تواجه جميع الصناعات والأعمال في العالم تحدياتٍ يبدو أن الذكاء الاصطناعي قادر على التصدي لها. وهذا تحديداً ما أظهره طالبان من خريجي دفعة عام 2022 من جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي عبر توفير حلول مخصصة باستخدام الذكاء الاصطناعي. وتخرّج الطالبان من دفعةٍ ضمت 52 طالباً موهوباً سيعملون على تقديم الخبرات التي يحتاجها العالم أمسّ الحاجة في مجال الذكاء الاصطناعي.
حصلت دهانالاكشمي جادام، وهي طالبة في برنامج ماجستير العلوم في تعلم الآلة من الهند، وعباس باميديلي عبد السلام، وهو طالب في برنامج ماجستير العلوم في الرؤية الحاسوبية من نيجيريا، على المركز الأول في مسابقة “ذا بيج تك بروجكت” التي نظمتها “دي بي وورلد”. وتختبر هذه المسابقة الدولية قدرة الطلاب من الجامعات الرائدة في الإمارات العربية المتحدة والهند على حلّ التحديات التجارية في جميع أنحاء العالم من خلال استغلال إمكانات عالم الميتافيرس.
وحاز الثنائي المركز الأول في المسابقة هذا الشهر بعد تشكيل فريق “ديجي كورتكس” الذي ابتكر حلاً مزدوجاً يعتمد على تطبيقات الميتافيرس. ويأتي هذا الحل ليتوّج عامين حافلين قضاهما الطالبان في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، حيث حاز الفريق على تدريبٍ مدفوع من “دي بي وورلد”، وهي شركة خدمات لوجستية إماراتية متعددة الجنسيات.
ولا يزال التأثير الذي يمكن أن يحدثه عملهما في عالم الميتافيرس غير مستغل إلى حد كبير. فأظهرت دراسة أجرتها شركة استراتيجي أند الأسبوع الماضي أنه من المتوقع أن تدرّ تطبيقات الميتافيرس حوالي 15 مليار دولار أمريكي في دول مجلس التعاون الخليجي سنوياً بحلول عام 2030. وذكرت صحيفة ذي ناشيونال أن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ستحصلان على أكبر العائدات (من المتوقع أن تكسب دولة الإمارات 3.3 مليار دولار أي حوالي 22٪)، فيما تواصل الحكومات اتخاذ التدابير التي تتيح لها الاستفادة من إمكانات التكنولوجيا الناشئة.
وشهدت المسابقة تقديم ثلاثة حلول فاعلة أخرى من جامعتين من أفضل الجامعات في الهند هما المعهد الدولي لتكنولوجيا المعلومات في بنغالور والمعهد الهندي للتكنولوجيا في خراجبور، إلى جانب الحلّ المبتكر الذي قدمه فريق جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي.
قال عبد السلام إن الفكرة الأولى التي طرحاها لم تكن مكتملة وأوضح: “لم نكن نعرف طبيعة عملهم فعلياً. “دي بي وورلد” هي شركة لوجستية تعمل في نقل البضائع والتجارة الدولية، وهي مسؤولة عن 10٪ من التجارة العالمية وهذا يعبر عن حجمها الهائل. عندما عقدوا ندوة عبر الإنترنت لشرح نموذج أعمالهم والتحديات التي يواجهونها، قمنا بتطوير فكرتنا أكثر من مرة قبل طرح الفكرة النهائية التي استطاعت في المحصلة الفوز بالجائزة”.
عباس عبد السلام، طالب ماجستير العلوم في الرؤية الحاسوبية
ولم يسبق للثنائي أن عمل في مجال الميتافيرس، ولم يكن ذلك المجال ضمن رسالة الماجستير لأي منهما. بل ركزت رسالة جادام على 'الطرق القائمة على الانتباه لاكتشاف الأشياء ثلاثية الأبعاد وتصنيفها باستخدام الغيوم النقطية'. ولكن على الرغم من الاختلافات بين المجالين من الناحية التقنية، هيأت هذه الرسالة جادام للعمل في مختلف المجالات.
