تشتهر جمهورية فنلندا بثلجها وسعادة شعبها، وقد عُرفت مؤخراً بالجهود التي بذلتها للحد من تأثير الأخبار الكاذبة على شعبها. فمن خلال الاستثمار الهائل في التعليم، تمكنت الدولة، إلى حد ما، من الحد من تأثير الأخبار الكاذبة. فهذه الأخبار لا تختلف كثيراً عن الرسائل الإلكترونية المزعجة، والتي طرحت مشكلة مكلفة جداً على مدى عقود من الزمن، ثم تمكننا من الحد منها من خلال تعلم الآلة وتوعية المستخدمين، فباتت تصل مباشرة إلى ملف الرسائل غير المرغوب بها.تعليقاً على هذا الموضوع، يقول الدكتور بريسلاف ناكوف: “على الرغم من أننا لا نزال نتلقى هذه الرسائل المزعجة، إلا أنها تصلنا بأعداد محدودة، إذ يتم فرزها تلقائياً. لذا يكمن هدفي في التوصل إلى حل مشابه لمشكلة الأخبار الكاذبة. فهي لن تختفي بشكل نهائي، إلا أنه بإمكاننا الحد منها بشكل كبير”.
يُذكر أن الدكتور ناكوف هو أستاذ ونائب رئيس قسم معالجة اللغات الطبيعية بالإنابة في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، وتشمل اهتماماته البحثية كشف الأخبار الكاذبة وأنظمة التحقق من الحقائق وتحليل المعلومات المضللة والدعاية والترويج. ولا بد من الإِشارة إلى أن أربع أوراق بحثية من التي عمل عليها ناكوف حول هذه الموضوعات ستُقدّم في إطار المؤتمر السنوي لفرع أمريكا الشمالية لجمعية اللغويات الحاسوبية للعام 2022.
تعمّق الدكتور ناكوف مع باحثين آخرين في مفهومي المعلومات المضللة والمعلومات الخاطئة في الورقة البحثية التي صدرت تحت عنوان “استبيان حول كشف موقف الشخص من المعلومات الخاطئة والمضللة“. والجدير بالذكر في هذا البحث كيفية تقسيم المعلومات المؤذية إلى قسمين خاطئة ومضللة.
فالدكتور ناكوف يعتبر أن استخدام مصطلح “المعلومات الكذبة” مضلل بحد ذاته. إذ “يدفع الأشخاص إلى الاعتقاد بأنها معلومات خاطئة بغض النظر عما إذا كان الخبر المعني صحيحاً أو خاطئاً، إلا أن المشكلة الحقيقية لا تكمن فقط في المحتوى الخاطئ، بل في استخدام الأخبار كسلاح لاستهداف الآخرين” وفق قول ناكوف.
في هذا السياق، وبهدف مواجهة هذه الظاهرة، يهدف الباحثون إلى تعزيز أنظمة المحتوى لتتمكن من تحديد موقف الشخص تجاه المعلومات المضللة، أي موافقته أو عدمها على استخدام تلك المعلومات، بالتالي ما إذا كان يلتزم أو لا بطريقة التفكير المسيئة التي تطرحها تلك المعلومات. إذ إن هذا النوع من التقييم، عند إجرائه بشكل صحيح، يؤدي إلى العديد من النتائج المتعلقة بمراقبة المحتوى وتعديله في الوقت الفعلي على المنصات التي تحمل كمية هائلة من المعلومات واتي يتعذر على الإنسان مراجعتها في وقت واحد.
ولا بد من الإشارة إلى أن الدكتور ناكوف عمل مع مجموعة من الباحثين على ورقة بحثية أخرى ستُقدّم في إطار المؤتمر السنوي لفرع أمريكا الشمالية لجمعية اللغويات الحاسوبية للعام بعنوان “الكشف عن الضحايا المستهدفين من الميمز المسيئة“. إذ يسعى البحث إلى تعزيز التعرّف إلى الميمز أو الميمات، وهي صور مركبة تحمل تعليقاً قصيراً وساخراً، التي تنتشر بسرعة هائلة، والتي فيها افتراء على الأشخاص، ليقوم بعد ذلك بتحديد موضوع المحتوى.
إذ يعتبر الدكتور ناكوف أن “الميمز تشكل وسيلة قوية جداً وشائعة لمشاركة الدعابة، إلا أنها باتت تستخدم أكثر فأكثر للدعاية والترويج، وللتنمر الإلكتروني”.
فغالباً ما تكون الشخصيات العامة مستهدفة أكثر من غيرها بالميمز المسيئة، لذا يسعى الدكتور ناكوف وزملاؤه إلى تفكيك الدلالات لتحديد ما يجعل أي جزء من المحتوى الفيروسي ضاراً، فضلاً عن تحديد الضحية، وهو هدف قد يبدو للوهلة الأولى بسيطاً إلا أنه معقد للغاية. فعدة تُكتب الميمز بلغة عامية تفتقر إلى السياق، أو أنها في بعض الأحيان لا تذكر اسم الضحية مباشرة. لذا يشعر ناكوف وزملاؤه أن نظامهم يمكن أن يشكّل أداة قوية لمكافحة المعلومات المضللة ولتحديد الحالات المحتملة التي قد تشمل خطاب الكراهية.
قبل انضمامه إلى جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، عمل الدكتور بريسلاف ناكوف في معهد قطر لبحوث الحوسبة في جامعة حمد بن خليفة، حيث كان أحد العلماء الرئيسين. وكان قبل ذلك زميل بحوث في جامعة سنغافورة الوطنية، ومحاضراً فخرياً في جامعة صوفيا، وباحثاً في أكاديمية العلوم البلغارية. حاز شهادة الدكتوراه في علوم الحاسوب من جامعة كاليفورنيا في بيركلي، الولايات المتحدة الأمريكية، بمنحة فولبرايت وزمالة جامعة كاليفورنيا في بيركلي.
نشر ناكوف أكثر من 250 ورقة بحثية خلال مؤتمرات بارزة وضمن مجلات مرموقة، وحل بين 2% من أكثر العلماء بروزاً وجدارة بالثقة ضمن فئة الإنجاز الوظيفي، وهي جزء من قائمة عالمية تنشرها جامعة ستانفورد. كما حصد جائزة الباحث العلمي الأكثر تأثيراً لعام 2000 في الذكاء الاصطناعي بمرتبة الشرف ضمن فئة معالجة اللغات الطبيعية (2011- 2020). وفي العام 2022، تولى منصب رئيس لجنة برنامج المؤتمر السنوي لجمعية اللغويات الحوسبية. إلى جانب ذلك، كان رئيس منطقة أول في المؤتمر الدولي التاسع والعشرين حول اللغويات الحاسوبية، والمؤتمر الثاني لفرع آسيا- الأطلسي لجمعية اللغويات الحاسوبية، ورئيساً مشاركاً لمؤتمر الشبكة العالمية.
يحتفي العالم في 18 ديسمبر من كل عام باليوم العالمي للغة الضاد في لفتَتٍ يقف فيها العالم.....
فريق بحثي من جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي وجامعة موناش يبحث في مدى قدرة النماذج اللغوية.....
اقرأ المزيدفريق بحثي من جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي يفوز بجائزة تقديرية عن دراسة بحثية تشجع الباحثين.....