منحت جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي جوكول كارثيك كومار الحرية في استكشاف مجالات متعددة في الذكاء الاصطناعي أثناء إكمال دراساته في برنامج الماجستير الممتد على سنتَين. ويقول كومار إن الفضل يعود إلى هذه المقاربة العابرة للمجالات البحثية ضمن القطاع في اكتشافه المسار الذي يرغب باتباعه وحصوله على تكريمات متعددة في مرحلة مبكرة من مسيرته المهنية.يعمل كومار، وهو أحد خريجي برنامج الماجستير لعام 2023 في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، عند تقاطع الطرق بين الرؤية الحاسوبية التي كانت موضوع تخصصه ومعالجة اللغات الطبيعية التي هي شغفه. وقد اختار اغتنام الفرصة التي أتاحها له هذه الجامعة البحثية الجديدة للدراسات العليا الذي أُسس مؤخراً في أبوظبي عوضاً عن قبول عرض للالتحاق بجامعة واترلو المرموقة في كندا، وهو متأكد من أن هذا القرار كان القرار الصحيح.
ويقول: “تمتعت بالمرونة اللازمة لاستكشاف مجالات بحثية مختلفة متعلقة بالذكاء الاصطناعي، واخترت أكثر المجالات التي تهمني. ففي حين أنني تخصصت في الرؤية الحاسوبية، دعمني الأستاذ المشرف علي لأعمل على مشاريع في مجالات أخرى مثل معالجة اللغات الطبيعية ومعالجة الكلام، ما أشعرني بالرضا فعلاً وساعدني على تحديد المجالات التي تهمني والتي أنا شغوف بها حقاً.”
وُلد كومار في تاميل نادو في الهند، وهو يتميز ببداهته ووتيرة عمله السريعة. ولا شك في أنه قادر على مواكبة التغيرات السريعة التي يشهدها الذكاء الاصطناعي. ويفيد: “لقد تعلمت على أيدي أساتذة هم من بين الأفضل ويملكون معرفة كبيرة في الذكاء الاصطناعي. كما أنني عملت على تحسين مهاراتي البحثية، مثل التعرف على المشكلة وكتابة عرض البحث وتقديمه. وشكلت تجربتي في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي نقطة تحولية لي وأعدتني خير إعداد لتطوير مسيرتي المهنية المستقبلية في مجال بحوث وتطوير الذكاء الاصطناعي.”
وتماماً مثل فريقه المفضل في الدوري الهندي الممتاز للكريكيت، ملوك تشيناي الخارقين، يرى كومار أن رحلته الدراسية في برنامج الماجستير جعلت منه أحد أعضاء فريق فائز. ومن أعز ذكرياته في الإمارات العربية المتحدة حضور مباراة لملوك تشيناي الخارقين فاز فيها الفريق ضمن الدوري الهندي الممتاز في عام 2021. وكان ذلك في دبي في بداية رحلته الدراسية. وها فريقه المفضل يفوز مجدداً في نهاية هذه الرحلة في عام 2023، قبل أيام قليلة من حفل التخرج.
يتمثل التحدي المقبل الذي سيواجهه كومار في المساهمة في تطوير نماذج لغوية كبيرة لخدمة البلد الذي دعمه في خلال رحلة الماجستير، وهو الإمارات العربية المتحدة، تلك الدولة التي أدركت أهمية استخدام الذكاء الاصطناعي لتحقيق أثر إيجابي وجعلته من أولوياتها. ويقول كومار: “سأنضم إلى المعهد التأسيسي للذكاء الاصطناعي التابع لشركة “جي 42″ حيث قدمت طلب توظيف كأحد العلماء. وسأتعاون مع فريق من الخبراء لتطوير نماذج لغوية كبيرة مصممة خصيصاً للتطبيقات المعنية بالإمارات العربية المتحدة.”
أدى إطلاق النماذج اللغوية العامة مثل “شات جي بي تي” لشركة “أوبن أيه أي” و”بارد” لشركة “غوغل” إلى تسليط الضوء على الذكاء الاصطناعي في المناقشات العامة. وفي هذا السياق، يعمل كومار وزملاؤه حول العالم على تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي وتدريبها لمواجهة مختلف التحديات. والجدير بالذكر أن تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي قد أصبحت واسعة الانتشار لأنه يمكن استخدامها لتوليد محتوى شبيه بالمحتوى الذي يولده البشر، بدقة نسبية وبسرعة كبيرة.
