بالنسبة لعدنان خان، لم تشكل تجربة الحياة في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي مجرد مرحلة كان الغرض منها الدفع بمهاراته الأكاديمية إلى مستويات جديدة، بل كانت أكثر من ذلك.
وعن هذه التجربة يتحدث قائلاً: “شكلت بالنسبة لي مرحلة دراستي في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي تجربة فريدة من نوعها ومجزية ورائعة للغاية ليس فقط أكاديمياً، بل كذلك على المستوى الشخصي”.
ويضيف: “لقد أتاحت لي الجامعة فرصة التعرف إلى أشخاص بمرجعيات مختلفة، والعمل جنباً إلى جنب مع إدارتها بوصفي سفيراً لخدمات التوظيف؛ إضافة إلى عملي بصفتي نائباً لرئيس مجلس طلاب الدراسات العليا، ونائباً لرئيس النادي الرياضي، ومؤخراً عضواً ضمن المجلس الاستشاري للخريجين – حقاً إن جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، منحتني تجارب شخصية وأكاديمية متميزة”.
التحق عدنان خان بالجامعة عام 2021 ضمن الدفعة الثانية من طلاب الماجستير، قادماً إليها من موطنه باكستان بتطلعات أكاديمية هدفها التركيز على تعميق معرفته بمجال الرؤية الحاسوبية – وبشكل خاص على ما يعرف بـ “تعميم المجال”، غير أن روحه الاجتماعية وحرصه على مساعدة الآخرين والتعلم منهم هما السببين اللذين جعلا من تجربته في أبوظبي تجربة غنية كان لها أيضا تأثير على مستقبلهِ وحياتهِ المهنية.
وعن تجربته يتابع عدنان: “بالنسبة لي، مرحلة الحياة الطلابية، تعد أفضل مرحلة يمكن أن يعيشها المرء، فهي مرحلة تجعلك تتعلم بطرق عدة سواءً داخل الفصول الدراسية أو خارجها.. لقد شعرت أن التحاقي بالجامعة ضمن أولى الدفعات التي خرجتها، منحني شيئاً فريداً.. في تلك المرحلة كانت الجامعة أشبه بشركة ناشئة، وهذا أمر جعلني أكون جزءا من مجتمع متنوع وصغير نسبياً، وأن أقوم بأشياء مختلفة.. كان فعلا من الرائع أن أتعلم الكثير وبسرعة، وأن أساعد الآخرين عندما أستطيع”.
يتابع عدنان خان حالياً، بعد تخرجه من جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي عام 2023، دراساته العليا للحصول على درجة الدكتوراه في جامعة كارلتون – كندا، واهتمامه بالإنسان أصبح الآن حاضراً وبارزاً بقوة من خلال تركيزه في بحوثه على قطاع الرعاية الصحية.
ويشير عدنان، في هذا الصدد، إلى عمله بالتعاون مع مراكز متخصصة ومشاريع هدفها تحسين حياة المكفوفين أو ضعاف البصر، مضيفاً أنه يسعى من خلال جهوده هذه إلى أن يكون فرداً فاعلاً في المجتمع وأن يترك أثراً إيجابياً واسع النطاق، ويشكل هذا المسعى جوهر خطته المستقبلية، وما يأمل في تحقيقه من خلال ما يقوم به.
اهتمام عدنان بقطاع الرعاية الصحية ليس حديث العهد، بل هو اهتمام بدأ مع أطروحته للماجستير في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، والتي قام بإعدادها تحت إشراف الدكتور محمد حارس خان – الأستاذ المساعد في قسم الرؤية الحاسوبية.
وعن موضوع أطروحته يقول: “لقد قمت بإعداد أطروحتي للماجستير عن موضوع ما يعرف بـ ’تعميم المجال‘، وهو قدرة نموذج ما على التكيف من مجال إلى آخر”.
ويوضح عدنان معنى هذا شارحاً: “إذا أخذنا، على سبيل المثال، طفلاً صغيراً وأظهرنا له قطة في بيئة طبيعية، ثم عدنا إلى بيئة مغلقة ورسمنا القطة نفسها على قطعة ورق – بشرط أن يكون رسم القطة جيداً بما يكفي – سيكون الطفل قادراً على التعرف عليها على أنها القطة نفسها.. وهذا التحول في المجال – من الطبيعة إلى الرسم التخطيطي – هو أمر يَسهُلُ على الإنسان فهمه، حيث يمكنه التعميم والانتقال بفهمه من المجال الطبيعي إلى المجال الاصطناعي”.
“وهذا ليس هو الحال نفسه عندما يتعلق الأمر بنماذج تعلم الآلة التي تواجه صعوبات كثيرة عندما يتغير المجال ويتأثر أداؤها.. وقد شكلت هذه الإشكالية المحور الأساسي لجهودي البحثية التي أحاول من خلالها البحث في تطوير هذه النماذج اعتماداً على مقاربة تعميم المجال باستخدام التعلم شبه الخاضع للإشراف، وحيث حجم البيانات المصنفة يكون محدودا والكثير من البيانات الأخرى غير مصنف.. وهذا هو المبحث الذي اخترته لنيل درجة الدكتوراه للبحث أكثر في هذا المجال وتطبيقاته في قطاع الرعاية الصحية”.
يعمل عدنان خان في مختبر الآلات الذكية في جامعة كارلتون، ويبحث في الذكاء الاصطناعي القابل للتفسير وحوكمة الذكاء الاصطناعي، ومدى عدالتها أو عدم تحيزها، خاصة عند توليد البيانات الخاصة بقطاع الرعاية الصحية.
