مشروع “الصفات الظاهرية للإنسان”: نجاحات متواصلة تفتح آفاقاً جديدة للطب الدقيق

Tuesday, July 15, 2025
A visual representation of computational biology

حقق مشروع “الصفات الظاهرية للإنسان” البحثي، الذي يُعنى بدراسة التنوع العرقي للإنسان على نطاق واسع، إنجازاً علمياً جديداً نشرت أحدث نتائجه في دورية “نيتشر ميديسن” العالمية. ويلقي المشروع البحثي الرائد، الذي قاده باحثون من جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي بالتعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، الضوء على العلاقة بين العوامل البيولوجية ونمط الحياة والتنوع الجيني وآثارها البعيدة الأمد على صحة الإنسان وحالات مرضه.

وقد شارك في إعداد هذه الورقة البحثية، التي يُتوقع لها أن تسهم في إحداث نقلة نوعية في فهمنا لصحة الإنسان  وسبل تطوير الطب الدقيق والرعاية  الصحية الشخصية، كل من البروفيسور إريك زينغ – رئيس جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي والبروفيسور الجامعي؛ والبروفيسور إران سيغال – أستاذ ورئيس قسم علم الأحياء الحاسوبي، بوصفهما مؤلفان مشاركان رئيسان.

يُذكر أن عدد المشاركين الإجمالي في هذا المشروع البحثي قد قارب حوالي مجموع 28 ألف شخص، أكمل من بينهم أكثر من 13 ألف شخص زياراتهم الأولية، الأمر الذي يُرشح هذا المشروع البحثي ليكون سَبَّاقاً في اكتشاف وتحديد سمات جزيئية مُمَيِّزةٍ جديدة ستفتح الطريق أمام تطوير نماذج تنبؤية مدعومة بالذكاء الاصطناعي، تساعد في رصد بداية الأمراض وتطورها.

وعن هذا المشروع البحثي – قال البروفيسور إريك زينغ: “لا يمثل مشروع ’الصفات الظاهرية للإنسان‘ مجرد مشروع بحثي آخر، بل يشكل ثورة حقيقية في فهمنا لصحة الإنسان. ونسعى من خلاله إلى رسم خريطة التفاعلات الدقيقة بين بيولوجيا الإنسان وأسلوب حياته ستُمكننا — بمساعدة تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي المتطورة — من وضع خطط شخصية من شأنها تعزيز مستويات جودة حياة كل إنسان – إننا، حقاً، نعيش البداية الحقيقية لِلطِّب الدقيق أو الشخصي الذي لن يمكننا من عيش شيخوخة ونحن أصحاء أكثر، بل وستقربنا أكثر من مستقبل ستصبح فيه الرعاية الصحية الاستباقية والدقيقة واقعاً متاحاً للجميع”.

ما يتميز به مشروع “الصفات الظاهرية للإنسان” عن غيره من المشاريع البحثية هو نهجه الشامل والمتكامل الذي يأخذ في عين الاعتبار مقاييس بحثية متعددة ودقيقة تنظر في بيانات يدخل فيها: التاريخ الطبي، وأسلوب الحياة والتغذية، والمؤشرات الحيوية، والقياسات البدنية، وتحاليل الدم، ومراقبة مستويات الجلوكوز، والنوم، وأنواع مختلفة من التصوير الطبي، والتوصيف الجزيئي الشامل (بما في ذلك الترانسكريبتوم، والجينات، والميكروبيوم الفموي والمعوي والمهبلي، والتحليل الأيضي، والجهاز المناعي).

يهدف المشروع إلى توسيع نطاق تطبيقات الذكاء الاصطناعي عبر دمج هذه البيانات في ملف رقمي متكامل لكل مشارك، مما يتيح محاكاة التدخلات الطبية والتنبؤ بمسار صحة الأفراد وحالات مرضهم فيما يُعرف بمفهوم “التوأم الرقمي” الشخصي.

وفي ذات الصدد – أوضح البروفيسور إران سيغال من جانبه قائلاً: “إن المقاربة الشاملة التي يتبعها مشروع ’الصفات الظاهرية للإنسان‘ ، والتي تجمع بين بيانات معمّقة وغير مسبوقة وتقنيات الذكاء الاصطناعي المتطورة، تضعنا في موقع ريادي لتحويل مفاهيم الطب الدقيق والوقائي، حيث نتمكن من ابتكار نماذج رقمية مخصصة تحاكي الاستجابات الصحية للفرد وتتيح التنبؤ الدقيق بمسارات تطور وضعه الصحي المستقبلي”.

وأضاف: “إننا، من خلال هذا المشروع، نكتشف رؤى جديدة حول التنوع في الخصائص البشرية عبر الفئات العمرية والإثنية المتنوعة والمختلفة، ونعيد تقييم الطرق التقليدية للتشخيص من خلال وضع معايير أكثر دقة. كما تمكننا طبيعة البيانات التي نعتمد عليها من تتبع التغيرات والكشف عن العلامات المبكرة للتدهور الصحي؛ وهو ما يمثل ركيزة وأساساً قوياً لتطوير طب دقيق حقيقي”.

