تكمن رعاية المواهب المحلية في جوهر رسالة جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي التي تأسست منذ ثلاث سنوات فحسب. إذ يجد العالم نفسه في سباقٍ بين المواهب في مجال الذكاء الاصطناعي، وهذه الجامعة تأتي في إطار دعم دولة الإمارات العربية المتحدة للاستراتيجية الوطنية والحفاظ على الميزة التنافسية.لطالما تجاوزت دولة الإمارات العربية المتحدة الحدود بالجهود التي تبذلها، وقد أصبحت رؤيتها اليوم حقيقة واقعة من خلال إنشاء المؤسسة الأولى عالمياً في مجال الذكاء الاصطناعي. وأكد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الذي سُميت الجامعة تيمناً به، على الحاجة إلى تعزيز القدرات في مجالي العلوم والتكنولوجيا من أجل تحقيق المنفعة للاقتصاد والمجتمع. وتدعم جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي دولة الإمارات العربية المتحدة بهدف إيجاد حلول للتحديات الأكثر إلحاحاً في العالَم، من خلال إجراء البحوث التي من شأنها أن تُحدث تحولاً جذرياً في مجالاتٍ تشمل الرعاية الصحية والتعليم والاستدامة.
ولا بد من الإشارة إلى أن الدفعة الأولى من خريجي الجامعة تضم ثمانية طلاب ماجستير من الإماراتيين في مجالَي الرؤية الحاسوبية وتعلّم الآلة، أي ما يعادل 15 في المئة من دفعة العام 2022، وما يشكل المجموعة الأكبر من جنسية واحدة. أما الدول الأكثر تمثيلاً بعد الإمارات العربية المتحدة فهي الهند والأردن وكازاخستان والمغرب ونيجيريا وروسيا وكندا ومصر. وقد نما عدد الطلاب الإماراتيين ليصل إلى 18.5 في المئة، وسيزداد هذا العدد مع التحاق الطلاب الجدد.
…تحقيق انتصارٍ ما في ثورة الذكاء الاصطناعي.
خريجة ماجستير في تعلم الآلة
ولا بدّ من أن تتذكر الأمة أسماء هؤلاء الشباب والشابات الإماراتيين وتدعمهم فيما يخطون أولى خطواتهم نحو المجهول، ويقدّمون الإجابات التي يبحث عنها العالم. يُذكر أن الطلاب هم شهد الشامسي ومحمد الزعابي وعبد العزيز العيسائي وعمر السويدي وفاطمة البريكي ووفاء الغلّابي وعبد اللطيف الهاشمي وأميرة باوزير.
عبد اللطيف الهاشمي على خشبة المسرح في حفل تخريج الدفعة الأولى في 30 يناير 2023.
ستتابع البريكي والغلّابي الدراسة لحيازة شهادة الدكتوراه من جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي في مجال الرؤية الحاسوبية، فيما سيدخل الخريجون الستة الباقون إلى القطاع الصناعي أو سيشغلون مناصب بحثية في الإمارات العربية المتحدة.
هذا وشاركت باوزير في خلال الفترة التي قضتها في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي في تأسيس “نادي المرأة في الذكاء الاصطناعي”، وهي شغوفة بإلهام الشابات الإماراتيات الأخريات للتحلي بالشجاعة وممارسة مهنة في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.
أما السويدي فكان محظوظاً بالعمل تحت إشراف البروفيسور إريك زينغ وإدارته، وهو رجل أكاديمي ورائد أعمال مؤثّر ورئيس جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي.
وسيعود الهاشمي إلى منصبه كمهندس في “شركة أبوظبي للنقل والتحكم” (“ترانسكو”)، حيث حصل على إجازة دراسية، وهو يخطط لتطبيق ما تَعلّمه من أجل زيادة الكفاءة التشغيلية والصيانة التنبؤية في الشركة، وذلك لتوفير طاقة الجهد العالي ونقل المياه بكميات أكبر إلى إمارة أبوظبي وخارجها.
