في حوار أجراه مؤخراً، قدم البروفيسور إريك زينغ، رئيس جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي وعالم الحاسوب الأمريكي-الصيني، رؤيته حول أهمية التعاون الدولي المسؤول والشفاف في مجال تطوير تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، وعن ضرورة العمل جنباً إلى جنب مع جميع الشركاء العالم من أجل ضمان الريادة في مجال تطوير هذه التقنية.
وتفصيلا سألنا رئيس جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي – البروفيسور إيرك زينغ – عن رأيه في علاقات الجامعة وارتباطاتها، وكان أول أسئلتنا كالآتي:
كيف تدير الإمارات، من خلال الجامعة، علاقات التعاون الدولي في مجال تطوير الذكاء الاصطناعي وتُوافِقُ تدبيرها لهذه العلاقات مع التزامها بالمعايير الأخلاقية والأمنية؟
أعتقد أن استراتيجية الإمارات، التي تترجمها الجامعة، تُعد نموذجاً يُحتذى به في كيفية إدارة علاقات التعاون الدولي في مجال الذكاء الاصطناعي. وتجسّد جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي هذه الاستراتيجية باعتبارها مركزاً محايداً وآمناً للتعاون نسعى فيه إلى جذب الكفاءات والاستفادة منها في هذا المجال مع التزامنا بأعلى المعايير الأمنية والأخلاقية، وحرصنا على التزام هيئتنا التدريسية وطلابنا بأعلى معايير السلوك والشفافية والامتثال للسياسات. كما أننا في الجامعة ملتزمون بقيم ومبادئ التفكير الأكاديمي الحر على غرار أرقى الجامعات في الغرب.
هلا أطلعتنا عن موقف الجامعة فيما يخص مصالح الصين؟
لقد أظهرت الإمارات، بكل تأكيد، في السنوات الأخيرة اهتماماً متزايداً بالتقدم التكنولوجي وتنويع اقتصادها. ففي عام 2017، أصبحت الإمارات واحدة من أوائل الدول التي تعين وزيراً للذكاء الاصطناعي مما يعكس مدى اهتمامها بهذا المجال الذي تنظر إليه كعامل محوري في تحقيق النمو الاقتصادي بعيداً عن الاعتماد التقليدي على الوقود الأحفوري. وقد استثمرت الإمارات في تطور هذا المجال أيضاً في أمريكا التي اعترفت بدورها المهم في تشكيل مستقبل الذكاء الاصطناعي.
وأود الإشارة هنا إلى أن الجامعة، التي تحمل اسم الشيخ محمد بن زايد آل نهيان – رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، قد تأسست في عام 2019 بموجب مرسوم حكومي بهدف دعم رؤية البلاد في مجال الذكاء الاصطناعي؛ والقول إن جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي هي نتاج لما يُسمى بالتأثير الصيني، هي فكرة تضرب استراتيجية الإمارات طويلة الأمد المتوافقة مع رؤية الولايات المتحدة عرض الحائط وتشوه سمعة البلاد.
وعلى صعيد آخر فإن الدعوة التي تلقيتها من مجلس أمناء الجامعة، برئاسة د. سلطان الجابر، والرئيس المؤقت البروفيسور السير مايكل برادي من جامعة أكسفورد، لتولي مهام رئيس الجامعة الأول في عام 2020 كان بهدف دعم إرساء أسس الجامعة بما يجعلها تكون مرجعاً للبحوث التحويلية، ومقصداً لأفضل العلماء والمهندسين في علوم الحاسوب، وحاضنة لتطوير التقنيات المتقدمة والشركات الناشئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ومنذ تعييني، عملت الجامعة باستقلالية وحرية كاملة فيما يتعلق بإجراء البحوث الرائدة وتدريب الجيل القادم من المواهب. وتحت القيادة الفعلية للدكتور سلطان الجابر ودعم حكومة دولة الإمارات الكامل، لم يسبق لي التعامل مع الحكومة الصينية أو الشركات الحكومية بشأن سياسات الجامعة أو الشراكات أو الرعايات خلال فترة عملي على رأس الجامعة، ولو كان الأمر بخلاف هذا، لما كنت قد قبلت لتولي مسؤوليات هذا المنصب.
