أعلن فريق من الباحثين في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي عن تطوير منصة جديدة مدعومة بالذكاء الاصطناعي تحمل اسم “داتا وايز” (Data Wise)، تهدف إلى إحداث تحول جذري في مجال تحليل البيانات، وجعل الفهم المتقدم لها متاحاً بضغطة زر لقادة ورواد الأعمال.
المنصة التي طورها كل من فرخاد أكيموف، خريج الماجستير في قسم تعلم الآلة، والدكتور زنجير إكلاسوف، أستاذ مساعد في القسم نفسه، إلى جانب المهندس الباحث موناتشيسو نواديكي، تعتمد على أنظمة ذكاء اصطناعي مصممة خصيصاً للتفكير والاستنتاج تساعدها على تحويل البيانات الأولية إلى توصيات عملية وتوجيهات استراتيجية يمكن أن تدعم صناعة القرارات في قطاع الأعمال.
تتميز المنصة بمرونتها وقدرتها على التكيف مع متطلبات واحتياجات قطاعات مختلفة – وعن هذه الميزة يوضح نواديكي أن “الهدف الأساسي من تطوير هذه المنصة هو محاكاة منهجية عالم البيانات الذي يجد نفسه سواء أمام أرقام أو نصوص أو صور يُطلب منه تحليلها وتحديد الخطوات القادمة؛ وهذا بالضبط ما تقوم به منصة ’داتا وايز‘ التي تساعد الشركات على فهم ما سيحدث اعتماداً على نماذج تنبُئية“.
ولا تقتصر مرونة منصة “داتا وايز“ على خدمة الشركات الناشئة التي تفتقر إلى فرق متخصصة في تحليل البيانات، بل تمتد لتشمل المؤسسات الكبرى أيضاً، مما يجعلها أداة استراتيجية في مختلف بيئات الأعمال.
ويتابع نواديكي، في سياق متصل، قائلا: “ما أردنا تحقيقه، بالنظر إلى الكم الهائل للبيانات المتاحة للمؤسسات والشركات، هو تطوير نظام يمكّن القادة من اتخاذ القرارات بسرعة دون الحاجة إلى انتظار مدخلات الفرق التقنية، ومنصة ’داتا وايز‘ تتيح لأي شخص – ليس فقط علماء البيانات – هذه الإمكانية من خلال تمكينها للمستخدمين من اختبار الفرضيات واكتشاف الأنماط في البيانات واتخاذ القرارات اعتمادا على منصة واحدة“.
فرخاد أكيموف
في الوقت الذي يعرف فيه حجم البيانات تزايداً بمعدلات غير مسبوقة، يبقى نقص المحللين المؤهلين أكبر عائق أمام الاستفادة من هذه الثروة الرقمية؛ ففي الولايات المتحدة وحدها، يتجاوز العجز الحالي 250 ألف عالم بيانات، وتشير تقديرات شركة ماكينزي إلى أن الطلب على هؤلاء سيفوق العرض بنسبة تصل إلى 50% بحلول عام 2026 – أما في الإمارات ودول الخليج، فتبدو الأزمة أكثر حدة وإلحاحاً.
تقرير كوبر فيتش، في هذا السياق، يشير إلى أن علم البيانات يأتي ضمن المهارات العشر الأكثر ندرة في سوق العمل الإماراتي. كما أكدت إلى جانب هذا دراسة مشتركة بين ستراتيجي آند ولينكدإن أن المحترفين الرقميين في دول مجلس التعاون يتفوقون عادة في المهارات الشخصية والإدارية، لكنهم يفتقرون بوضوح إلى الخبرات التقنية المتقدمة، وعلى رأسها علم البيانات. وقد أشارت أيضاً دراسة مهارات الرقمنة 2022-2023 في دبي تحديداً إلى أن البيانات والذكاء الاصطناعي يشكلان أبرز الفجوات في القوى العاملة المحلية.
وفي ظل هذا النقص المتنامي، تتسارع وتيرة الطلب عالمياً، حيث يُتوقع أن يقفز سوق التحليلات المعززة من 29.81 مليار دولار في 2025 إلى 102.78 مليار دولار بحلول 2030. ويؤكد هذا النمو الهائل أن الحاجة إلى حلول ذكاء تحليلي مرنة وقابلة للتشغيل السريع لم تعد خياراً، بل أصبحت ضرورة لا مفر منها.
زنجير إكلاسوف
تقدم منصة “داتا وايز” تجربة تحليل بيانات متكاملة عبر ثلاث خطوات رئيسية:
تولّد المنصة أفكاراً أو “فرضيات” لتفسير الأنماط التي تتم معاينتها في البيانات، ثم تقوم باختبار تلك الفرضيات للوصول إلى أفضل الخلاصات الممكنة. وتعتمد المنصة – للوصول إلى هذه الاستنتاجات – على مجموعة من نظم الذكاء الاصطناعي المساعد في شكل نماذج لغوية كبيرة تعمل بالتوازي.
ويوضح أكيموف الذي شكلت أطروحته تحت إشراف مارتن تاكاتش الأساس الذي طورت استناداً إليه المنصة أنه “بدلاً من تزويد المستخدم بأداة يثرك له فيها أمر فهم شيفرة البيانات وفكها، فإن منصة ’داتا وايز‘ تقوم بإدارة عملية تحليل البيانات بالكامل من بدايتها إلى نهايتها، اعتماداً على نظم الذكاء الاصطناعي المساعد“.
