يتيح الذكاء الاصطناعي أدوات متنوعة يمكن استخدامها لدمج الأفراد والفئات الاجتماعية المهمشة وتوفير المزيد من فرص العمل والخدمات لها، بما في ذلك خدمات التعليم والرعاية الصحية والتمويل؛ وهذا ما أكدته قمة المركز العالمي للأولمبياد الخاص التي عُقِدت في أبوظبي وجمعت نحو 300 من أبرز داعمي الشمول والدمج الاجتماعي من مختلف أنحاء العالم لتبادل الأفكار وأفضل الممارسات المتعلقة بتعزيز دمج أصحاب الهمم من خلال المنافسات الرياضية وتمكين الشباب والتعليم الشامل.
وقد شاركت الدكتورة إليزابيث تشرشل رئيسة قسم التفاعل بين الإنسان والحاسوب في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي في هذه القمة من خلال حلقة نقاشية بعنوان “دور التكنولوجيا في تحفيز التعلم الشامل”، أكدت فيها على دور الذكاء الاصطناعي في عملية الدمج.
وأوضحت تشرشل في سياق حديثها عن هذه المشاركة أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعدنا بأشكال مختلفة على إعادة النظر في عملية تعليم الأطفال من أصحاب الهمم، خاصة عند وجود اختلافات في قدراتهم الذهنية، مضيفة: “سيلعب الذكاء الاصطناعي دوراً مهماً ومتزايداً في تصميم التكنولوجيا الشاملة. وسيكون لتكنولوجيا التعلم مكانة محورية في هذا الصدد من خلال إتاحة طرق لتخصيص المادة الدراسية وفقاً للاحتياجات الفردية للمتعلم. ومن أمثلة ذلك استخدام الذكاء الاصطناعي لتصميم أنشطة تربوية بناء على ملاحظات الأطفال أنفسهم واستناداً إلى إدراكنا لوجود أنماط تعلم كثيرة ومتنوعة”.
وضربت تشرشل مثالاً آخر قائلة: “يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لمعرفة المشاعر من خلال تقييم تعابير الوجه وحركات الجسم وغير ذلك؛ وهذا مهم لتوفير المزيد من المعلومات للمعلمين ومساعدتهم على فهم المؤشرات بشأن مدى فعالية أساليب التعلم المحددة لكل طفل، أو حتى معرفة ما إذا كان في حالة ذهنية مناسبة للتعلم في تلك اللحظة. ويعتد هذا الأمر بدرجة كبيرة على تخصيص المادة الدراسية، وطريقة تقديمها، والدعم المقدم للمعلمين، وفهم الأنماط المعرفية، وكيفية النظر إلى هذه الأنماط مع مرور الوقت. ويساعد هذا على تقديم نموذج مخصص لكل متعلم”.
وقد تولت مبادرة بلوغ الميل الأخير، وهي مجموعة من البرامج الصحية العالمية المدعومة من صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، حفظه الله، تنظيم هذه الحلقة النقاشية، التي شاركت فيها أيضاً لورين فيليبس، مديرة برنامج “قدرتك” في “إنسبشن“، مركز الذكاء الاصطناعي التابع لمجموعة “جي 42″، ومارتن ماكاي، رئيس مجلس إدارة شركة “تكست هيلب”، وأدارتها إيستر كويش، مديرة المكتب الإقليمي لليونسكو في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي في اليونسكو.
وتابعت تشرشل قائلة: “تشرفت كثيراً بتلقي دعوة للمشاركة في هذه الحلقة النقاشية وهذه القمة التي جمعت المعلمين والمتخصصين الباحثين عن طريقة لدعم أصحاب الهمم الشباب والمهتمين بمعرفة المزيد حول كيفية تركيز الذكاء الاصطناعي على احتياجات الطلاب الذين يدعمونهم. أجرينا العديد من الحوارات الثرية وطُرحت الكثير من الأفكار البناءة”.
إحداث أثر إيجابي
تتمتع جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي بسجل حافل بالبحوث التي أجراها أعضاء الهيئة التدريسية والطلاب وركزت على دمج أصحاب الهمم والفئات الاجتماعية الأخرى.
على سبيل المثال، حصدت الدكتورة إيكاترينا كوشمار، الأستاذة المساعدة في معالجة اللغة الطبيعية بجامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، والدكتور كوشال كومار موريا، الباحث ما بعد الدكتوراه في الجامعة، جائزة جوجل العالمية للأبحاث الأكاديمية تقديراً لمساهمتهما في توظيف الذكاء الاصطناعي لتوفير التعليم بشكل عادل وفعال.
كما قاد هشام شولاكال، الأستاذ المساعد في قسم الرؤية الحاسوبية في الجامعة، فريقاً طوّر BiMediX2، وهو نموذج رعاية صحية متعدد الصيغ وثنائي اللغة حصل على جائزة “ميتا” ضمن المشاريع الفائزة في مسابقة Llama Impact Innovation في نسختها الأُولَى. وقد نال المشروع استحساناً وتقديراً بالنظر إلى إمكانية حَلِهِ للتحديات المرتبطة بتوفير خدمات الرعاية الصحية في مناطق الشرق الأوسط وأفريقيا وخارجها.
ونجح سامي حدادين، نائب الرئيس للأبحاث في الجامعة، في تطوير أطراف اصطناعية ذكية يمكن أن تحدث تغييراً في حياة مبتوري الأطراف ومن لديهم تشوهات أو اختلافات بين الأطراف. كما عملت الجامعة على تحسين الدمج اللغوي وتوفير الخدمات اللغوية من خلال التعاون مع “إنسبشن” في تطوير نموذجين لغويين كبيرين، وهما “جيس“، أفضل نموذج لغوي كبير في العالم للغة العربية، و “ناندا“، وهو النموذج اللغوي الكبير مفتوح المصدر الأكثر تطوّراً في العالم للّغة الهندية.
رسالة خير
تعزز هذه المبادرات والمشاريع البحثية رسالة جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي في استخدام الذكاء الاصطناعي كقوة للخير ونهجها الشامل في التعليم. على سبيل المثال، تمثل المرأة نسبة تقارب 40% من الطلبة في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، وهي نسبة أعلى من المتوسط العالمي للنساء والفتيات في تخصصات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.
إحدى مهام تشرشل بصفتها رئيسة قسم التفاعل بين الإنسان والحاسوب هي المساعدة في ضمان ترسيخ الشمول في أبحاث الطلاب ودمج البشر بجميع فئاتهم في عملية تطوير الذكاء الاصطناعي. وهي تقول في سياق حديثها عن الدروس التي تعلمتها من القمة: “هناك نقطتان أعتبرهما الأهم بالنسبة لي. الأولى هي أن التعلم من أصحاب الهمم أمر أساسي للتعرف على الجميع وفهم احتياجاتهم من التكنولوجيا. والثانية هي أن الفلسفة التي أدعمها حقاً هي التصميم الشامل والتشاركي، وهذا يتجلى بوضوح في شعار “لا شيء يخصنا يتم دون مشاركتنا”.
وتختتم تشرشل حديثها بالقول: “تلتزم جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي التزاماً عميقاً بالتصميم الشامل وفهم جميع النواحي المتعلقة بكيفية تفاعل البشر مع الحوسبة بجميع أنواعها والذكاء الاصطناعي على وجه الخصوص. فهل هناك مؤسسة أفضل يمكن التعاون معها للتعلم من أصحاب الهمم الشباب؟ وهل يوجد مصدر إلهام أفضل منها؟”.
إليزابيث تشرشل، أستاذة ورئيسة قسم تفاعل الإنسان مع الحاسوب في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، توضح.....