التنبؤ بعدد حالات الاستشفاء باستخدام الذكاء الاصطناعي

Wednesday, April 12, 2023

من الصعب توقع عدد المرضى الذين سيدخلون المستشفى في أي وقت من الأوقات، لذا يطرح هذا الأمر تحدياً كبيراً في مجال الرعاية الصحية. إذ يجب على المرافق أن تتنبأ، وبشكل دقيق، بالتدفق المحتمل للمرضى، وذلك من أجل التأكد من جاهزية المتخصصين في الرعاية الصحية والمعدات والموارد غير الطبية.وخلال جائحة “كوفيد-19” على وجه التحديد، تضاعفت التحديات التي يطرحها التنبؤ الدقيق باحتياجات مرافق الرعاية الصحية، وذلك بسبب تفشي الوباء الذي تسبب في طفرات في حالات الاستشفاء. وقد واجهت فرق إدارة الأزمات صعوبات في التنبؤ بعدد المرضى الذين سيدخلون المستشفى لتلقي العلاج بطريقة دقيقة لتوفير المرافق الصحية بالشكل المناسب.

في هذا السياق، انطلقت البروفيسورة أغات غييو، أستاذة الإحصاء في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، في مهمة لضمان عدم تضييع الدروس المستفادة من فترة تفشي الوباء. إذ تعتقد غييو أن إجراء بعض التعديلات الأساسية على الخوارزميات التي تدعم أنظمة التنبؤ بعدد المرضى من شأنه أن يؤثر إلى حد كبير في قدرة هذه الأنظمة على التنبؤ.

إذ عادةً ما تتم نمذجة تفاعل الأنظمة المتعددة عبر المعادلات التفاضلية، بناءً على فرضية أن الدالة يمكنها أن تربط قياسات السلاسل الزمنية بديناميكية النتائج التي يتم رصدها.

لا بد من الإشارة إلى أنه، وأثناء العمل على هذه التعديلات التي أجرتها على الخوارزمية، كان لا بد لها من استخدام البيانات في الوقت الحقيقي، بدلاً من الإحصائيات المتاحة في الأرشيف أو المؤجلة. في الإطار عينه، أصدرت شركة “غوغل” بعض البيانات حول التنقل والتي تركز على التوجه إلى أماكن العمل والصيدليات ومحطات النقل العام، كما أصدرت خدمة الأرصاد الجوية الوطنية الفرنسية بيانات تتعلق باحتمالية تنقل المواطنين، والإصابة بالأمراض ونشرها، فضلاً عن احتمال توجههم إلى المستشفى، وهو العامل الأكثر ارتباطاً بأبحاث غييو.

فقد توقعت غييو، باستخدام بيانات الجائحة التي شهدها العالم في العام 2021 معتبرة أنها بيانات في الوقت الحقيقي، حالات الاستشفاء قبل مدة تراوحت من 10 إلى 14 يوماً، ثم قارنت نتائجها مع معدل الاستشفاء الفعلي. وقد كمن الهدف الذي عملت على تحقيقه في تقليل الخطأ في التنبؤ قدر الإمكان. إذ يشمل النموذج الذي عملت عليه غييو، والذي يحمل اسم “سيغلاسو” تحسيناً واضحاً على المعايير المتّبعة في المجال الصناعي (الوحدة المتكررة ذات البوابات والمعادلات التفاضلية ذات التحكم العصبي).

تعليقاً على عملها، تقول غييو: “يمكننا، عبر استخدام البيانات المعروفة، اكتشاف الدالة التي تربط بين المدخلات والمخرجات. فعندما يكون لدينا بيانات إدخال جديدة، يمكننا التنبؤ بالمخرجات. في الواقع، تعتمد ديناميكية الاستشفاء على أنظمة تفاعل متعددة تشمل السلوك البشري والطقس والتنقلات. لذا غالباً ما تكون البيانات المتاحة بسرعة وسهولة عبارة عن ملاحظات متفرقة، الأمر الذي يحد من دقة خوارزميات التنبؤ.”

بناءً عليه، لا بد أيضاً للخوارزمية التي تحاول التنبؤ بالدالة من أن تكون متعددة المتغيّرات، وأن تدمج نفس المتغيرات المتاحة في بيانات العالم الواقعي. لذا، تقترح غييو خوارزمية محسّنة يمكن اعتمادها أيضاً في إعدادات أخرى، مثل استخدام قياسات وزن المولود الجديد للتنبؤ بالحماض اللبني، وبالتالي تقليل الحاجة إلى إجراءات تتطلب تدخلاً جراحياً.