الطالبة المتفوقة من الدفعة الأولى تُواصل ريادة الأعمال
تقول الشامسي، وهي الطالبة المتفوقة من دفعة العام 2022، إن تجربتها في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي تُثبت أنه ما من مستحيل، فتشرح قائلةً: “لقد حددتْ قيادتنا الرؤية ويتوقف الأمر علينا للقيام بالعمل وتنفيذه، وأنا أرى نفسي جزءاً من تلك القوة العاملة. ويشرّفني حقاً أن أكون الطالبة المتفوقة. ففي دفعتي، عملنا جميعاً جاهدين، وكانت مسيراتنا كلنا مختلفة إنما جديرة بالملاحظة. وقد رأيتُ أشخاصاً يزدهرون بالفعل في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، ويخرجون منها كباحثين أقوياء، بعد نشر أوراق بحثية في مجلات متعددة.”
تتمتع الشامسي بروح ريادة الأعمال التي تدفعها في مسيرتها، فتأمل أن تباشر يوماً ما بعملها الخاص وخدمة مجتمعها، وتقول: “أسستُ شركتين تقنيتين ناشئتين من بينهما “فيدني”، وهو تطبيق يوفر سوقاً لتقديم خدمات متنوعة شاملة ابتداءً من مجالسة الأطفال ووصولاً إلى تدريس اللغة الفرنسية. وأنا أنظر في بعض الأفكار لتأسيس شركات ناشئة، عبر الاعتماد على معرفتي في مجالَي الهندسة الصناعية وتعلّم الآلة. وسبق أن أنجزتُ تدريباً داخلياً في وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، فتعرّفتُ في خلال تلك الفترة على الحاضنات والمسرّعات من الثورة الصناعية الرابعة، وعلى أطر عمل مختلفة للأشخاص المهتمين ببدء أعمالهم التجارية داخل الإمارات العربية المتحدة، ولا شك في أنني أعتبر هذه المعرفة قيّمة للغاية.”
أثار عالَم الذكاء الاصطناعي اهتمام هذه الخريجة المتحدرة من عجمان، وعرفتْ أنها تريد “تحقيق انتصارٍ ما في ثورة الذكاء الاصطناعي”. فقالت عن العامَين اللذَين أمضتهما لحيازة الماجستير في تعلم الآلة: “لقد نموتُ كثيراً على المستويين الشخصي والمهني. إذ قدّمتْ لي الجامعة تجربة فريدة للتفاعل مع أشخاص من مختلف أنحاء العالم واكتساب وجهات نظر متنوعة، من بينها كيفية معالجة نوع التحديات التي نواجهها في البحث. وقد مكّنتني أيضاً من استكشاف المجالات التي لم أكن أعتقد أنها ممكنة. فعلى سبيل المثال، أنا أتمتع بخلفية في مجال الهندسة الصناعية واللوجستيات والعمليات، لكن انتهى بي الأمر في إجراء البحوث حول استخدام التوائم الرقمية في الرعاية الصحية الإدراكية، فكان ذلك بمثابة قفزة نوعية.”
قائد مستقبلي في دولة الإمارات العربية المتحدة
بعد أخذ إجازة دراسية من شركة بترول أبوظبي الوطنية “أدنوك” لإنجاز الماجستير في مجال تعلّم الآلة، يطمح الزعابي إلى شغل منصب حكومي رفيع المستوى، وإحداث فرق من خلال تعزيز تنمية الدولة، فيتذكر قائلًا: “أتذكر حين زار معالي الدكتور سلطان الجابر بعض الطلاب في أحد الأيام وتَحدّث إليهم. وكانت الإيجابية التي تحلّى بها حول مستقبل الذكاء الاصطناعي وكيف يمكن أن يساعد الدولة إجابة ملهمة. كما سيساعد الذكاء الاصطناعي في تنفيذ رؤية قادتنا في هذه الدولة، وهذه رسالة تحفيزية للغاية بالنسبة إلي وإلى زملائي.”
قال الزعابي الذي يعمل في مجال هندسة المكامن نهاراً إنه شعر بالحاجة إلى أن يكون أحد رواد الذكاء الاصطناعي. ويتابع قائلًا: “في قطاع النفط والغاز، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي من أجل المساعدة على تصور حالة الخزانات للإحاطة بأنواع السوائل الموجودة داخلها ومعدلات إنتاجها المحتملة. ويُعَدّ قطاع الطاقة أحد ركائز التنمية في البلاد، فيحفزني ذلك على المساعدة في الاستفادة من منافع الذكاء الاصطناعي في هذا القطاع. وأنا متأكد من أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن جعل عملية الاستخراج أكثر كفاءة وجعلها صديقة للبيئة.”