أبرز النتائج البحثية للمشروع المنشورة في “نيتشر ميديسن“:

  • تسليط الضوء على تنوع الصفات الظاهرية عبر الفئات العمرية والإثنية: كشفت تحليلات المشروع عن اختلافات ملحوظة في العادات الغذائية وأنماط الحياة ونتائج الفحوصات الدموية بين الفئات العمرية والإثنية المختلفة، مما يؤكد أهمية بناء معايير مخصصة لكل فئة.
  • تحدي طرق التشخيص التقليدية: بفضل التحليل العميق للخصائص السريرية والجزيئية، يعيد المشروع تقييم طرق التشخيص التقليدية. فقد أظهرت، على سبيل المثال، بيانات تتبع معدلات الجلوكوز المستمرة تقلبات كبيرة في مستويات الجلوكوز الصيامية اليومية، مما أدى إلى إعادة تصنيف 40% من الأفراد الذين كانت مستويات الجلوكوز لديهم “طبيعية” كمرضى في مرحلة ما قبل السكري، وهي نتائج لا يمكن الوصول إليها من خلال عمليات التشخيص العادية.
  • التمييز بين العمر الزمني للإنسان وعمره البيولوجي: قدَّم المشروع رؤى مهمة حول الفرق بين العمر الزمني (عدد السنوات) والعمر البيولوجي (حالة الجسم الفعلية)، وذلك باستخدام نماذج تعلم الآلة التي تعتمد على قياسات الجهاز القلبي الوعائي وبيانات التعبير الجيني RNA-seq، والتي تبين من خلالها أن الأفراد الذين يعانون من شيخوخة بيولوجية متسارعة يظهرون مؤشرات سريرية أسوأ – مثل ارتفاع الدهون الثلاثية، وزيادة جلوكوز الدم، وارتفاع الدهون الحشوية، وارتفاع الهيموغلوبين السكري التراكمي HbA1c ، مما يجعل الشيخوخة البيولوجية مؤشراً قوياً للمخاطر الصحية.
  • الكشف عن بصمة الأمراض المرتبطة بالميكروبيوم: مَكَّن المشروع البحثي، بفضل قاعدة البيانات الكبيرة والمفصلة، من التحديد الدقيق لمجموعات الأمراض المرتبطة بالميكروبيوم، حيث إنه ساعد في تعيين مجموعات ميكروبات فريدة مرتبطة بحالات مرضية مثل: سرطان الثدي، والتهاب الأمعاء، وبطانة الرحم المهاجرة. كما أظهرت نتائج البحث اختلافات كبيرة في أنواع بكتيرية معينة بين المرضى والأصحاء.
  • وضع فرضيات مخصصة لتفسير أسباب ظهور الأمراض: تمكن الباحثون من خلال دمج بيانات التمثيل الغذائي مع بيانات المشروع المتنوعة من صياغة فرضيات مخصصة لتفسير أسباب ظهور الأمراض – فبالنسبة لمرضى سرطان البنكرياس، تمكن المشروع من تحديد العوامل المسببة لانحرافات التمثيل الغذائي مما أظهر أن الآليات الأيضية التي تقود تطور المرض قد تختلف بشكل كبير بين الأفراد رغم التشابهات السريرية، مما يؤكد الحاجة إلى استراتيجيات علاجية مخصصة.
  • قياس أثر أسلوب الحياة على الصحة: كشف المشروع البحثي أيضاً وبشكل منهجي من خلال جمع بيانات شاملة عن أنماط الحياة، بما في ذلك تقييمات غذائية موسعة (بواقع أكثر من 3 ملايين وجبة) والنشاط البدني، العلاقات بين عوامل نمط الحياة والنتائج الصحية. كما أظهرت النتائج أن استهلاك الأطعمة المعالجة يرتبط ارتباطاً وثيقاً ببعض الحالات الصحية (مثل زيادة مؤشر كتلة الجسم، وارتفاع ضغط الدم، وانخفاض تنوع ميكروبيوم الأمعاء)، فيما بينت النتائج البحثية ارتباط الأنظمة الغذائية مثل نظام البحر الأبيض المتوسط الغذائي، وPaleo، والنظام الغذائي النباتي، والنظام الغذائي النباتي الصرف بمؤشرات صحية إيجابية.
  • تطوير نماذج ذكاء اصطناعي متعددة الوسائط للصحة: تمكن المشروع البحثي بفضل ما يتوفر عليه من قواعد بيانات غنية من تطوير نماذج ذكاء اصطناعي متقدمة، مثل نموذج COMPRER الذي يجمع بين القدرة على تصوير قاع العين وفحص الموجات فوق الصوتية للشريان السباتي بما جعله يتفوق على الطرق التشخيصية الحالية والتنبؤ بأمراض القلب والأوعية الدموية. كما تمكن فريق المشروع البحثي من تطوير نموذج GluFormer، وهو نموذج أساسي للتحكم في الجلوكوز تمكن من التنبؤ بأي الأفراد المصابين بحالة ما قبل السكري وحالات الأشخاص الأكثر عرضة لمرض السكري بفعالية أكثر من الإجراءات الطبية الاعتيادية.

أخبار ذات صلة

thumbnail
Wednesday, May 28, 2025

كلمة رئيس الجامعة بمناسبة تخريج دفعة عام 2025

دعوني هنا أقول – بل وأؤكد – أن البشرية لم تشهد منذ فجر الثورة الصناعية ولا منذ.....

  1. commencement 2025 ,
  2. graduation ,
  3. alumni ,
  4. Eric Xing ,
  5. Class of 2025 ,
  6. commencement ,
  7. president ,
  8. address ,
  9. speech ,
اقرأ المزيد