متحدثاً عن شغفه بالذكاء الاصطناعي واهتمامه به الذي لازمه منذ طفولته إلى أن تخَرَّجَ من جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي ضمن الدفعة الأولى من خريجيها، وأصبح متخصصاً أولاً فيه في ’شركة أبوظبي للإعلام‘ – يتذكر عبدالعزيز العيسائي خطواته الأولى ويقول:
“اهتمامي بالذكاء الاصطناعي، بدأ في سنٍ مبكرة.. فعندما كنتُ يافعاً.. كنت مهووساً بألعاب الفيديو.. وكان لدي فضول تجاه الشخصيات غير الملعوبة [NPCs] وكيفية اللعب معها أو ضدها في سيناريوهات أو مواقف معينة.. كنت أريد أن أعرف ما الذي يحرك هذه الشخصيات ولماذا تتصرف بشكل مختلف كل مرة ألعب فيها.. اكتشفت، بعد سنوات، أن الذكاء الاصطناعي هو ما يجعل هذه الشخصيات قادرة على التكيف وما يمنح اللاعب تجربة مختلفة كل مرة.. وطبعاً أردت معرفة المزيد.. “.
حب الاستطلاع والفضول الذي تمتع بهما العيسائي منذ نعومة أظفاره، كانا مؤشراً مبكراً يشير إلى المسار المهني الذي سيقوده ليصبح متخصصاً في الذكاء الاصطناعي؛ فهوسه بمعرفة ماهية الذكاء الاصطناعي وقدراته وما يمكن أن يقدمه، قاده في نهاية المطاف لتولي دور رائد في واحدة من أكبر شركات الإعلام في الشرق الأوسط، حيث يسهم في تنفيذ حلول مبتكرة فيها مستعيناً بهذه التكنولوجيا.
ولم تخلُ خطوات العيسائي الأولى على هذا الدرب من عنصر التشويق؛ فبعد نيله لدرجة البكالوريوس في تكنولوجيا هندسة أمن المعلومات متخصصاً في تطوير البرمجيات، تمكن من الحصول على فرصة تدريبية في ’المركز الوطني لعلوم وتكنولوجيا الفضاء‘ بوصفه مطوراً للبرمجيات – وعن هذه الفترة التدريبية يقول العيسائي:
“شعرتُ بحماسة كبيرة.. لم أكن أعرف شيئاً عن الأقمار الاصطناعية أو قطاع الفضاء.. وتعلمت من الصفر.. كان الجميع في المركز ودودين ومتعاونين جداً.. وكان في المركز عدد كبير من المهندسين والعلماء والمتخصصين الذين يعملون على أقمار اصطناعية حقيقية نسمع عنها في الأخبار فقط.. درستُ إطار نظام الطيران الأساسي الذي طورته وكالة ناسا وإمكانية تنفيذه.. ”
“..لقد أذهلني خلال هذا التدريب – حقاً – اختلاف أنواع المهندسين والعلماء الذين كانوا يعملون على الأقمار الاصطناعية الحقيقية – وهو أمر لم أتخيل قط أن أراه خارج نطاق الأخبار.. إنها، فعلا، كانت تجربة رائعة.. “.
بعد فترة قصيرة من انضمام العيسائي إلى ’شركة أبوظبي للإعلام‘ بوظيفة متخصص في أمن تكنولوجيا المعلومات، تسارعت خطا تطور رحلته في مجال الذكاء الاصطناعي؛ فبعد عام واحد فقط، قُبِل ضمن الدفعة الأولى من الطلاب في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، وهي أول جامعة بحثية للدراسات العليا المتخصصة في الذكاء الاصطناعي في العالم.
كان العيسائي واحداً من 14 طالباً إماراتياً فقط ضمن مجموعة تضم 78 طالباً من 29 دولة اختيروا من بين أكثر من ألفي متقدم من جميع أنحاء العالم. وقد شكلت تجربة الدراسة الجامعية التخصصية نقطة تحول مفصلية في مسيرته المهنية في ’شركة أبوظبي للإعلام‘ وساعدته على اكتشاف شغفه بتعليم الآخرين ومشاركة خبرته وحبه للذكاء الاصطناعي معهم – وعن تجربته في الجامعة يقول:
“شكل قبولي ضمن الدفعة الأولى من طلبة جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي فرصة ذهبية لا تعوض.. مكنتني من التعرف على أشخاص كثر من ثقافات مختلفة وخبرات في مجالات متنوعة.. كان من بين زملائي من هم متخصصون في الرياضيات، وآخرون في الروبوتات، ومجالات عديدة أخرى.. لم نكن ندرس الذكاء الاصطناعي فحسب، بل كنا نتعلم كيفية الاستفادة منه بطرق مختلفة في مجالات كثيرة ومتنوعة”.