ويفسر كومار: “عند إطلاق شات جي بي تي للاستخدام العام، شهد القطاع تحولاً هائلاً. في السابق، كانت مختلف المؤسسات تعمل على تطوير نماذج متعددة لإنجاز مهام متنوعة. أما اليوم، فتستطيع واجهة واحدة أن تعزز فاعلية مهام يومية متعددة. ويبيّن شات جي بي تي عن قدرة أداء مثيرة للإعجاب فيما يتعلق بحل مجموعة متنوعة من المشاكل. ولكن لا تزال المخاوف بشأن الأمن والخصوصية قائمة.”
ويضيف: “يمكن مثلاً مشاركة المعلومات السرية على شكل مدخلات عن غير قصد، كما ثمة خطر من توليد الأخبار الزائفة المضللة على الإنترنت. يعمل بعض من زملائي بنشاط على كيفية التعرّف على هذا المحتوى المضلل الذي يتم توليده، فيما يركز آخرون على تطوير نماذج تكون أكثر استدامة وكفاءة من حيث الطاقة المستهلكة. لذلك، لقد كان لهذه التقنية وقعاً كبيراً على مجال الذكاء الاصطناعي، وتتوفر إمكانات هائلة لتحقيق تقدم إضافي. إننا نشهد فترة مثيرة للاهتمام حقاً وأتطلع إلى الحصول على فرصة للمساهمة في هذه التطورات في القطاع.”
تنظر أطروحة كومار في طرق التمثيل الفعالة للبيانات متعددة اللغات ومتعددة الصيغ. ويتطرق بحثه إلى المهام الأساسية مثل الإجابة عن الأسئلة وتصنيف الميم التي تعبر عن الكراهية، وتحويل النص إلى كلام، واسترجاع صور النصوص. ولبحث كومار أهمية كبيرة نظراً لواقعنا اليوم، إذ تنتشر وسائل التواصل الاجتماعي بشكلٍ كبير وتزداد حالات التنمر عبر الإنترنت.
وتطرح الميم التي تعبر عن الكراهية، والتي تتضمن خطاب كراهية يستهدف الأفراد على وسائل التواصل الاجتماعي، خطراً مثيراً للقلق. وفي حين تتوفر تقنيات متعددة لتصنيف هذه الميم، ابتكر كومار طريقة بسيطة تجمع بفاعلية بين الصورة والخصائص النصية للتنبؤ باحتمال وجود الكراهية. وقد يمكّن ذلك منصات التواصل الاجتماعي من اتخاذ قرارات مدروسة حول نشر هذه الميم أو عدم نشرها.
علاوة على ذلك، شارك كومار في تطوير برنامج “أوتوداب” الذي حصل على جائزة، وهو منصة ذكاء اصطناعي للدبلجة يتفاعل فيها البشر مع الآلة. وهي تهدف إلى التخلص من العوائق اللغوية في محتويات الفيديو التثقيفية من أجل تحسين التعلم عن بعد عبر الإنترنت في جميع أنحاء العالم. ويدمج “أوتوداب” بطريقة سلسة عمليات إعادة الكتابة والترجمة وإضافة صوت الراوي وفصل الأصوات في الخلفية من أجل التوصل إلى ترجمات دقيقة وبالتالي تعزيز وصول الجميع إلى الفيديوهات. ونظراً لأن عدداً كبيراً من الفيديوهات التثقيفية يتوفر باللغة الإنجليزية، يعاني الأشخاص غير المتحدثين باللغة الإنجليزية كلغتهم الأم صعوبة في الوصول إلى المعلومات. وتقدم منصة “أوتوداب” حلاً عملياً لمعالجة هذه المشكلة.
ويقول: “الأمر المشوق بشكلٍ خاص من حيث مسيرتي المهنية المستقبلية هو أنني أمتلك فرصة لتحقيق أثر ملموس. سيكون الأمر رائعاً إذا استطعت تطوير شيء يحسن العمليات وبالتالي يؤثر بشكلٍ إيجابي على حياة عدد كبير من الأشخاص. لا تمتلك إلا بعض المجالات التقنية بالقدرة على ابتكار شيء يجذب اهتماماً واسعاً فوراً ويحفّز النقاش في مختلف المجتمعات.”