إن المعادلة التفاضلية العصبية هي أحدث ما وصل إليه العلم في هذا المجال. وتُعتبر النتائج التي توصلت إليها الدكتورة أفضل من معادلات الشبكة العصبية المعيارية المُستخدمة في المجال الصناعي، والشبكات العصبية المتكررة المعيارية. ففي بعض المهام، قد يكون الذكاء الاصطناعي قد تعمّق جداً في الشبكات العصبية العملاقة، ولا بد لنا من التركيز من جديد على نماذج أبسط تكون قابلة للتفسير. يُذكر أن إدارة الغذاء والدواء ووكالة الأدوية الأوروبية أصدرتا عمليات التنظيم الخاصة بالأجهزة الطبية القائمة على الذكاء الاصطناعي، كما اعتمدتا عامل قابلية التفسير كمعيار أساسي للموافقة على الأجهزة.

نبذة عن الدكتورة أغات غييو

قبل انضمامها إلى جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، تولت غييو رئاسة مختبر الرياضيات في جامعة إيفري باري ساكلاي في فرنسا، الذي كان يضم 45 عضواً من الهيئة التدريسية والموظفين بدوام كامل، يقدّم لهم الدعم 15 طالباً في مرحلة ما بعد الدكتوراه. كما عملت أيضاً أستاذة في الإحصاء في القسم الأكاديمي في المختبر، حيث أسست برنامج الماجستير في علم البيانات وتولت قيادته.

تشمل أنشطتها البحثية الحالية التعلّم الإحصائي وتطبيقه في مجال الرعاية الصحية. ويتجلى أحد المكونات الرئيسية لعملها في تصميم خوارزميات رياضية لحل المشكلات التي يواجهها الأطباء والباحثون في مجال الطب الشخصي.

إذ تعمل على تحليل العلاقة بين بيانات الإدخال، مثل الملاحظات أو القياسات السريرية من جهة، ونتائج المرضى من جهة أخرى، وتستخدمها لاقتراح نماذج التنبؤ السريري.

فغييو تركز في عملها بشكل أساسي على التعلم من الحياة الواقعية (عبر الملاحظة) ومن البيانات الطولية (خاصة السجلات الصحية الإلكترونية). بعد ذلك، تعمل مع الأطباء على طرق تعزيز دقة الخوارزميات لتحسين فائدتها في التنبؤ بالظروف الصحية المستقبلية للمرضى.

إلى جانب ذلك، تربطها علاقات وثيقة بالشركاء الصناعيين مثل “يوبي سوفت” و”بي دبليو سي” و”داسو سيستمز” والتي تقدمت معها بطلب تسجيل براءة اختراع. وهي أيضاً محررة مشاركة في المجلة الدولية للإحصاء الحيوي وتعمل مع خمسة من طلاب الدكتوراه.

حصلت غييو على شهادة الدكتوراه وشهادتيّ ماجستير، في الإحصاء الرياضي والإحصاء الحيوي وعلم الأوبئة، من جامعة رين 1 والمدرسة الوطنية للإحصاء وتحليل المعلومات. وقد شغلت سابقاً منصبي أستاذ مساعد وأستاذ مشارك في جامعة السوربون. ومع تطور مسيرتها المهنية لتشمل التدريس والبحوث، أكملت غييو برنامج الإعداد لإدارة البحوث، وهو أعلى دبلوم وطني للتعليم العالي، والمطلوب للإشراف على أطاريح طلاب الدكتوراه والتقدم لشغل وظيفة أستاذ ومدير للبحوث.

أخبار ذات صلة

thumbnail
Tuesday, November 26, 2024

النماذج اللغوية الكبيرة وفهم انفعالات الإنسان وعواطفه

فريق بحثي من جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي وجامعة موناش يبحث في مدى قدرة النماذج اللغوية.....

  1. التعاطف ,
  2. انفعالات الإنسان ,
  3. معالجة اللغة الطبيعية ,
  4. EMNLP ,
  5. النماذج اللغوية الكبيرة ,
  6. البحوث ,
اقرأ المزيد