع متنوعة في معالجة اللغات الطبيعية والذكاء الاصطناعي.
ستسهم قدرات القراءة أو تنظيم المعلومات فائقة السرعة القائمة على الترجمة الآلية والذكاء الاصطناعي في مساعدة العديد من القطاعات خلال السنوات القادمة على صعيد اتخاذ قرارات أفضل وأكثر استنارة. وكانت الترجمة الآلية تمثل في العادة مهمة لا تتجاوز حدودها التعامل مع النصوص. ولكن البروفيسور بالدوين يتوقع للترجمة الآلية متعددة الوسائط أن تحقق الكثير من الإنجازات خلال المستقبل القريب.
وقال البروفيسور بالدوين: “يجسّد دعم القرار السريري أحد مجالات التركيز الرئيسية لعملنا في جامعة ملبورن وأعتقد أن هذا المجال ينطوي على إمكانات هائلة بحق. فإن كنت طبيباً تحاول تحديد أفضل خطة علاجية لأحد المرضى بعد وضع تشخيص أولي لحالته، لكنك تريد اتخاذ القرار الأفضل بالنسبة لخصائص ذلك المريض، يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي في تلخيص أحدث التجارب السريرية والأدبيات الطبية في صيغة يسهل على الطبيب استيعابها. كما يمكن لتكنولوجيا تعلم الآلة معالجة التفاصيل الخاصة بالمريض وأحدث الاكتشافات وغيرها من المعايير المختلفة، وتوفير قائمة من الخيارات الممكنة لخطط العلاج الأولية للنظر فيها”.
وبحسب تقديرات بالبروفيسور بالدوين، يمكن للذكاء الاصطناعي “توصيل النتائج إلى الشخص الذي يطرح السؤال بطريقة طبيعية قدر الإمكان. فمن خلال إزالة معوقات معالجة البيانات وتفسيرها بطريقة تحد من الحاجة إلى تواجد علماء البيانات بشكل دائم، يوفر الذكاء الاصطناعي قناة بديلة لإنجاز هذه المهمة. أي أن دور الذكاء الاصطناعي في هذه الحالة يسهم في دعم القرارات بدلاً من اتخاذها”.
وتجري جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي أبحاثاً متطورة تعجّل في ظهور الجيل التالي من التقنيات المتقدمة وتسخّر قدرات معالجة اللغات العصبية للمساعدة في الوصول إلى عالم أكثر إنصافاً واستدامة وسعادة. وستعيد التطورات الطارئة في مجال معالجة اللغات الطبيعية صياغة طريقة عيشنا وعملنا، مما يمكن الشركات والمؤسسات من تحليل واستقاء الرؤى المتعمقة من البيانات النصية بمقاييس تفوق القدرة البشرية على نحو كبير.
بعد نجاحه في تطوير أدوات مدعومة بالذكاء الاصطناعي تساعد في الكشف عن المعلومات المضللة والخاطئة، يركز زين.....
اقرأ المزيديحتفي العالم في 18 ديسمبر من كل عام باليوم العالمي للغة الضاد في لفتَتٍ يقف فيها العالم.....
فريق بحثي من جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي يطور مجموعة بيانات مرجعية هي الأولى من نوعها.....