كان محمد الزعابي أول من استلم شهادة درجة الماجستير في حفل التخريج في 30 يناير 2023 كما شهده سمو الشيخ ذياب بن زايد آل نهيان والدكتور سلطان بن أحمد الجابر وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، الرئيس المعيّن لمؤتمر الأطراف (COP28)، رئيس مجلس أمناء جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي.
الذكاء الاصطناعي لا حدود له
إلى جانب، يشعر العيسائي بالفخر لأنه يعمل في مجال الذكاء الاصطناعي، ويعتقد أن هذا الميدان سيعود بالفائدة على الإمارات والعالَم بأسره، فيقول وهو خريج الماجستير في مجال الرؤية الحاسوبية: “أنشأتْ الإمارات العربية المتحدة الوزارة الأولى للذكاء الاصطناعي، وقدّمتْ قيادتنا للشباب مثلي فرصة رائعة من أجل تطوير الحلول مع إمكانية تغيير الدولة، وذلك في مجالات تشمل التعليم والصحة وحتى المهمات الفضائية. والذكاء الاصطناعي متعدد الاستخدامات: فيمكنك استخدامه لتصميم التطبيقات، أو لأغراض أمنية مثل مراقبة المشاة، أو في ملاحة الطائرات من دون طيار التي تعتمد عليه، أو في القيادة الذاتية، أو في تحليلات الفيديو. أما في الدراسة المسحية (بعنوان “المحولات في الاستشعار عن بُعد”)، فنعرض لمحة عامة حول محولات الرؤية واستخداماتها في تحليل النظام البيئي البحري البري ورصد البيئة، وتقدير المخاطر وتخفيفها وإدارتها.”
ويضيف العيسائي: “يتسع نطاق الحالات التي يُستخدَم فيها الذكاء الاصطناعي، وهي تشمل السماح للمركبات ذاتية القيادة بـ”رؤية” إلى أين تتجه، والسماح لكاميرات الأمن في المطارات باكتشاف النشاطات المشبوهة، واكتشاف مقاطع الفيديو ذات التزييف العميق عبر الإنترنت والإبلاغ عنها، وهذه مجرد أمثلة قليلة. ومن المثير للاهتمام أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي تتعدد أيضاً في ما يتعلق بحماية البيئة، فعند استخدامه مثلاً مع الكاميرات على الطائرات من دون طيار، يمكن تقييم انتشار الأنواع النادرة من النباتات أو الحيوانات في الصحراء، أو صحة أشجار القرم في أبوظبي ونموها.”
كل هذه الإمكانيات وكل هذه الفرص البحثية هي ما يجعل العيسائي متحمساً جداً بشأن الذكاء الاصطناعي. فيصرّح قائلاً: “جعلني إجراء البحوث المتطورة فعلاً في هذا المجال متحمساً ونشطاً. وكنتُ أتمتع بمستوى جيد من الاستقلالية، بالإضافة إلى فرصة الحصول على توجيهات وأفكار ممتازة من الهيئة التدريسية. وحين يتعلق الأمر بالبحوث في هذا المجال، فالإمكانات لا حدود لها، وقد أُتيح الكثير من المجال للإبداع واستكشاف محولات الرؤية في الاستشعار عن بُعد من زوايا مختلفة ومثيرة للاهتمام.”
بعد نجاحه في تطوير أدوات مدعومة بالذكاء الاصطناعي تساعد في الكشف عن المعلومات المضللة والخاطئة، يركز زين.....
اقرأ المزيدأحمد الشامسي يفوز بالمركز الأول عن منصة "Secure+" المصممة لاكتشاف روابط التصيد الاحتيالي خلال فعاليات "هاكاثون الخليج.....
لكل منا مساره ومسيرته في دروب هذه الحياة، ومقارنة مساراتنا بمسارات الآخرين تفوت علينا متعة الإنجاز، ولذا.....