كيف يفسّر حاسوب نقطة معينة في الشرق الأوسط استناداً إلى بيانات القمر الصناعي؟ هل يصف المنطقة بأكملها وفق المساحات الشاسعة وغير المأهولة التي تشكل الربع الخالي أو أنه يركز عوضاً عن ذلك على المناطق الحضرية ذات الكثافة السكانية العالية مثل دبي أو الرياض؟ ونطرح السؤال نفسه بالنسبة لأونتاريو، وهي المقاطعة التي تسجل أعلى كثافة سكانية في كندا ولكنها تحتوي أكثر من مليون كيلومتر مربع من المساحات الواسعة وغير المأهولة.تحيط بنا البيانات بالفعل، بدءاً من أنظمة التموضع العالمي التي نستخدمها في الملاحة وصولاً إلى الكاميرات فائقة الوضوح التي نستعين بها لالتقاط صور محيطنا. وتؤدي المقاربة التي نعتمدها تجاه جمع هذه البيانات واستخدامها دوراً أساسياً في كيفية فهمنا للعالم من حولنا. إذ يمكننا مثلاً الحد من البيانات التي نجمعها وحصرها بالعناصر الأساسية، وقد أصبحت هذه المسألة من التحديات الرئيسية في مجال تعلم الآلة وتُعرف باسم تقليص الأبعاد.
يُعتبر تقليص الأبعاد نهجاً يهدف إلى استخراج الأجزاء المفيدة من مجموعات البيانات وضمان توفر ما يكفي من البيانات في الوقت نفسه لاستخلاص نتائج مفيدة منها. أما مجموعة الظروف التي تنشأ في خلال هذه العملية، فغالباً ما يُشار إليها باسم “لعنة الأبعاد”، وهو مصطلح ابتكره عالم الرياضيات ريتشارد بيلمان لتقديم تفسير مطول حول كيف أن نمو مجموعة البيانات يطرح تحدياً هائلاً يعيق استخدام هذه البيانات.
عمد فريق من الخبراء مؤخراً على تركيز عملهم على المساحات المختلفة جداً التي تنتشر في أنحاء الشرق الأوسط وكندا بهدف تأليف كتاب مرجعي حول تقليص الأبعاد. عمل الأستاذ في قسم تعلم الآلة في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي وعميد الجامعة السابق فخري كراي مع المؤلفين المشاركين بنيامين غوجوغ (طالب دكتوراه سابق تحت إشراف كراي) ومارك كراولي (أستاذ في هندسة الكهرباء والحاسوب في جامعة واترلو) وعلي غودشي (أستاذ في علوم الحاسوب في جامعة واترلو) لتأليف كتاب بعنوان “عناصر تقليص الأبعاد وتقليل الأبعاد غير الخطية”. ويشكل هذا الكتاب مقرراً ومرجعاً يفيد الطلاب ويثقّفهم، وهو يدعم عمل الباحثين والباحثين في مرحلة ما بعد الدكتوراه وأعضاء الهيئات التدريسية في مجالات متنوعة في تعلم الآلة والذكاء الاصطناعي.
طُرحت فكرة الكتاب لأول مرة عندما كان كراي يعمل في جامعة واترلو، حيث أعطى دورة حازت بشعبية كبيرة حول المجالات البحثية الناشئة في تعلم الآلة والذكاء الحاسوبي. وازدادت شعبية اثنين من هذه المجالات على وجه التحديد، وهما تقليص الأبعاد وتقليل الأبعاد غير الخطية، لدرجة أن كراي قرر نشر المعلومات على شكل كتاب دراسي بالتعاون مع المؤلفين المشاركين. وكانت النتيجة جمع المواد التي توحّد جميع مجالات تقليص الأبعاد وتقليل الأبعاد غير الخطية وتقديم مرجع يمكن العودة إليه.