وقالت: 'حصلنا على تهيئة متكاملة من خلال المنهجية التي نتبعها لإجراء أبحاثنا وتحديد مواضيع البحث والمشاكل المشتركة والمخاطر المترتبة عليها، وهو ما منحنا الثقة بقدرتنا على الدخول في أي مجال وتقديم الحلول المناسبة'.
وأضافت جادام: “لم نكن نعلم أبداً أنه يمكننا إيجاد حلول في هذا القطاع. وتعرضنا لمواقف عملية لم نختبرها من قبل. وكان العمل مع المشرف من “دي بي وورلد” في غاية الأهمية إذ مكّننا من فهم العملية ووضع الخطط المناسبة. كنت كلما شعرت بالخوف يطمئنني عبد السلام بأننا سنفوز طالما أننا نبذل كامل جهدنا”.
وكتب عبد السلام أطروحته حول الهجمات العدائية على محولات الرؤية، لكنه سرعان ما أدرك أن عالم الميتافيرس مختلف. وقال: “إنه مجال بحث مختلف تماماً، إذ عملت في مجال دراستي على استكشاف قيود تعلّم الآلة ونماذج الرؤية الحاسوبية. أما الميتافيرس فهو عالمٌ مختلف، ولكن من يمتلك معرفة بالرؤية الحاسوبية أو تعلّم الآلة أو الذكاء الاصطناعي بشكل عام يمكنه تحديد القواسم المشتركة بين المجالين. لقد علمتني جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي كيف أطبق ما تعلمته في العالم الواقعي”.
ووصف عبد السلام الحل الفائز بأنه حلٌ يقوم على فكرتين، ويستخدم تطبيقات الميتافيرس والواقع الافتراضي والواقع والمعزز لتعزيز التدريب والإنتاجية في موانئ ومحطات “دي بي ورلد”. تتمثل الفكرة الأولى في تقديم محاكاة تدريب افتراضية للموظفين الجدد لكي يكتسبوا خبرة قريبة من الواقع في معدات الموانئ من دون الحاجة إلى زيارة المحطات فعلياً.
وقال عبد السلام: “ركز الحل على كيفية تشغيل معدات الموانئ من خلال منح الموظف الشعور بالتواجد المادي في المكان، كرفع إحدى الحاويات ونقلها من مكان إلى آخر باستخدام الرافعة الجسرية. تدير (دي بي ورلد) أكثر من 70 محطة برية وبحرية، ويمكن أن يساعد حل التدريب القائم على الميتافيرس الموظفين الجدد في الحصول على التدريب على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع.”
أما الفكرة الثانية، فتستخدم منصة “جوجل جلاس” لتحسين الكفاءة والصيانة في الموانئ والمحطات من خلال توفير إرشادات ودروس تعليمية يسهل الوصول إليها مباشرةً. يمكن للفنيين أيضاً استكشاف الأخطاء وإصلاحها وإجراء الصيانة عبر العمل مع الخبراء عن بُعد. وسيعمل الحلان معاً على تقليل أخطار الحوادث من خلال تسهيل إجراءات بدء العمل الافتراضية وزيادة الكفاءة عبر تبسيط العمليات.
وأوضحت جادام: “لقد استخدمنا عدسات الواقع المعزز، وهي تمكن الموظفين من الوصول بسهولة إلى دليل الصيانة، وترسل إليهم تذكيراً بالتفتيش الروتيني اليومي أثناء العمل. وهي تمكن الفنيين أيضاً من الوصول إلى دليل الصيانة خطوة بخطوة على شاشة تُعرض أمامهم من دون استخدام اليدين. وركزنا على عمليات التفتيش بشكل أساسي، ولكن يمكن أن تزداد استخدامات هذا النظام مع الوقت مع إمكانية إدارته من خلال أحد تطبيقات الويب.”
ستحضر جادام افتراضياً مؤتمر رابطة مكائن الحوسبة حول الوسائط المتعددة لآسيا 2022 الذي سيعقد في طوكيو في اليابان بين 13 و16 ديسمبر 2022، وهي من طلاب جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي القلائل الذين تم قبول أوراقهم البحثية. تحمل ورقة جادام البحثية عنوان 'CMR3D: التحسين السياقي متعدد المراحل لاكتشاف الأشياء ثلاثية الأبعاد' وهي أول أوراقها البحثية التي يتم قبولها وهي أيضاً المؤلفة الرئيسية لها. تتضمن الورقة إحدى الطرق التي تطرقت إليها في رسالة الماجستير التي كتبتها بالاشتراك مع أعضاء الهيئة التدريسية بجامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، فهد خان، وراو محمد أنور وهشام شولاكال - بالإضافة إلى الباحث المشارك في الجامعة جان لحود. وحصلت جادام على منحة تدريبية لإكمال تدريبها في شركة فالكون روبوت.
