بينما يُشكل تطوير التكنولوجيات الجديدة الجزء الأصعب لشركات ناشئة كثيرة، واجه فريق ’نوتريجينكس‘ مهمة أصعب تشرحها وفاء الغلابي قائلة: “بإمكان المرء تطوير حلول مُبتكر، غير أن الأهم هو تقديم حلول لاحتياجات حقيقية”، مضيفة “نحن لسنا بحاجة إلى حلول أفضل من حيث دقتها ونظم الذكاء الاصطناعي الخاصة بها فحسب، بل إننا أيضاً بحاجة إلى حلول عملية ومؤثرة، وهذا الأمر يدفعنا إلى التساؤل عن السبيل إلى جعل هذه الحلول مفيدة لجميع المستخدمين، من كبار السن إلى من يريدون تحسين لياقتهم البدنية؟ وكيف يمكننا فهم احتياجات الجميع؟”.
وجدت وفاء الغلابي وأومكار ثوكار، وهما طالبا دكتوراة في الرؤية الحاسوبية في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، تطبيقاً عملياً لدراستهما الأكاديمية يتمثل في استخدام الذكاء الاصطناعي لإحداث تحول في علم التغذية عبر شركتهما الناشئة المبتكرة “نوتريجينكس”، التي فازت مؤخراً في يوم عرض الأفكار الذي عقد في ’مركز حضانة وريادة الأعمال التابع للجامعة بتمويل من “مركز مايكروسوفت لمؤسسي الشركات الناشئة”، تستعد لإحداث تغيير جذري في كيفية تعاملنا مع صحتنا.
لاحظت وفاء الغلابي وأومكار ثوكار وجود إمكانية كبيرة لتحسين الرعاية التي يقدمها خبراء التغذية بعدما شعر أفراد أسرتيهما بخيبة الأمل من الرعاية التي تلقوها. وكشفت أبحاث أخرى على بيانات المستشفيات أن أخصائيي التغذية ينجحون في تحسين صحة المرضى في 20% فقط من الحالات، حيث يواجه المرضى صعوبة في الالتزام بخطط وجبات عامة، ولا يستطيع أخصائيو التغذية متابعة العلاج أو تعديله بشكل فعال.
أسست الغلابي وثوكار منصة “نوتريجينكس” لسد الفجوة بين نصائح التغذية والعادات الغذائية اليومية. وتستند المنصة على 200 ألف وصفة عالية الجودة، ما يسمح بالتخطيط للوجبات بشكل دقيق ومخصص. وقد تم الحصول على الوصفات من مدونين جرى اختيارهم بعناية، وتولى فريق من خبراء التغذية مراجعتها وتصنيفها وإضافة معلومات غذائية محددة عليها مثل “قليلة الملح” أو “غنية بالألياف”.
تلبي خطط الوجبات التي توفرها “نوتريجينكس” مجموعة أوسع من التفضيلات الغذائية بدلاً من الاقتصار فقط على البروتين والكربوهيدرات والدهون، وتوفر للمستخدمين وصفات من 28 مطبخاً، بما في ذلك وصفات خالية من منتجات الألبان، ووصفات خالية من الغلوتين، ووصفات متوافقة مع “نظام الكيتو”، ووصفات خالية من أغذية محددة مثل الطماطم أو المحار.
ولا تتوقف الخيارات عند هذا الحد، حيث أدرك فريق العمل أن تخطيط الوجبات قد لا يوفر للمرضى المرونة التي يرغبونها، فأنشأ نموذجاً لغوياً بصرياً يسمح للمستخدمين بتحميل صور وجباتهم لتحليلها بواسطة الذكاء الاصطناعي. وبإمكان النموذج اللغوي البصري التنبؤ بالمحتوى الغذائي والمكونات الرئيسية والتصنيفات الغذائية مثل “قليل الملح” بدقة تبلغ 70%، وهي نسبة تزيد بأكثر من الضعف على دقة أبرز النماذج المنافسة. كما يمكن للمستخدمين استخدام النموذج اللغوي لطرح أسئلة حول مكونات الوصفة أو طريقة إعدادها أو النشاط البدني الذي يوصى به إلى جانبها.