يتمتع كومار بخبرة كبيرة في تعلم الآلة المتعلق بالنصوص والصور والكلام والسلاسل الزمنية إذ سبق أن عمل في مؤسسات تكنولوجية رائدة مثل مايكروسوفت للبحوث في الهند، وتي سي أس للبحوث، وجامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، والمعهد الهندي للتكنولوجيا في مدراس. والجدير بالذكر أنه فاز بمسابقات هاكاثون متعددة، منها هاكاثون معهد مهندسي الكهرباء والإلكترونيات حول تكنولوجيا اللغة المنطوقة لعام 2022، والهاكاثون الدولي في قطر، وثماني مسابقات هاكاثون وطنية في الإمارات العربية المتحدة والهند، وحاز براءة اختراع في الولايات المتحدة.
بالإضافة إلى ذلك، شارك كومار في تأليف مقالات تم نشرها في أفضل المؤتمرات مثل المؤتمر الدولي لعلم الصوتيات التابع لمعهد مهندسي الكهرباء والإلكترونيات (2023)، وورشة عمل جمعية اللغويات الحاسوبية (2022)، وورشة عمل مؤتمر الأساليب التجريبية في معالجة اللغات الطبيعية (2022)، والمؤتمر الدولي المشترك للشبكات العصبية.
وبعد حفل التخرج في 4 يونيو، سيتوجه كومار إلى اليونان لحضور المؤتمر الدولي لعلم الصوتيات التابع لمعهد مهندسي الكهرباء والإلكترونيات لعام 2023 حيث سيقدم ورقته البحثية بعنوان “نحو بناء نظم تحويل النص إلى كلام للمستخدمين المليار القادمين.” وتجدر الإشارة إلى أن مشاركة كومار في المؤتمرات رفيعة المستوى في خلال دراسات الماجستير سمحت له بالتواصل مع الباحثين الآخرين وتوسيع شبكة معارفه المهنية.
ويفيد في هذا الصدد: “بدأت هذا المشروع أثناء التدريب الصيفي الذي شاركت فيه في مايكروسوفت للبحوث في الهند، حيث تعاونت مع المؤلف المشارك في الورقة برافين، الذي يعمل في المعهد الهندي للتكنولوجيا في مدراس. تضمن عملنا تقييماً تلقائياً لخيارات التصميم لنظم تحويل النص إلى كلام، ما أدى إلى إطلاق نماذج فائقة التطور لما مجموعه 13 لغة هندية. إذ تتوفر معظم نظم تحويل النص إلى كلام باللغة الإنجليزية، ولكن من شأن توسيع هذه النظم لتشمل اللغات المحلية أن يساهم في الوصول إلى جماهير كبيرة، ولاسيما إلى الأشخاص الذين لا يعرفون القراءة.”
كومار هو أول فرد من أفراد أسرته يحصل على شهادة ماجستير. وقد حاز شهادة بكالوريوس في تقنية المعلومات من جامعة آنا في الهند. والجدير بالذكر أنه واحد من بين 59 طالباً في مجالات الرؤية الحاسوبية وتعلم الآلة ومعالجة اللغات الطبيعية الذين يتخرجون في دفعة عام 2023. ونجح زملاؤه في الحصول على وظائف بدوام كامل في شركات مرموقة وطنية ودولية مثل أدنوك وسناب شات (المملكة المتحدة) وشركة أبوظبي للنقل والتحكم وشرطة أبوظبي وشركة فورتي جارد الناشئة في أبوظبي. وشارك أكثر من نصف طلاب الدفعة في برامج تدريبية اختيارية في الصيف الماضي، ما ساعدهم على اكتساب خبرة عملية وقيّمة في القطاع.
يحتفي العالم في 18 ديسمبر من كل عام باليوم العالمي للغة الضاد في لفتَتٍ يقف فيها العالم.....
فريق بحثي من جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي وجامعة موناش يبحث في مدى قدرة النماذج اللغوية.....
اقرأ المزيدفريق بحثي من جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي يفوز بجائزة تقديرية عن دراسة بحثية تشجع الباحثين.....