على مر القرون، غالباً ما كان فهمنا للعالم الطبيعي يتطور عبر اكتشاف ظواهر طبيعية كانت فيما سبق خفية علينا. على سبيل المثال، تطورت دراسة الأمراض المُعدية تطوراً كبيراً بفضل اختراع المجهر الذي سمح بملاحظة مُسببات الأمراض التي لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة، مثل البكتيريا والفيروسات. كما أن تكنولوجيا التسلسل الجيني تساعد الباحثين على فهم العلاقة بين الجينات والصحة، وهو أمر لم يكن ممكناً بمجرد ملاحظة الحالة الجسدية للشخص. وهناك أمثلة كثيرة أخرى.
يعمل كون زانغ، نائب رئيس قسم تعلم الآلة، أستاذ في قسم تعلم الآلة، مدير مركز الذكاء الاصطناعي التكاملي في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، على تطوير أساليب لتعلم الآلة يمكن استخدامها لتحديد ما يسمى بالمتغيرات السببية الخفية، أي المفاهيم أو الأشياء الأساسية المسؤولة عن صياغة العلاقات بين السبب والنتيجة في العالم.
يقول زانغ: “الطريقة الأساسية لزيادة معرفة البشر هي سبر أغوار العالم الخفي عن طريق تحليل ما يمكننا قياسه وجعل العالم الخفي شفافاً بالنسبة لنا”.
أعدّ زانغ، بالتعاون مع عدد من الباحثين من جامعة كارنيجي ميلون، دراسة تقترح نهجاً جديداً لتحديد المتغيرات السببية الخفية بناءً على البيانات القابلة للملاحظة. وستُقدم هذه الدراسة في المؤتمر الدولي لتعلم الآلة الذي يعقد هذا الشهر في فيينا. وتجدر الإشارة إلى أن باحثين من جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي شاركوا في إعداد 25 دراسة سيتم تقديمها في هذا المؤتمر، الذي يعد من أكبر وأهم المؤتمرات السنوية في مجال تعلم الآلة.
التحدي الرئيسي في دراسة السببية هو تحديد الظواهر أو الأشياء المسؤولة فعلياً عن السبب والنتيجة. قبل عقود، كان يُعتقد أنه يمكن تحديد العلاقة السببية بشكل مؤكد من خلال تحليل المتغيرات القابلة للملاحظة. ولكن بحسب زانغ: “هناك أمثلة كثيرة تدفعنا للتخلي عن هذا الافتراض”.
لتوضيح ذلك، يضرب زانغ مثلاً بصورة ملتقطة بكاميرا رقمية. فالبكسلات في الصورة الرقمية لها خصائص يمكن ملاحظتها، مثل السطوع واللون، وهي ترتبط ببعضها بعلاقات على امتداد الصورة. ولكن لا توجد علاقات سببية بين البكسلات بحيث يؤدي بكسل معين لاكتساب بكسل آخر خصائص معينة. فالبكسلات في الصورة تعكس ظواهر في العالم، مثل الضوء والعلاقات المكانية بين الأجسام.
يُطلق على نهج زانغ وزملائه اسم التعلم بالتمثيل السببي، وهو يفترض أن المتغيرات التي يجري قياسها تنتج عن متغيرات لا تخضع للملاحظة المباشرة، وتُعرف أيضاً بالمتغيرات الكامنة. وبما أن المتغيرات الخاضعة للقياس نتيجة لعلاقات سببية ومتغيرات كامنة، فيمكن استخدام نماذج تعلم الآلة لاستخلاص العلاقات السببية والمتغيرات الكامنة من البيانات القابلة للملاحظة.
يمكن استخدام نهج زانغ وفريقه في بيئات مختلفة ومع بيانات موزعة بأشكال متنوعة. وهو يشرح ذلك بقوله: “نتحدث في هذه الورقة عن بيئات أساسية يمكننا فيها تحديد المتغيرات السببية الخفية وعلاقاتها عندما يكون لدينا توزيعات متعددة”. يهتم زانغ مثلاً باستخدام هذا النهج لتحليل بيانات التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي لفهم العلاقات بين أجزاء الدماغ بشكل أفضل. ولكن هذا ينطوي على تحديات كبيرة بسبب الطبيعة المتغيرة لبيانات التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي، كما يوضح زانغ: “بيانات التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي لنفس المريض يمكن أن تتغير من يوم لآخر. ولكن التعلم بالتمثيل السببي يوفر فرصة للكشف عن العلاقات بين أجزاء الدماغ”، وهو أمر غير ممكن بأساليب أخرى.
على الرغم من وجود أبحاث سابقة تناولت أيضاً التعلم بالتمثيل السببي، إلا أن هذه أول دراسة تتناول هذا الموضوع في البيئات غير المعلمية، وهي بيئات أكثر انفتاحاً وتنوعاً من البيئات المعلمية.
علاوة على ذلك، لا يتطلب النهج الذي يقترحه الباحثون تدخلاً تجريبياً، بمعنى إجراء تغييرات على متغير معين بهدف تحديد السبب والنتيجة. وتُعتبر التجارب السريرية للأدوية الجديدة خير مثال على النهج التجريبي، حيث يُعطى الدواء الذي تجري دراسته لمجموعة من المرضى ولا يُعطى لمجموعة أخرى. وفي ظل تساوي جميع العوامل الأخرى، يمكن للتجربة السريرية المصممة بهذه الطريقة أن تعطي العلماء فكرة عن تأثير الدواء على المرضى.
يتحدث زانغ عن طموحه على المدى الطويل في أتمتة عملية اكتشاف المتغيرات الخفية التي تحدد السبب والنتيجة في العالم قائلاً: “بصفتنا علماء متخصصين في الآلات، أعتقد أن علينا إيجاد طريقة لزيادة المعرفة الإنسانية. ولنتمكن من تحقيق ذلك، علينا اكتشاف العلاقات الحقيقية حتى نتمكن من فهم ما يجري وإيجاد طريقة لقياس هذه العلاقات والتحكم بها”.
ويشير زانغ إلى اكتشاف نيوتن قانونه الثاني للحركة، وإلى اكتشاف آينشتاين قانون الطاقة، متسائلاً: “كيف يمكن للآلات أن تكتسب قدرات مماثلة؟”
من المأمول أن يؤدي اكتساب الآلات هذه القدرات إلى تسريع الاكتشافات العلمية بشكل كبير.
الدكتور فخري كراي يسهم في تطوير نموذج إحصائي جديد قد يساعد في تحسين مستويات الاستدامة وجودة النظم.....
خوارزميات تعَلُمِ الآلة – نُظم قادرة على اتخاذ القرارات أو تقديم التوقعات من خلال تحليل مجموعات ضخمة.....
فريق باحثي يطور مجموعات بيانات لتحسين أداء النماذج اللغوية الكبيرة متعددة الوسائط في تحليل صفحات الإنترنت وإنشاء.....