“كنت في قسم الرؤية الحاسوبية.. وركزتُ في دراستي على الاستشعار عن بعد.. وقد نشرتُ أول دراسة بحثية لي حول المُحوّلات في هذا المجال مع زميلي أمانديب كومار تحت إشراف د. فهد خان.. واصلت بحثي حول المُحوّلات في مجال الاستشعار عن بعد ليصبح موضوع أُطرُوحَتي، حيث طورنا خوارزمية محسنة تعتمد على المُحوّل VITAe V2“.
“عملنا، من خلال مقاربتنا، على تطوير بنية هيكلية لمُحوّل رؤية حاسوبية تقوم على ترميز الصور وقيم ألوانها القياسية، بهدف سد الفجوة في الأساليب السابقة التي تعتمد فقط على بيانات الألوان.. وقد أظهرت تجاربنا أن هذه البنية الهيكلية الجديدة تفوقت على مُحوّلات الرؤية الحاسوبية القياسية”.
بعد تخرجه من جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، عاد العيسائي إلى ’شركة أبوظبي للإعلام‘ ليواصل عمله في مجال أمن تكنولوجيا المعلومات إلى جانب تولي مسؤولية جديدة بوصفه مستشاراً في مجال الذكاء الاصطناعي – وعن مهامه الجديدة يقول العيسائي:
“بسبب دراستي في الجامعة، كانت أي قسم أو فريق يعمل على مشروع ينطوي على استخدام الذكاء الاصطناعي يقوم بإشراكي واستشارتي.. وكنت سعيداً بذلك، حيث كنت إلى جانب عملي في مجال الأمن السيبراني، أقدم أفكاراً وحلولاً جديدة حول كيفية الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في عمل الشركة”.
“وأعتبر نفسي محظوظاً بالعمل في مؤسسة منفتحة على استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، حيث نرحب ونناقش الأفكار الجديدة دائماً ونتبادل الآراء ونسعى للتطوير.. في الواقع – عندما عدت إلى عملي – أبدى زملائي اهتماماً كبيراً بمعرفة المزيد عمَّا تعلمته في الجامعة وكيفية الاستفادة منه في عملنا ما جعلني أصبح مدرباً”.
نظراً لوجود اهتمام كبير بالذكاء الاصطناعي في ’شركة أبوظبي للإعلام‘، دُعي العيسائي – بدعم من رؤسائه – لتعريف زملائه بالذكاء الاصطناعي واستخداماته الممكنة، ويقول:
“بعد أن تعرف زملائي على قدرات الذكاء الاصطناعي، تحمسوا لتعلم المزيد عنه.. وكنتُ متحمساً أيضاً لأن أصبح مدرباً معتمداً.. وحصلت على الشهادة المطلوبة لذلك.. وأنا الآن أقدم دورات للموظفين لتعريفهم بالذكاء الاصطناعي”.
“وأشرح في دوراتي أن الذكاء الاصطناعي ليس كما تُصوره وسائل التواصل الاجتماعي وبعض القنوات الإعلامية التي تثير الكثير من المخاوف بشأنه، خاصة فيما يتعلق بالأمن الوظيفي.. وأحاول تعزيز فهم الناس لهذا المجال وتقريبهم أكثر منه لتبديد مخاوفهم الطبيعية من هذا المجهول الذي كلما زادت معرفتهم به وبالكيفية التي يمكنه بها مساعدتهم في إنجاز مهامهم زاد إقبالهم عليه”.
ويوضح العيسائي أن شغفه بالتعليم دفعه ليصبح واحداً من أبرز الأصوات الداعية للاستفادة من الذكاء الاصطناعي في الدولة، وربما في العالم، خاصة من ناحية تعليم الجيل الصاعد الذي يطرح أسئلة لا تختلف كثيراً عن تلك التي طرحها عندما ما كان طفلا صغيرا”.
ويختم كلامه قائلاً: “دائماً ما يسألني أبناء وبنات إخوتي عن الذكاء الاصطناعي بأنواعه المختلفة، وكيفية عمله في ألعاب الفيديو، وما إلى ذلك.. ولهذا أود مساعدة الجيل الناشئ وتعزيز فهمه للذكاء الاصطناعي واهتمامه به قدر الإمكان حتى يتسلم الراية منا ويتابع المسيرة”.
عدنان خان، خريج جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، يشرح كيف أن حب الناس يلهم بحوثه وعمله.....
اقرأ المزيدتساهم خريجة جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي رايسا محمد في تطوير الذكاء الاصطناعي في دولة الإمارات.....