دهانالاكشمي جادام، طالبة ماجستير العلوم في تعلم الآلة
حصل عبد السلام وجادام على تأشيرة ذهبية من مكتب أبوظبي للمقيمين، ويخططان للبحث عن المزيد من الفرص في الإمارات العربية المتحدة بعد إتمام فترة التدريب المدفوعة.
يُدير الأستاذ المشارك في الرؤية الحاسوبية، هاو لي، مختبر الميتافيرس الجديد التابع لجامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، وهو ثاني مركز أبحاث بالجامعة وسيركز على دمج الرؤية الحاسوبية والرسومات الحاسوبية وتعلّم الآلة. وسيعمل المختبر على تطوير خوارزميات الذكاء الاصطناعي المتطورة لإنشاء نسخ بشرية افتراضية واقعية، ورقمنة البيئات الديناميكية، وإنشاء محتوى مكاني وثنائي الأبعاد.
وقال سلطان الحجي، نائب رئيس الجامعة للشؤون العامة وعلاقات الخريجين في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي: “يسعدنا أن نشهد نجاح وتميز اثنين من طلاب الجامعة، حيث عملوا على تطوير حل مبتكر قائم على تطبيقات الذكاء الاصطناعي بهدف دعم أعمال (دي بي ورلد) ومتعامليها بشكل خاص، وقطاع سلاسل التوريد بشكل عام. ونلتزم في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي بتسخير التقنيات المتقدمة لخدمة البشرية، فمن خلال إعداد قادة المستقبل في مجال الذكاء الاصطناعي وتعزيز منظومة الابتكار، نسعى كمركز للبحوث نحو خدمة القطاعين العام والخاص عبر تطوير حلول مستقبلية تعزز الكفاءة والفاعلية. ويمثل (ذا بيج تك بروجكت) برهانًا ملموسًا حول كيفية تحويل الأفكار إلى نماذج عملية، ونشكر (دي بي ورلد) على استضافتها ورعايتها لهذه المسابقة الابتكارية التي منحت طلابنا فرصة عظيمة لتطوير حلول مبتكرة وواقعية في قطاع سلاسل التوريد”.
وقال براديب ديساي، الرئيس التنفيذي للتكنولوجيا في مجموعة “دي بي وورلد”، وعضو لجنة تحكيم مسابقة “ذا بيج تك بروجكت”: “لا شك أن الميتافيرس ما زالت تقنية حديثة في طور الإنشاء، حيث لا يمكن توقع أوجه الاستفادة منها في قطاع سلاسل التوريد مستقبلاً، إلا أن الأفكار الملهمة التي قدّمها الطلاب المشاركون، تحوي الكثير من الإمكانات التي يمكن أن تغيّر مشهد حركة التجارة على مستوى العالم. لقد تمكّن الطلاب أن يقدّموا حلولاً ونماذج أولية في أقل من ثمانية أسابيع، والتي تعد فترة قياسية لهذا النوع من المسابقات. ويحظى هذا الإنجاز النوعي بتقديرنا لقوة دافع الطلاب وقدرتهم وطموحهم في هذا المجال. إن ما شاهدناه اليوم، أثار إعجابنا بالفعل، ونتطلع إلى انضمام الطلاب إلى برنامج التدريب في (دي بي وورلد)”.
بينما تحتفل الإمارات بشهر الابتكار تحت شعار "الإمارات تبتكر 2025"، يحاول تيموثي بالدوين – عميد جامعة محمد.....
بعد نجاحه في تطوير أدوات مدعومة بالذكاء الاصطناعي تساعد في الكشف عن المعلومات المضللة والخاطئة، يركز زين.....
اقرأ المزيدرئيس جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي والبروفيسور الجامعي إيرك زينغ، يعلن خلال فعالية نظمتها الجامعة تحت.....