فهم حالات انعدام نشاط الجينات داخل شبكاتها

Wednesday, May 08, 2024

دراسة كيفية تنظيم وتسلسل الجينات يمكنها أن تساعد في إماطة اللثام عن خَبايا مِيكانيزمات بيولوجية حيوية، مثل: التمايز الخلوي وتطور الكائنات الحية. كما يمكنها أن تساعدنا في تحصيل فهمٍ عن سبب أو مصدر الأمراض والطرق التي يمكن من خلالها للعلماء العمل على تطوير أدوية مناسبة لعلاجها.

لكن توخي التوصل إلى فهمٍ ونتائجَ عملية من خلال دراسة الجينات هو عملية معقدة. ويرجع السبب في هذا التعقيد جزئياً إلى كون أن دراسة الجينات بشكل مباشر قد تَمنح العلماء معلومات قيمة، غير أن نطاقها العملي أو التطبيقي يبقى محدوداً.

وثَمَّة، في هذا الصدد، تشبيه شائع يُشَبِّه الجينات بمخطط منزل — بمعنى أنها [الجينات] تكشف لك عمَّا هو ممكن، لكنها لا تطلعك فعلياً عن الغرف التي تم بناؤها أو عن حالة المنزل في وقت معين. ويلجأ العلماء، بسبب هذا، إلى النظر فيما تنتجه الجينات – بما في ذلك حمض الريبونوكلييك (RNA) والبروتينات – لجمع ما يُعرف بـ “بيانات التعبير الجيني” التي تمكنهم من التمييز بين الجينات النشطة والجينات غير النشطة (الصامتة).

واعتماداً على نهج يعرف باسم استنتاج شبكة تنظيم الجينات، يمكن للعلماء تحليل حمض الريبونوكلييك (RNA) واستنتاج كيفية تأثير الجينات على بعضها البعض اعتماداً على طرق إحصائية.

وأوضح غونغسو لو، طالب الدكتوراه في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، أن السبب في اعتماد نهج استنتاج شبكة تنظيم الجينات “يرجع إلى الطبيعة السببية للعلاقة بين هذه الشبكات” التي تتفاعل فيها الجينات مع بعضها وتؤثر على التعبير الجيني، ولذا – يقول لو – أن “العلماء يطمحون إلى فهم الكيفية التي يؤثر بها جين على آخر وكيف يمكن أن يؤدي ذلك إلى مرض.”

يذكر أن غونغسو لو هو أحد مؤلفي الدراسة الحديثة التي تقترح طريقة إحصائية جديدة لتحليل البيانات المستخدمة في استنتاج شبكة تنظيم الجينات. ويشار إلى أن الدراسة هي ثمرة لتعاون بين باحثين من جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، وجامعة كارنيجي ميلون، ومعهد برود في معهد ماساشوستس للتكنولوجيا، وهارفارد.

سيتم تقديم الدراسة المذكورة كمحاضرة ضمن فعاليات المؤتمر الدولي الثاني عشر لتعلم التمثيلات (ICLR 2024). يذكر أن الدراسة هي من بين 39 دراسة أخرى يقدمها خبراء من جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي خلال المؤتمر. كما يشار إلى أن د. كون زانغ – أستاذ ورئيس قسم تعلم الآلة بالإنابة ومدير مركز الذكاء الاصطناعي التكاملي (CIAI) في الجامعة نفسها – أسهم أيضاً في هذه الدراسة.

يعتمد نهج استنتاج شبكة تنظيم الجينات على تحليل البيانات الناتجة عن تقنية تحليل تسلسل حمض الريبونوكلييك (RNA-seq) من خلية واحدة. وباستخدام هذه الطريقة، يتم تحليل هذا الحمض (RNA) الموجود في خلية واحدة، مما يوفر لمحة عن الجينات النشطة وقت التحليل. وعندما يرى العلماء أن حمض الريبونوكلييك (RNA) يتم إنتاجه على مستوى خلية معينة – والمعروف بقيمة التعبير الجيني – يمكنهم استنتاج أن الجين المقابل الذي ينتج حمض الريبونوكلييك (RNA) نشط.

