أخبار الخريجين: الذكاء الاصطناعي في خدمة تعزيز الصحة العامة

Wednesday, April 16, 2025

عندما نتحدث عن الشخصيات المؤثرة، فقلَّمَا نجد شخصيات استطاعت ترك بصمة قوية كتلك التي تركتها معالي الدكتورة فريدة الحوسني.

وكإحدى أبرز الشخصيات في قطاع الرعاية الصحية بدولة الإمارات، فإن معاليها حرِصت دائما على أن تكون سباقة وفي الطليعة عندما يتعلق الأمر بالاستراتيجيات الوطنية للصحة العامة، حيث إنها كرّست حياتها المهنية للعمل على تحسين هذا القطاع بما يخدم الصالح العام من خلال كل ما يمكنه أن يعزز جودة حياة المجتمع.

بعد تخرجها من ’جامعة الإمارات العربية المتحدة‘ كطبيبة متخصصة في الطب العام، اختارت الدكتورة متابعة مسيرتها المهنية في قطاع الصحة العامة بـ ’دائرة الصحة‘. ولم يقف طموح معاليها عند هذا، بل إنها واصلت تعزيز مسارها بحصولها على الدكتوراه من ’كلية جونز هوبكنز بلومبيرغ للصحة العامة‘، والتي – بعدها – ركزت جهودها على الأمراض المعدية، حيث أسست قسم الأمراض المعدية في الدائرة وأسهمت في صياغة استراتيجية ’مركز أبوظبي للصحة العامة‘.

يذكر أن الدكتورة، في سياق متصل، قامت – خلال جائحة كوفيد-19 التي شلت العالم بأكمله – بدور مهم ضمن استراتيجية مواجهة هذا الوباء، حيث إنها كانت المتحدث الرسمي باسم حكومة الإمارات، والمدير التنفيذي لشؤون الأمراض المعدية. كما شغلت، لاحقاً، منصب نائب الرئيس التنفيذي ’للمعهد العالمي للقضاء على الأمراض‘، ورئيسة اللجنة العالمية للاستعداد لمواجهة جائحة الإنفلونزا في منظمة الصحة العالمية.

وعن تجربتها وشغفها تقول الدكتورة الحوسني: “الأمراض المعدية، بالنسبة لي، تطرح دائماً تحديات جديدة ولا مكان فيها للرتابة أو المَلل لأن احتمالات تفشي جائحة جديدة أو انتشار فيروس مستجد أو مرض غير مسبوق مطروحة دائماً – وهذا بالضبط ما يحفزني ويدفعني إلى العمل بجد لإحداث الفارق وترك أثر في هذا المجال الذي كان يعاني نقصا في المتخصصين فيه في الإمارات”.

وتضيف: “هذا الشغف يشكل رسالة أؤمن بها. وأنا أسعى لتقديم أكبر قدر من الإسهامات في هذا المجال من أجل دعم مسيرة وطني وكافة الدول الأخرى في مواجهة الأمراض المعدية”.

الرعاية الصحية والذكاء الاصطناعي

شكّل ما عرفته تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي من تطورات في غضون السنوات الأخيرة أحد أبرز السبل لتعزيز مستويات خدمات الرعاية الصحية، حيث أسهمت التطورات فيه الخاصة بالنماذج الأساسية والتعلم العميق والنماذج متعددة الوسائط في تحسين أوجه عديدة من الرعاية الصحية بشكل ملحوظ – مثل الكشف المبكر والمراقبة، واكتشاف الأدوية وتطوير اللقاحات، وتحسين العلاج ورعاية المرضى، بالإضافة إلى الإسهام في استراتيجيات الصحة العامة.

وبالنظر لما ينطوي عليه الذكاء الاصطناعي من إمكانات واعدة، كانت الدكتورة الحوسني من أوائل من عملوا على بحث قدرات هذه التكنولوجيا واستكشافها.

وعن مدى تأثير هذه التكنولوجيا في الرعاية الصحية توضح الدكتورة قائلة: “إنها تكنولوجيا سريعة التطور أحدثت تحولا جذري في كيفية إدارتنا لبرامج الصحة العامة، لا سيما فيما يتعلق بتحقيق الاستدامة – وقد عملت شخصيا على عدة مبادرات خاصة بالذكاء الاصطناعي شملت تصميم الخوارزميات والنمذجة التنبؤية وتحليل البيانات الضخمة ونظمها”.