ويوضح عدنان فكرة بحثه للدكتوراه قائلا: “التحدي الذي نواجهه هو أن لدينا أشخاصا ضعاف البصر بحاجة إلى فهم المعلومات البصرية من خلال اللمس”، مضيفا أن: “هذه الفئة من الأشخاص تحتاج، على سبيل المثال، إلى استخدام ملصقات برايل الرقمية أو الرسومات اللمسية، والتي يمكن أن تساعد المكفوفين وضعاف البصر على استشعار الأشياء من خلال اللمس، سواء كان ذلك ورق برايل أو شاشة برايل رقمية”.
ويتابع شارحاً: “المشكلة هي أن هذه الرسومات اللمسية يتم رسمها يدويا؛ فعلى سبيل المثال، باستخدام برامج مثل CorelDRAW، يستغرق الأمر وقتا لرسم هذه التمثيلات اللمسية ثم نقشها وفق كتابة برايل – ولذا فإن نهجنا وطموحنا هو أتمتة هذه العملية وإنشاء رسومات لمسية باستخدام نماذج توليدية للذكاء الاصطناعي GenAI)) بما يمكننا من توليد صور طبيعية أكثر”.
و”هذا هو ما نقصد بالتحول في المجال الذي تحَدَّثُ عنه فيما سبق بمثال القطة، ولكن هذه المرة المجال الذي نتحدث عنه يتسم بنطاقه الضخم – حيث لا يتعلق الأمر بالرسومات اللمسية وحسب، بل أيضا ببعض التفاصيل المعقدة التي تحتاج إلى المعالجة بواسطة اللمس لتأهيلها كصورة لمسية جيدة يمكن طباعتها بكتابة برايل”.
“وعلى حد علمي – يتابع عدنان –، لا يوجد عمل بحثي أنجزه مجتمع البحث المتخصص في تعلم الآلة على هذا المستوى، باستثناء بعض دراسات الحالة الصغيرة على النصوص – وليس الصور. كما أنه لا توجد مجموعة بيانات من هذا القبيل متاحة لتدريب نماذج تعلم الآلة عليها؛ ولذا فإن طموحي هو بناء مجموعة البيانات الأولى، ثم تدريب بعض النماذج لإنجاز هذه المهمة.. وهو ما أعتقد أنه سيكون مفيدا بشكل كبير للأشخاص المكفوفين وضعاف البصر”.
يتطلع عدنان خان إلى المستقبل ويأمل في البقاء في الأوساط الأكاديمية كمدرس وكمتعلم – مع البقاء وفياً للدفاع عن القضايا الاجتماعية والعمل في اتجاه دعمها بوصفه فردا فاعلا في المجتمع.
وعن هذه التطلعات يقول: “أود البقاء في الأوساط الأكاديمية لتدريس الطلاب والتعلم منهم. كما أرغب، في الوقت ذاته، أن أكون فردا فاعلا في بناء المجتمع أو الإسهام في العمل الاجتماعي، وأطمح إلى أن أكون في أي بيئة يمكنني أن أتعلم أشياء جديدة منها.. أتطلع أيضاً إلى العودة إلى الإمارات التي لها في قلبي مكانة خاصة بحكم ذكريات دراستي في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي”.
يذكر أن خريج جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي السابق، ما يزال يسهم في دعم طلابها من موقعه وعمله ضمن فريق المجلس الاستشاري لخريجي الجامعة؛ وهو الدور الذي يعتقد أنه سيمكنه من إضافة شيء مميز بفعل انتقاله إلى كندا.
وعن عمله في المجلس يقول عدنان: “شكل بالنسبة لي المجلس فرصة للتأثير إيجابياً في حياة الطلاب. كما منحني وباقي أعضاءه فرصة للعمل مع الطلاب وإحداث فرق حقيقي في حياتهم – عندما التحقت بالجامعة لم يكن هناك خريجون، وعوضا عنه كان فريق إداري متكامل وفريق رائع لإدارة الشؤون الطلابية، ورغم ذلك – كطلاب – كنا، في بعض الأحيان، بحاجة إلى التحدث مع طلاب مثلنا عاشوا تجربتنا”.
“وأعتقد أنني – من موقعي – أستطيع أن أكون حلقة وصل بين الجامعة ومؤسسات أخرى من العالم. وأطمح إلى إرساء جسور التعاون بين كارلتون ومحمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، بما يسهل الاستفادة من مختبرات الأبحاث الخاصة بكل من المؤسستين الجامعيتين وتبادل الطلاب، وأنا متأكد من أن هذا التعاون سيكون له آثار إيجابية”.
“وبالنسبة لطلاب جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، فإن الحصول على تدريب داخلي في جامعة كارلتون لبضعة أشهر أو في جامعات أخرى حول العالم، سيكون تجربة إيجابية يمكن أن تساعدهم في دراساتهم وبحوثهم في الإمارات، ولهذا السبب أنا عضو في لجنة التعلم والارتباط؛ للمساعدة في دعم وإبراز أفكار هؤلاء الباحثين”.
سواء أكانت خطة خان ستؤتي ثمارها أم لا، فإن الوقت وحده هو الذي سيخبرنا بذلك. وعلى أية حال، ليس هناك شك في أنه سيواصل إيجاد طرق جديدة لاستخدام أبحاثه وشبكته وخبراته لمساعدة الناس في جميع أنحاء العالم
من موقع عمله داخل ’شركة أبوظبي للإعلام‘، عبدالعزيز العيسائي – أحد خريجي الدفعة الأولى من طلبة جامعة.....
أستاذة ورئيسة قسم علوم الحاسوب بالإنابة في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، الدكتورة شياو سونغ ما،.....
تساهم خريجة جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي رايسا محمد في تطوير الذكاء الاصطناعي في دولة الإمارات.....