يُشبه الرياضيون غالباً “بالآلات التي تعمل جيداً”، ولكننا في الألعاب الأولمبية والبارالمبية نحتفل بإنجازاتهم البشرية الاستثنائية. على الرغم من ذلك، يلعب الذكاء الاصطناعي دوراً مهماً ومتزايداً في جعل هذه الألعاب أكثر شمولاً وإثارة، حيث ستسهم بحوث جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي في تحقيق إنجازات رياضية أكبر.
كما قال توماس باخ، رئيس اللجنة الأولمبية الدولية: “سباق المائة متر يجب دائماً أن يركض فيه رياضي”. هذه المقولة توضح لماذا يمكن الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في الألعاب لتعزيز إنجازات البشر وليس لتقديم بديل لها.
فلنلقِ نظرة على كيفية مساهمة الذكاء الاصطناعي في جعل الألعاب الأولمبية والبارالمبية هذا العام أروع من سابقاتها، وما يمكن أن يقدمه في المستقبل.
منافسة عادلة
يعتقد أحمد شرشر، طالب الدكتوراة في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، أن بحثه في مجال التعرف على النشاط البشري والتدريب الذكي في الصالة الرياضية يمكن أن يصنع مستقبل الألعاب الأولمبية والبارالمبية، حيث يقول: “يهدف عملي على توفير موارد التدريب بسهولة أكبر إلى زيادة التنافس والشمول في بطولات مثل دورات الألعاب الأولمبية”.
يركز شرشر في أبحاثه على تحويل نماذج الذكاء الاصطناعي للتدريب الرياضي إلى إصدارات خفيفة الوزن يمكن تشغيلها على أي جهاز دون الحاجة إلى معدات متطورة. ويوضح ذلك بقوله: “هذا النهج يُمكن الجميع من الاستفادة من تكنولوجيا التدريب المتقدمة، مما يسمح للرياضيين من البلدان النامية بالتدرب والمشاركة والمنافسة في الألعاب الأولمبية”.
هذا العام، ستستخدم شركة إنتل، الشريكة في دورة الألعاب الأولمبية، الذكاء الاصطناعي لمساعدة ذوي الإعاقة البصرية، حيث أنشأ معالجها المدعم بالذكاء الاصطناعي نماذج ثلاثية الأبعاد لمراكز في باريس وألمانيا لتمكين ذوي الإعاقة البصرية من التنقل باستخدام أصواتهم عبر تطبيق على الهاتف.
كما استخدمت إنتل منصة الذكاء الاصطناعي التوليدي Gaudi 2 لدعم روبوت محادثة أولمبي يساعد 10 آلاف رياضي على التنقل في القرية الأولمبية ومواقع المنافسات، حيث سيقوم النموذج اللغوي الكبير بتحويل المعلومات المعقدة الموجودة عادة في ملفات PDF إلى محادثات سهلة الفهم. فهو يبسط التعقيدات اللوجستية، ويوفر إجابات سريعة على الأسئلة عن مواعيد الحافلات أو قواعد مكافحة المنشطات المتعلقة باستخدام بعض الأدوية الشائعة.
تحقيق أعلى مستويات الأداء
ترى كريمة قضوي، الباحثة المساعدة في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، أن تصميم أنظمة تدريبية مخصصة يمكن أن يفيد الرياضيين البارالمبيين بشكل خاص في ضوء التباين في درجة الإعاقة. وهي تقول إنه من خلال تحليل التسجيلات المصورة للتدريبات والمسابقات السابقة، “يمكن للذكاء الاصطناعي المساعدة في تصميم المعدات والأطراف الصناعية والكراسي المتحركة وفقاً لاحتياجات كل فرد. ففي مرحلة التصميم، يمكن الاستفادة من الذكاء الاصطناعي لتنفيذ عمليات محاكاة تسمح بملاحظة عمل الدعائم مع تقليل الضرر الذي قد يلحق بالرياضيين أثناء تجربتها”.