ومن خلال الحساب الدقيق لما يأكله المرضى فعلياً، تسمح منصة “نوتريجينكس” لأخصائيي التغذية بمتابعة النظام الغذائي بفعالية أكبر واقتراح تعديلات أفضل لخطط الوجبات.
حصل الطالبان على توجيهات من الدكتور مزمل نصير، والدكتور سلمان خان، والدكتور فهد خان الأساتذة في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي. كما قدم لهما مركز حضانة وريادة الأعمال في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي دعماً كبيراً ومستمراً في رحلتهما حتى الآن من خلال المنح وورش العمل والحوارات وفرص التعارف والمساعدة في عرض الفكرة أو صياغة نموذج الأعمال. كما ساعد المركز في الربط بين فريق “نوتريجينكس” وبرنامج مركز مايكروسوفت لمؤسسي الشركات الناشئة، حيث تلقى الفريق إرشاداً فنياً وتمويلاً من شركات مثل “أوبن أيه آي”، ما ساعده في تحسين المنصة وتجهيزها للإطلاق في السوق.
وما زال الفريق يرى نفسه في مرحلة التعلم، وإن كان ثوكار يقول إنه “يتعلم بسرعة”. ولكن الدكتور خان يدعو الفريق إلى التأمل في مدى التقدم الذي حققه حتى الآن، قائلاً: “هذا جهد رائع بالنظر إلى أن الطالبين ما زالا في مرحلة مبكرة من دراستهما لنيل درجة الدكتوراة”.
وفيما يتعلق بالخطط المستقبلية، ترغب وفاء الغلابي وأومكار ثوكار في زيادة عدد الوصفات المصنفة، ولكن مع المحافظة على الجودة. كما سيواصلان العمل على سد الفجوة بين ما يأكله الشخص فعلياً وما هو محدد في خطة الوجبات. قد يتم هذا من خلال تتبع التغييرات التي يجريها المستخدم على الوصفة أو استخراج هذه المعلومات من صورة المكونات. فالفريق يسعى في نهاية المطاف إلى تمكين نموذج الذكاء الاصطناعي “نوتريجينكس” من التنبؤ بشكل مستقل بالمحتوى الغذائي بدلاً من الاعتماد على الحسابات اليدوية، وذلك بهدف رفع نسبة تحسن صحة المريض من 20% إلى 80%.
ويأمل الباحثان أيضاً في حماية المرضى من الأمراض المستقبلية من خلال تتبع النظام الغذائي بدقة أكبر. على سبيل المثال، إذا أصيب المريض بارتفاع ضغط الدم وكان لديه سجل دقيق للطعام الذي تناوله على مدار العام، فقد يتمكن الطبيب من تحديد العناصر التي يمكن تعديلها بسهولة. وتوضح الغلابي ذلك بقولها: “من خلال إجراء تغييرات محددة على نظامك الغذائي، قد يمكنك علاج جسمك دون الحاجة لتناول أدوية إضافية”.
لن تعمل “نوتريجينكس” على تعزيز الشراكة بين أخصائي التغذية والمريض فحسب، بل إنها تعد بتمكين الأفراد في السنوات القادمة بالاستناد إلى المعلومات الدقيقة التي يقدمها الذكاء الاصطناعي.
محمد رضوان يشرح كيف يساعد نموذجه التنبئي، HuLP، الأطباء في تقييم كيفية تطور الحالات المرضية بالسرطان لدى.....
اقرأ المزيدبعد حصوله على الماجستير في الرؤية الحاسوبية، أحمد شرشر – طالب الدكتوراه – يسعى إلى تمكين الجميع.....
بوجا خوسلا، مؤسسة شركة ’انتيليجنت‘، تتحدث عن كيف ساعدتها خلفيتها في علوم البيانات والاقتصاد القياسي والأكاديميا في.....