أُلقي الخطاب في 4 يونيو 2023 في مركز أدنوك للأعمال، أبوظبي.
سمو (الشيخ حامد بن زايد آل نهيان)، أصحاب المعالي والسعادة، أيها الحضور الكريم، أتشرف بالاحتفال معكم اليوم بحفل تخريج دفعة العام 2023 من طلاب جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي،
اسمحوا لي أن أستهلّ خطابي بتهنئة خريجينا الجدد الذين يبلغ عددهم 59 خريجاً والذين أتوا إلينا من 25 دولة من حول العالم. ها أنتم اليوم تبدؤون مسيرتكم في وقت نشهد فيه إعادة تشكيل المشهد السائد في التعليم وفي العديد من القطاعات الأخرى بواسطة الذكاء الاصطناعي، موطن قوتكم وموضوع دراستكم. إذ تجبرنا قوة للذكاء الاصطناعي على إحداث التغيير على إعادة النظر في نظرتنا لمفهوم الذكاء بحد ذاته، وإعادة تقييم المهارات التي تدعم الإبداع والتفكير النقدي.
يرتكز نموذج التعليم الحالي على حفظ المعلومات وإعادة تسميعها، وهو غالباً لا يساعدنا على الاستعداد للتعامل مع التحديات التي تواجهنا في العالم الحقيقي. لذلك، يتوجب علينا اليوم أن نستغل الإمكانات الهائلة للذكاء الاصطناعي والنموذج التعليمي الذي يركز على حل المشكلات باستخدام المعرفة الموجودة، وفي الوقت نفسه على إنشاء معارف جديدة. بصفتكم خريجي أول جامعة للذكاء الاصطناعي في العالم، كونوا على يقين بأنكم جاهزون للانخراط في هذا المشهد العالمي المتقدم.
على الرغم من اهتمام الجمهور العام المتزايد بالذكاء الاصطناعي، والمخاوف المتزايدة من استخدامه، أشعر بالتفاؤل لأن الذكاء البشري سيتكيّف ويتطور فيما نكتشف إمكانيات الذكاء الاصطناعي التي لا حدود لها. إذ أدى اختراع تقنيات التصوير مثلاً إلى ظهور مدارس فنية جديدة مثل الانطباعية والتكعيبية وغيرها. وها نحن أيضاً نقف اليوم على عتبة عصر جديد، عصر نهضة معاصر مدفوع بقوة التقاء الذكاء البشري وإمكانيات الذكاء الاصطناعي. فتصوروا معي أن تتوفر لنا مكتبة تتخطى حدود المساحة والوقت بمتناول أيديكم، مكتبة تسمح لنا بالدخول في نقاشات وطرح الأسئلة وسبر أغوار عالم المعرفة الذي يحيط بنا. لذا، يجب عليكم تحديد دوركم وقيمكم باستخدام هذه الأدوات الجديدة المتاحة أمامكم الآن.
والأهم من ذلك، أدعوكم إلى صقل قدرتكم على التفكير المستقل. فقد رأينا الآراء التي أطلقتها العديد من الشخصيات البارزة في عالم الذكاء الاصطناعي والتي تحذر من “الخطر الوجودي الذي يطرحه الذكاء الاصطناعي على الإنسانية”. لكنني أحثكم على اللجوء إلى معرفتكم وحكمتكم لاستخلاص استنتاجاتكم الخاصة. إذ أعتقد أن مثل هذه الأصوات نفسها يجب أن تكون جزءاً من نقاشات علمية عقلانية وجادة، ولا ينبغي أن تعيق الوعود الهائلة لإمكانيات الذكاء الاصطناعي وتأثيره في حياة الإنسان، كما العمل الجاد الذي يقوم به المتخصصون في هذا المجال.
إلى جانب ذلك، من خلال توفر الذكاء الاصطناعي وما يقدمه من مصادر وتحليل سريع، سنشهد في هذا العصر ولادة جيل جديد من العلماء، علماء نهضة الذكاء الاصطناعي. وسيتمكن هؤلاء العلماء من تخطي الحدود التي تفرضها مخازن المعرفة المجزأة والمعزولة، ليقودوا جهود التعاون بين مختلف المجالات لحل مشكلات متنوعة من خلال التحليل النقدي والحلول المبتكرة. آمل أن يصبح كل واحد منكم، أنتم دفعة العام 2023، باحثاً في عصر النهضة هذا، يسهم في التطور المستمر لمجتمعنا والثورة التي سيشهدها.
فنحن نفخر، في هذه الجامعة المتجذرة بعمق في نسيج دولة الإمارات العربية المتحدة، بتمهيد الطريق للمبتكرين وصانعي التغيير في مجال الذكاء الاصطناعي، وبكوننا رمزاً لالتزام الدولة بالسعي إلى تحقيق الاكتشافات العلمية والابتكار. أيها الطلاب وأعضاء الهيئة التدريسية والإدارية، ما حققناه معاً على مدى ثلاث سنوات مذهل بالفعل، من إطلاق روبوت المحادثة مفتوح المصدر “فيكونا” الذي يتفوق في الأداء تقريباً على جميع النماذج الأخرى ويستهلك طاقة أقل بكثير ، مروراً بتطوير خبرات تعليمية جديدة في عالم الميتافيرس تسمح بإتاحة التعليم للطلاب في أقصى بقاع الأرض، وصولاً إلى استكشاف إمكانات الذكاء الاصطناعي في تسريع الطب الدقيق في المستقبل. وأنتم أيها الخريجين جزء لا يتجزأ من هذه المساعي العظيمة.
فيما تنطلقون في هذه المرحلة الجديدة من مسيرتكم، أدعوكم وللتحلي بالفضول وحب الاستطلاع وبالشجاعة والتواضع والتعاطف والشرف والعزم. تذكروا دائماً شعار جامعتنا “تسخير المعرفة للخدمة”، وأن الذكاء الاصطناعي لا يولّد معرفة جديدة، بل إن الميزة التنافسية الحقيقية تكمن في تألق العقل البشري والحكمة التي يتميّز بها الإنسان.
وكما قال نابليون لجنوده بعد معركة أوسترليتز: “لقد كنتم على قدر توقعاتي في شجاعتكم وجرأتكم!”
تهانينا لكم جميعاً، ونتمنى لكم كل التوفيق في مساعيكم المستقبلية كلها.
وشكراً
تيم بالدوين، عميد جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، يناقش كيفية إنشاء الجيل القادم من مبتكري الذكاء.....
في ورقة بحثية حديثة قدمت خلال فعاليات الاجتماع السنوي لجمعية اللغويات الحاسوبية 2024، تناولت الباحثة يوشيا وَانغ.....
اقرأ المزيديُشبه الرياضيون غالباً "بالآلات التي تعمل جيداً"، ولكننا في الألعاب الأولمبية والبارالمبية نحتفل بإنجازاتهم البشرية الاستثنائية. على.....
اقرأ المزيد