يقول كراي في هذا الصدد: 'يشكل الكتاب مخطوطة متطورة جداً حول تقليص الأبعاد وتقليل الأبعاد غير الخطية. وهو يحاول أن يكون متماسكاً بقدر المستطاع ويهدف إلى شمل جميع الفئات الرئيسية في هذه المجالات في تعلم الآلة ضمن إطار موحّد.'
نشرت دار “سبرينجر نايتشر” في سويسرا هذا الكتاب المؤلف من أربعة أقسام، يحتوي كل منها على 21 فصلاً يسعى إلى توضيح تقليص الأبعاد الطيفي والاحتمالي والعصبي القائم على الشبكات.
ويضيف كراي: “يتضمن الكتاب معلومات تقنية بدرجة عالية ومؤثرة جداً، لكنه يحاول أيضاً توضيح المفاهيم الأساسية لتقليص الأبعاد وتقليل الأبعاد غير الخطية وغيرها. كما يتضمن الكتاب عدداً كبيراً من المراجع، ما يعني أنه يمكن الانطلاق منه للتوجه نحو مسارات بحثية متعددة. وفي الواقع، حرصنا على ذكر الكتب والمنشورات المهمة والمؤثرة في مختلف مجالات تعلم الآلة.”
تستهل الكتاب أربعة فصول تمهيدية تناقش بعض المواضيع التأسيسية مثل تاريخ تقليص الأبعاد، وتتبعها فصول حول الجبر الخطي والنواة والتحسين. هذا ويتضمن الكتاب عدداً كبيراً من المراجع التي تمتد من عام 1940 وحتى يومنا هذا لتعرض مجموعة الأدبيات الأساسية في هذا المجال البحثي.
وتقول مقدمة الكتاب: “ازداد مستوى الاهتمام والتقدم في مجال تعلم الآلة بشكلٍ كبير، وازدادت معه الحاجة إلى الكتب التعليمية والمرجعية التي تفسر مختلف نواحي تعلم الآلة.” انطلاقاً من هنا، وضع المؤلفون نصاً “يغوص في أعماق المفاهيم الأساسية والتطورات الحديثة… ويقدم للقارئ فهماً شاملاً” لتقليص الأبعاد وتقليل الأبعاد غير الخطية.
ولا شك في أن تأليف هذا الكتاب شكل مهمة طموحة في مجال الذكاء الاصطناعي الذي يشهد تغيرات سريعة. ولكن وفق رأي كراي، من المهم جداً أن يتم إنتاج نصوص تأسيسية وتوفيرها مع تقدم تعلم الآلة لكي يستفيد الطلاب من أحدث التطورات ويمتلك الممارسون نقطة مرجعية يستطيعون إسناد البحوث الأكاديمية الدقيقة إليها.
ويقول: “نحن في النهاية نتكلم عن كيفية الاستفادة من البيانات واستخدامها على شكلٍ أفضل. هذه أشياء ستؤثر في حياة الجميع. ولقد نبع إنتاج كتاب مرجعي مؤثر عن اهتمام كبير وشغف في هذا المجال. واستغرق سنوات من العمل الشاق. ويتوجب علي هنا أن أشكر المؤلفين المشاركين معي والمحررين الذين لم يكن هذا الكتاب ليكتمل من دونهم. لولا الجهود التي بذلها الجميع، لم يكن هذا الكتاب ليصبح واقعاً، ولذلك أنا أشعر بالامتنان الهائل والتواضع، كما أنني على يقين من أن الأكاديميين والطلاب والمهنيين سيستفيدون منه.”
يحتفي العالم في 18 ديسمبر من كل عام باليوم العالمي للغة الضاد في لفتَتٍ يقف فيها العالم.....
فريق بحثي من جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي وجامعة موناش يبحث في مدى قدرة النماذج اللغوية.....
اقرأ المزيدفريق بحثي من جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي يفوز بجائزة تقديرية عن دراسة بحثية تشجع الباحثين.....