وتتابع: “سيساعدنا الذكاء الاصطناعي حقاً في سد بعض الفجوات الخاصة بصحة الإنسان، ألا وهي تلك المرتبطة بالصحة الوقائية – فبينما ينشغل الأطباء بعلاج الحالات المرضية، يصعب عليهم التركيز على الجانب التوعوي للوقاية من الأمراض. إذن، لماذا لا نستخدم التكنولوجيا للمساعدة في هذا الجانب؟ يمكن للذكاء الاصطناعي أن يجمع ويحلل المعرفة التي راكمناها على مدى المئة عام الماضية، وبالتالي سيمكننا من إعادة هندسة نظم الرعاية الصحية بشكل يكون أكثر كفاءة”.

ولتعزيز فهمها للذكاء الاصطناعي وكيف يمكنه تطوير قطاع الرعاية الصحية، التحقت الدكتورة الحوسني بالدفعة الرابعة من البرنامج التنفيذي لجامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، وتخرجت في نوفمبر 2023 – وتصف الدكتورة هذه التجربة بأنها وسّعت وعمقت فهمها لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.

وعن تجربة مرورها في البرنامج التنفيذي توضح الدكتورة: “لطالما انصب تركيزي على قطاع الصحة، غير أن البرنامج قدم لي نظرة معمقة عما يحدث في القطاعات المختلفة. كما أتاح لي فرصة لقاء خبراء متخصصين ومرموقين، ليس فقط من الإمارات، بل من جميع أنحاء العالم شاركونا تجاربهم مع الذكاء الاصطناعي وكيف طوروا حلولًا مختلفة – كانت، فعلا، تجربة ثرية بالأفكار والتجارب القيمة”.

وتضيف الدكتورة عن التجربة ذاتها: “لقد شكل البرنامج فرصة لبناء شبكات العلاقات المهنية، حيث تعرفت على مديرين تنفيذيين آخرين من أبوظبي ومن مختلف أنحاء الإمارات ومن دول أخرى – كانت ، فعلا، تجربة تعليمية رائعة معهم جميعا مكنتني من الاطلاع على تجاربهم وقدرات الذكاء الاصطناعي التحويلية في مجالات وقطاعات عملهم”.

ومنذ استكمالها للبرنامج، اعتمدت الحوسني نهجاً ركزت فيه أكثر على توظيف الذكاء الاصطناعي في مختلف مهامها، من منطلق قناعتها أنه “أصبح عنصراً ضرورياً يدخل في بناء استراتيجيات قطاع الصحة العامة، وطرق التفكير في تحسين خدماته وتعزيز فرص الوصول إليها للجميع عبر العالم”.

وتضيف: “يمكن تطبيق الذكاء الاصطناعي في كل مكان، الأمر كله يتعلق بمستوى الموارد التي يمكنك تعبئتها والتفاعل معها”.

عمل دائم ومتواصل

لم ينتهِ ارتباط الحوسني بجامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي بعد تخرجها من البرنامج التنفيذي، بل ازداد وتوسع بعدما تولت منصب نائب رئيس مجلس الخريجين الاستشاري للجامعة.

وعن عملها ضمن هذا المجلس تقول الدكتورة: “إنني أومن بأن التعلم لا ينتهي بمجرد التخرج من برنامج ما، بل إنه رحلة متواصلة – وأنا فخورة بكوني جزء من هذا المجلس وبعملي من خلاله على التواصل والتفاعل مع الخريجين من أجل الإسهام في بناء منظومة الذكاء الاصطناعي”.

وتضيف: “إن التواصل مع الطلبة والخريجين وربط الجسور بينهم وبين رواد الأعمال والخبراء في مختلف القطاعات، ومناقشة الأفكار المبدعة في كل المجالات – هو ما نريد، وما نطمح به إلى صنع التميز.” مؤكدة على أن: ” دور الجامعة مهم في دفع بعجلة مبادرات الذكاء الاصطناعي ودعم أهداف الإمارات وتوجهاتها الاستراتيجية لتكون من بين الدول الرائدة عالمياً في هذا المجال”.

يذكر أن العمل مع طلبة وخريجي الجامعة ينسجم مع واحدة من نقاط قوة الدكتورة الحوسني: ألا وهي التفاعل والتواصل مع المجتمع، حيث إنها لطالما عملت من موقعها وبحكم اهتمامها على تعزيز الوعي بأهمية الصحة العامة وطرق الوقاية من الأمراض ونشر العادات الجيدة والتوعية والممارسات المستدامة اعتمادا على وسائل متنوعة ومختلفة من بينها، مؤخرا، وسائل التواصل الاجتماعي.