وتمتاز المنصة أيضاً عن غيرها بقدرتها على تقديم إجابات مدعومة بشروحات مكتوبة بلغة بسيطة. كما أنها تقوم، بفضل نظم الذكاء الاصطناعي المساعد المجهزة بها، بوضع برمجتها بنفسها، وإجراء التشخيصات، وتطلب كذلك بيانات إضافية في حال كانت هذه الأخيرة ضعيفة ولا تكفي للوصول إلى خلاصات دقيقة.
وحديثاً عن نقاط قوة منصة “داتا وايز” أوضح الدكتور إكلاسوف أن “معظم المنصات – حتى القوية منها مثل Tableau أو Vertex AI – تركز على أتمتة سير العمل لعلماء البيانات وليس لصنّاع القرار، بينما منصة ’داتا وايز‘ قد تم تطويرها بهدف تمكين أصحاب الأعمال – وليس فقط المتخصصين – من الوصول إلى ’السبب‘ الحقيقي وراء البيانات في حد ذاته“.
ومن جانبه تابع أكيموف شارحاً أن “جوهر الأمر المبتكر في منصة ’داتا وايز‘ يكمن في الكيفية التي تحول بها المنصة البيانات إلى قرارات وتوجيهات استراتيجية عملية باستخدام نماذج لغوية كبيرة قادرة على تشغيل أكواد Python وR تساعد على كشف ليس فقط الأنماط الخفية وراء البيانات وتحديد الارتباطات والعلاقات السببية واكتشاف الحاجة لبيانات إضافية، بل أيضاً تقدم التحليلات بسرعة بدلاً من الاضطرار إلى انتظار النتائج التي سيتوصل إليها فريق عمل متخصص بعد أيام من العمل“.

موناتشيسو نواديكي
بهدف التحقق من كفاءتها، قام الفريق باختبار المنصة بمقارنة أدائها بأداء نخبة من المتخصصين على منصة Kaggle – المنصة العالمية الرائدة في مسابقات علم البيانات – باستخدام مجموعات بيانات متنوعة تشمل معدلات فقدان العملاء، المخاطر الصحية، تسعير الألماس، وقيم السيارات المستعملة. وقد أثبتت المنصة تفوقها على الحلول التي طورها الخبراء في جميع الحالات.
منصة ’داتا وايز‘ متوفرة حالياً كنسخة تجريبية على منصة خدمات أمازون ويب (AWS)، حيث يمكن للمستخدمين استكشاف وظائفها الأساسية لأغراض الاختبار والعروض التوضيحية. يذكر أن آخر تحديثاتها تشمل لوحات المعلومات التفاعلية وإمكانية إنشاء التقارير وتنزيلها مما يجعل قراءة الخلاصات وفهمها ومشاركتها أمرا سهلا.
ويقول إكلاسوف: “نحن نتصور أن منصة ’داتا وايز‘ ستفتح آفاقًا جديدة لصنّاع القرار في مختلف القطاعات – سواء في التنبؤ بعودة دخول المرضى إلى المستشفيات أو تحسين ميزانيات التسويق أو خفض تكاليف المخزون في التصنيع –هدفنا هو جعل الاستراتيجية الاستباقية القاعدة وليس خياراً“.
انبثقت فكرة منصة “داتا وايز“ من مركز حضانة وريادة الأعمال في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، وهو مركز يجمع بين الخبرة التقنية في الذكاء الاصطناعي وفهم ديناميكيات السوق المحلي، مع رؤية تجارية واضحة هدفها دعم الابتكار. وقد حصل الفريق المطوّر على منحة لدعم تطوير المنصة، إلى جانب حصوله على التوجيه في مجال ريادة الأعمال والمساعدة في تقديم طلب براءة اختراع مؤقتة، ما ساهم بشكل كبير في تحديد مسار الشركة الناشئة وتطوير المنتج.
وعن الشركة الناشئة أوضح أكيموف أن “الفريق يعمل دائماً على تحسين ما تقدمه المنصة من خدمات. كما يعمل بشكل متواصل على تطوير النسخة التجريبية لتصبح أكثر كفاءة وقدرة على فهم بيانات الشركات والتكيف مع احتياجاتها بشكل آمن وشفاف“.
ويتابع من جانبه نواديكي قائلا: “نرى أن علم البيانات ينتقل من نطاق لوحات المعلومات الجامدة إلى محادثات تفاعلية بفضل تقنيات توليدية تفهم الأكواد والسياق الواقعي ننتقل معها إلى عصر جديد من التطور والتقدم التقني الذي سيصبح معه قادة الأعمال قادرين على التفاعل المباشرة مع البيانات إدارتها والاستفادة منها بكل ثقة“.
إن التطور الذي يعرفه هذه الرؤية تتماشى مع التوجه العالمي نحو الذكاء الاصطناعي القابل للتفسير ودعم اتخاذ القرار بشكل مستقل. وقد بلغت قيمة سوق هذا النوع من الذكاء الاصطناعي 6.2 مليار دولار في 2023، ومن المتوقع أن تصل إلى 39.6 مليار دولار بحلول 2033.
استضافت جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، بالتعاون مع مؤسسة أبوظبي للموسيقى والفنون، النسخة الرابعة من مبادرتها.....
تم تقديم الجائزة إلى البروفيسور لي سونغ، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي للتكنولوجيا في GenBio AI وأستاذ تعلم.....
مركز حضانة وريادة الأعمال في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي يطلق "يوم بِلد إت للعروض التجريبية".....