وفي حالة الأطراف الاصطناعية التي تعمل بالبطارية مثل اليد البيونيكية، تعتقد قضوي أن بإمكان الذكاء الاصطناعي تحسين خرج الطاقة تبعاً للحاجة، مما يسمح للرياضيين بتقديم أفضل أداء دون استنفاد طاقتهم بسرعة كبيرة. وربما يتمكن الذكاء الاصطناعي أيضاً من تكييف الطرف الاصطناعي بشكل يلائم مراحل مختلفة من اللعبة أو السباق، “مثل الركض بوتيرة متسقة في اللفات الأولى بهدف المحافظة على الطاقة ومن ثم الركض بأقصى سرعة في الأمتار الأخيرة”.
ولكن قضوي تؤكد على ضرورة توفير هذه التكنولوجيا بشكل عادل، وتدعو لوضع لوائح تمنع الذكاء الاصطناعي من منح الرياضيين مزايا غير عادلة بسبب تكاليفه المرتفعة، حيث تقول: “علينا جعل هذه التكنولوجيا متاحة للجميع”.
لقطات دقيقة
يُعد تصوير الإنجازات الرياضية في الألعاب الأولمية أمراً صعباً، خاصة في السرعات العالية. ولكن الذكاء الاصطناعي قادر على تحويل البيانات إلى صور بشكل فوري تقريباً. فهو يلتقط الصور ويعالجها ويقدمها للمشاهدين في أقل من عشر الثانية، مما يتيح تجربة مشاهدة معززة بمعلومات لم تكن متاحة في السابق.
سيقدم نموذج صوتي مدعوم بالذكاء الاصطناعي ملخصاً يومياً لأهم النتائج على قناة “إن بي سي” بصوت المذيع الأمريكي آل مايكلز. حيث سيقوم نموذج لغوي كبير بمعالجة آلاف الساعات من التغطية المباشرة، ومسح الترجمات والبيانات الوصفية لتلخيص مقاطع الفيديو قبل تقديمها لنموذج الذكاء الاصطناعي الذي يستخدم صوت مايكلز. وسيتولى محررون التحقق من صحة النطق، خاصة أسماء الرياضيين. تقول شبكة “إن بي سي” إن هذه المرونة ستسمح لها بتقديم 7 ملايين ملخص مصور مخصص للمستخدمين خلال دورة الألعاب.
المساعدة في اتخاذ القرارات
سيساعد الذكاء الاصطناعي الحكام من خلال توفير بيانات موضوعية بشكل فوري، مما يسمح لهم بالتركيز على نواحٍ أكثر دقة. على سبيل المثال، يمكن للذكاء الاصطناعي تحديد زاوية الغطس، أو إظهار نزول لاعب جمباز خارج المنطقة المحددة، مما يتيح للحكام معلومات دقيقة تمكنهم من اتخاذ قرارات أكثر عدلاً.
هناك جدل حول مدى دمج الذكاء الاصطناعي في عملية التحكيم. ولكن نظام عين الصقر (Hawk-Eye) للرؤية الحاسوبية مستخدم منذ عقود وأسهم في تقليل أخطاء حكام التنس ومساعديهم بنسبة 8% مقارنة بما كان عليه الحال قبل استخدامه.
سيسهم استخدام الذكاء الاصطناعي بكامل إمكاناته في توسيع نطاق المشاركة في الألعاب الأولمبية والبارالمبية وزيادة جاذبيتها. وهذا التكامل يؤذن بعصر جديد من الابتكار، مما يجعل الألعاب ليست مجرد ساحة لإظهار القوة والمهارة البشرية، بل أيضاً دليلاً على قوة التكنولوجيا المتقدمة.
تيم بالدوين، عميد جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، يناقش كيفية إنشاء الجيل القادم من مبتكري الذكاء.....
في ورقة بحثية حديثة قدمت خلال فعاليات الاجتماع السنوي لجمعية اللغويات الحاسوبية 2024، تناولت الباحثة يوشيا وَانغ.....
اقرأ المزيدشهد سموّ الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي رئيس المجلس التنفيذي لإمارة.....