يمكن لقيم التعبير أيضا أن تكون منعدمة (صفرية)، مما يعني عادةً أن الجين ليس مُعبَراً عنه. ومع ذلك، فإن التحليل يتعقد بسبب أن النتائج الصفرية المُعبَّر عنها يمكن أن يكون مردها لسببين: أولهما لأن الجين غير معبر عنه، وثانيهما بسبب مشاكل فنية — قد تكون قيمة التعبير الجيني منخفضة جداً كي يتم تسجيلها أو قد تكون الآلة التي تقوم بتحليل التسلسل قد تخطتها أو قامت بـ “إسقاطها” ((Dropout.

ويوضح لو أن سبب ارتفاع نسبة الجينات غير المعبر عنها راجع إلى تقنية تحليل تسلسل الريبونوكلييك (RNA) ذاتها التي تعتبر تقنية حديثة نسبيا وتُظهر الكثير من النتائج الصفرية، غير أنه رغم هذا – يضيف لو – أن البيانات توضح أن النهج الذي يتبع فريق عمله يمكن أن يساعد في معالجة هذه المشكلة.

في مقابل هذه الطريقة التي طورها لو وزملاؤه، دائما ما كان الخبراء يعتمدون طريقة “التقدير” لفهم بيانات تحليل تسلسل حمض الريبونوكلييك (RNA-seq) التي تحتوي على نسبة عالية من النتائج الصفرية التي يتم – وفق هذا النهج [ نهج التقدير] – استبدالها بقيم مقدرة أو متوقعة استناداً إلى البيانات المتاحة. ولكن– لو يوضح – أن التوزيع يتغير بمجرد سدك تلك النواقص، وبالتالي “لا يمكنك أبدًا تقييم التوزيع الحقيقي للجينات”.

وجد لو وزملاؤه أنه باستخدام نهجهم، الذي يسمونه “نموذج الإسقاط السببي”، لا يحتاجون إلى معرفة ما إذا كان الصفر ناتجاً عن عدم تعبير الجين أو خطأ فني.

باستخدام نموذجهم، وجد لو وزملاؤه أن العلاقة الشَّرطِية المستقلة على البيانات غير المفقودة تتماشى مع تلك الموجودة في البيانات التي تتبع التوزيع الحقيقي، ما يعني أنهم استطاعوا الوصول إلى العلاقة السببية الحقيقية اعتماداً على طرق إحصائية مثل “الحذف وفقاً لاختبار” (Test-wise deletion). ويمكن، من خلال هذا النهج، استخدام حتى بيانات التعبير الجيني التي تحتوي على عدد كبير من الإسقاطات [أصفار].

أوضح لو، في هذا الصدد، أن: “إذا تمكنا من فهم العلاقات السببية بين الجينات بشكل أفضل، فقد يتمكن العلماء من إنتاج أدوية تؤثر على الجينات التي تسبب المرض، غير أنه إذا لم تكن هناك علاقة سببية حقيقية بين الجينات، قد لا ينجح التدخل، ولهذا السبب نحتاج إلى أداة يكون تركيزها على كشف العلاقة السببية بين الجينات”.

أخبار ذات صلة

thumbnail
Thursday, January 23, 2025

توقع إنتاج المحاصيل في ظل التغيرات المناخية والأحوال الجوية الاستثنائية

الدكتور فخري كراي يسهم في تطوير نموذج إحصائي جديد قد يساعد في تحسين مستويات الاستدامة وجودة النظم.....

  1. التوقعات ,
  2. الغداء ,
  3. البيئة ,
  4. المناخ ,
  5. الإحصائيات ,
  6. الاستدامة ,
  7. تعلّم الآلة ,
اقرأ المزيد
thumbnail
Wednesday, December 25, 2024

مبادئ تعلم الآلة 101

خوارزميات تعَلُمِ الآلة – نُظم قادرة على اتخاذ القرارات أو تقديم التوقعات من خلال تحليل مجموعات ضخمة.....

  1. البحوث ,
  2. التنبؤ ,
  3. التعلم العميق ,
  4. الخوارزميات ,
  5. تعلّم الآلة ,
اقرأ المزيد