في نظرك ما هي المخاطر المحتملة أو العواقب السلبية التي يمكن أن تترتب عن التعاون الدولي في المجال البحثي؟
قد تؤدي، في تقديري، الأجواء المشحونة بالشكوك إلى تقويض الشراكات البحثية الدولية المهمة، وإلى استهداف الأفراد بشكل فيه نوع من عدم الإنصاف بناءً على اعتبارات عرقية أو اعتبارات مرتبطة بمسار الأشخاص التعليمي أو انتماءاتهم الوطنية.
وينبغي هنا أن أشير إلى علاقات الشراكة التي تربط جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي مع شركات مثل “أيه بي إم” و”ميتا” والجامعات الأمريكية هي علاقات تتميز بشفافيتها الكاملة واحترامها لجميع اللوائح ذات الصلة؛ والقول إن هذه الشراكات قد تعرض مصالح الأمن القومي الأمريكي للخطر هو ادعاء لا أساس له ويتجاهل التدابير الصارمة التي نتبعها.
وعلى عكس ما قد يخطر ببال البعض، فإن هذه الشراكات تشكل قنوات مهمة لنقل الثقافة والقيم الأمريكية، خاصة عندما نتحدث عنها من خلال العلم والبحث الأكاديمي. كما أنها [الشراكات] تسهم في بناء علاقات قوية بين الولايات المتحدة والإمارات، ولعل أبرز ما يشير إلى قوة هذه العلاقات ما تلقته الجامعة من دعم وتشجيع من طرف العديد من الدبلوماسيين الأمريكيين والمسؤولين الحكوميين والمشرعين الذين أشادوا بما نقوم به.
الواقع أن ما نحن بحاجة إليه ليس حالة الشك والارتياب، بل نحن بحاجة إلى مساحة آمنة لتعزيز التعاون الدولي. ويتطلب تحقيق هذا وضع ضوابط واضحة للشراكات البحثية، وحماية قوية ومتكاملة ضد محاولات النقل غير المرخص للتكنولوجيا، بالإضافة إلى إرساء ثقافة الشفافية والسلوك الأخلاقي فيما يتعلق بالأبحاث في مجال الذكاء الاصطناعي.
كيف ترُد على المخاوف بشأن علاقات الجامعة مع الصين، وخاصة منها تلك التي تمر عبر الهيئة التدريسية؟
دعني أقول لك أن علاقات عملنا العديدة مع أشخاص ذووا ارتباطات صينية، سواء أكان ذلك من خلال عدد من الأوراق البحثية أو التعامل معهم بصفتهم استشاريين – على غرار دوري أو دور علماء من أكسفورد ومعهد ماساتشوستس للتقنية – هي ممارسة سائدة بين الأكاديميين الرائدين في العالم. ولا تعني هذه الروابط أن تمت هناك تأثير أجنبي أو نقل للتكنولوجيا بشكل غير مَشروع. ويجب أن أشير، في هذا الصدد، إلى أن الجامعة وهيئتها التدريسية وأنا شخصياً، وعلى مدى عقود، كانت لنا علاقات أكاديمية طبيعية مع زملاء ومؤسسات عالمية.
ما الدور الذي يضطلع به مجلس الأمناء في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي؟
يتألف مجلس أمناء الجامعة من قادة عالميين ينتمون إلى الأوساط الأكاديمية وقطاع الصناعة، وهم شخصيات بارزة في مجال الذكاء الاصطناعي ولهم علاقات دولية متعددة وأنشطة مهنية متنوعة. بعض أعضاء هذا المجلس يعملون كأعضاء في هيئات تدريسية في جامعات عالمية، وهم يسهمون في ضمان أداء الجامعة لمهمتها.