وعن اهتمامها بقضايا الصحة العامة توضح الدكتورة وتقول: “تشكل الصحة العامة، بالنسبة لي، مهمة فريدة لأن هدفي هو الحد من تسجيل وفيات بالملايين كل عام، وتحسين حياة الناس كباراً وصغاراً والأجيال القادمة”.

وتؤكد الدكتورة أن التفاعل مع المجتمع وإشراكه هو المفتاح، متسائلة عن كيفية تحقيق هذا الهدف في ظل التغيرات الكبيرة خلال الخمس سنوات الماضية التي أصبحت فيها وسائل التواصل الاجتماعي حاضرة بقوة في حياتنا مما دفع الدكتورة إلى التفكير في توظيف هذه المنصات لتثقيف ومساعدة أفراد المجتمع على اتخاذ قرارات صحية ومدروسة على المدى القصير والبعيد ليس فقط للوقاية من الأمراض المعدية، بل للتشجيع أيضاً على ممارسة الرياضة والحرص على التغذية الصحية والعيش بأسلوب سليم وتعزيز الوعي بأهمية البيئة وفهم أثرها على الصحة.

يشار إلى أن متابعي الدكتورة يعدون بعشرات الآلاف عبر مختلف منصات التواصل الاجتماعي، وتعزو الدكتورة تزايد أعداد متابعيها السريع لتك الرغبة المشتركة في اتباع أساليب الحياة الصحية.

وعن تجربتها مع منصات التواصل الاجتماعي تقول الدكتورة: “عندما بدأت، لاحظت أن التفاعل كان مرتفعاً بشكل غير متوقع، وكان الناس يطرحون الأسئلة ويعلقون، ويبحثون عن المزيد من المعلومات. أدركت أن ما أشاركه مهم، وأن وعي الناس به كان قليلا – خاصة عندما يتعلق الأمر بأمور مثل الأطعمة المعالجة وكيف تؤثر على حياتنا وما هي البدائل المتاحة”.

“كان الناس – تضيف – يبحثون حقاً عن فهم أفضل، لذا كانت الذكاء في تبسيط المعرفة الطبية المعقدة ومشاركتها بطريقة ممتعة وجذابة – وأعتقد أن لدي هذه الموهبة، وأنا سعيدة بأنني أستطيع القيام بأداء هذه الرسالة المهمة”.

سواء عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أو كعضو في مجلس خريجي جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، أو كقائدة بارزة في قطاع الرعاية الصحية بالإمارات، فإن الحوسني توظف موهبتها بشكل كامل لصنع الفرق. وسيكون من المثيرة للاهتمام، مع شخصية الدكتورة الاستباقية والتزامها بخدمة المجتمع وقيادتها للتغيير في القطاع الصحي، أن نرى كيف سيستمر الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا في دعم مهمتها لتحسين صحة المجتمع اليوم وآثار جهودها في المستقبل.

أخبار ذات صلة

thumbnail
Friday, March 07, 2025

أخبار الخريجين: طموح ورغبة قوي في مواصلة مسيرة البحث العلمي

حنان غاني – خريج جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي – يشرح سبب بقائه في أبوظبي بعد.....

  1. الأبحاث الأكاديمية ,
  2. توجيه الطلبة ,
  3. الأكاديميا ,
  4. البحث ,
  5. أخبار الخريجين ,
  6. الخريجين ,
اقرأ المزيد
thumbnail
Monday, January 27, 2025

أخبار الخريجين: رحلة مواصلة البحث عن الحقيقة

بعد نجاحه في تطوير أدوات مدعومة بالذكاء الاصطناعي تساعد في الكشف عن المعلومات المضللة والخاطئة، يركز زين.....

  1. الأبحاث ,
  2. معالجة اللغة الطبيعية ,
  3. النماذج اللغوية الكبيرة ,
  4. الخريجون ,
اقرأ المزيد
thumbnail
Monday, December 30, 2024

أخبار الخريجين: مسيرة نحو النمو والتمكين

لكل منا مساره ومسيرته في دروب هذه الحياة، ومقارنة مساراتنا بمسارات الآخرين تفوت علينا متعة الإنجاز، ولذا.....

  1. الرعاية الصحية الذكية ,
  2. اللوجستيات ,
  3. أخبار الخريجين ,
  4. مركز حضانة وريادة الأعمال ,
  5. الخريجون ,
  6. الاستدامة ,
اقرأ المزيد