عملهم في الجامعة هو بدوام جزئي وعادةً ما يكون عملهم فيها جزءاً من عدة التزامات أخرى. ووفقاً لسياسات تضارب المصالح الصارمة، فإن علاقاتهم مع مؤسسات أخرى لا تؤثر على أدوارهم كأعضاء ضمن مجلس أمناء الجامعة أو تشكل أي خطر مرتبط بنقل التكنولوجيا.
ما إمكانات وصول الجامعة إلى الشرائح المحظور تصديرها إلى الصين؟
حصلنا على الشرائح التي نمتلكها بشكل قانوني وفي امتثال كامل للضوابط الأمريكية المرتبطة بالصادرات. كما أن ضوابط الوصول لهذه الموارد من طرف الهيئة التدريسية والباحثين والطلاب لدينا هو مشابه لما يتمتع به الطلاب الدوليون في الجامعات الأمريكية. مشاريعنا أيضاً مفتوحة المصدر، وضوابط الوصول إلى منشآتنا تتسم بصرامتها. علاوة على هذا، لا تشمل أي من شراكاتنا مع شركات التكنولوجيا الأمريكية أي شكل من أشكال نقل التكنولوجيا على نحو غير ملائم.
هل تحصل على أي تمويل حكومي أمريكي يدعم البحوث التي تشارك فيها؟
نعم، أتلقى تمويلاً حكومياً أمريكياً مقابل عملي في الولايات المتحدة كأستاذ في جامعة كارنيجي ميلون، وليس عن عملي في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي. ويشكل هذا جزءاً أساسياً من عملي لدى جامعة كارنيجي ميلون وهو أمر متوقع بالنسبة لكل عضو في هيئة تدريسية. وفضلا عن هذا، فإن تفاصيل عملي في كلتا المؤسستين تم الإفصاح عنه لدى الجهات والمؤسسات الممولة ذات الصلة وهذا إجراء اعتيادي بالنسبة للعلماء الدوليين.
لقد حصلت على جوائز، بما فيها جائزة “تشونغ قوان تسون للعالم المغترب الاستراتيجي”، هل لك أن تتحدث لنا عن هذه الجائزة؟
بالتأكيد! كانت هذه الجائزة اعترافاً شرفياً تلقيته لمرة واحدة خلال فعاليات وادي السيليكون عام 2017. تم رعاية هذه الجائزة بالشراكة مع حكومة مدينة في كاليفورنيا، وهي عبارة عن بطاقة مطبوعة لم تتضمن أي تعويضات أو سفر أو أي التزامات مستمرة أو لمرة واحدة. وقد حصل على الجائزة كذلك عدد من العلماء الأمريكيين-الصينيين البارزين الذين يعملون في الجامعات الأمريكية مثل ستانفورد وجامعة كاليفورنيا (بركلي)، ومعهد ماساتشوستس للتقنية.
والقول إن هذا الاعتراف التقديري ينطوي على التزامات سياسية أو أيديولوجية هو مبالغ فيه بشكل كبير. وأنا فخور بكوني مواطن أمريكي وقد بَنَيت مسيرة طويلة في المؤسسات الرائدة عبر البلاد. وتعكس قيادتي لجامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي خلفيتي الأكاديمية والتزامي القوي بالمعايير الأكاديمية الأمريكية، ومنهج التفكير العلمي الغربي الراسخ.
كلمة البروفيسور إريك زينغ رئيس جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي التي ألقاها خلال فعاليات حفل تخرج.....
وقّعت دائرة الصحة أبوظبي مذكّرة تفاهم مع جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي و"كور42" التابعة لشركة جي42.....
سلّط طلاب وخريجو جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي الضوء على مواهبهم الفريدة وتخصصاتهم التقنية أمام أكثر.....
اقرأ المزيد