مستقبل التفاعل بين الإنسان والحاسوب في عصر الذكاء الاصطناعي

Wednesday, February 21, 2024

ستنطلق هذا الأسبوع في الجامعة مجريات ورشة العمل الثالثة ضمن سلسلة ورش عمل “رُوَّاد الذكاء الاصطناعي” التي تستضيفها جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي خلال هذا العام الأكاديمي. وسيتدارس نُخبة من الباحثين والمهنيين خلال هذه الورشة، موضوع “مستقبل التفاعل بين الإنسان والحاسوب في عصر الذكاء الاصطناعي”.

وتشكل الورشة فرصة متميزة للخبراء لتبادل الأفكار والتعرف على مستجدات عدد من التخصصات بما فيها تكنولوجيات التعلم، وإمكانية الوصول والصحة، والتفاعل بين الإنسان والروبوتات. وسيشارك في الورشة ثلة من الخبراء المنتسبين إلى شركات ومؤسسات جامعية مرموقة مثل “كلية لندن الجامعية”، و”جامعة شيكاغو”، و”جامعة تكساس – أوستن”، و”جامعة جلاسكو”، و”جامعة موناش”، و”أبل”، و”جوجل”، و”مايكروسوفت”.

“المشاركون الذين تمت دعوتهم – تقول جوستين كاسيل – للمشاركة في فعاليات ورشة ’رُوَّاد الذكاء الاصطناعي‘ الثالثة لديهم تجربة مهمة في كيفية التفكير بعمق في التحديات المجتمعية الكبرى التي يجب أن يلعب فيها مبحث التفاعل بين الإنسان والحاسوب دوراً في حلها في عصر الانتشار الكبير لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي”.

يُذكر أن كاسيل هي من ضمن المتحدثِين الرئيسيين والمشرفين على تنظيم الورشة، وهي بروفيسور وعميد كلية علوم الحاسوب في “جامعة كارنيجي ميلون”، وباحث أول في مركز “إنريا باريس” Inria Paris، والرئيس الدولي المؤسس لـ “معهد بريري – باريس” PRAIRIE Paris Institute للبحوث متعددة التخصصات في الذكاء الاصطناعي.

ورشة العمل الآنفة الذكر تشكل جزءاً من سلسلة ورش عمل “رُوَّاد الذكاء الاصطناعي” الشتوية التي تنظمها جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي بهدف إلقاء الضوء على بحوث الذكاء الاصطناعي الرائدة، وتعزيز نطاق فهم قدرات هذه التكنولوجيا وإمكاناتها باعتبارها قوة يمكنها الإسهام في تحقيق النفع العام.

وتشكل سلسلة هذه الورش فرصة لبعض من ألمع الخبراء في العالم لوضع خطة بحثية لا تكتفي فقط بالنظر في آفاق الذكاء الاصطناعي وإمكاناته، بل تضع أيضاً خريطة طريق واضحة لتحقيقها. يُشار إلى أن الورش السابقة ضمن سلسلة الورش المذكورة قد ركزت على التعلم الموحد والتعاوني وأهمية الإحصاء لمستقبل الذكاء الاصطناعي.

التفاعل بين الإنسان والحاسوب

كما يدل على ذلك اسمه، فإن مبحث التفاعل بين الإنسان والحاسوب واسع ويركز على دراسة سياقات تفاعل الإنسان مع الحواسيب واستخداماته لها. ويعتمد هذا المبحث – بجانب علوم الحاسوب – على التصميم، واللغويات، وعلم النفس وغيرها من العلوم. ويعد تحسين درجات التفاعل بين الإنسان والحواسيب واحداً من غاياته الرئيسية من خلال تطوير حواسيب تلبي احتياجات الإنسان واختياراته المتنوعة. ولا يهتم هذا المبحث بإنشاء واجهات حاسوبية أفضل تحسن الكفاءة وترتقي بتجربة المستخدم فقط، بل يولي أيضاً أهمية للجوانب النفسية، والاجتماعية، والثقافية المرتبطة باستخدام هذه الأجهزة.

وجدير بالذكر أن دراسات التفاعل بين الإنسان والحاسوب ليست بحديثة العهد، وإنما هي دراسات اهتمت منذ عقود بهذا الموضوع بحثاً ودراسة، غير أن – خلال هذه الفترة من الزمن – طرق تفاعل الإنسان مع الحواسيب عرفت تغيراً كبيراً بفعل تغير حجم هذه الأخيرة وقوتها ونطاق انتشارها. كما أن المهام التي كانت تتطلب معرفة متخصصة بلغات البرمجة، يمكن الآن إنجازها بكل بساطة بأمر صوتي – على الأقل في بعض الحالات – دون الحاجة للبرمجة.

جوستين كاسيل

ورغم التطورات التي تعرفها الحواسيب – تقول كاسيل – فإن اتساع رقعة استخدامها في كل مكان وتزايد مستويات تفاعل الإنسان معها، يفرض على الباحثين والمهنيين التفكير في كيفية تصميم حواسيب اليوم والمستقبل بما يجعلها قادرة على الاستجابة لاحتياجات مستخدميها المتنوعة.

وتابعت موضحة أن: 'فئة عريضة من الناس تعتقد أنه لم تعد هناك حاجة لدراسة التفاعل بين الإنسان والحاسوب، اعتقاداً منهم أن تزويد الحواسيب بعدد ضخم من الوثائق لوحده كفيل بجعلها قادرة على التحدث مع الإنسان أو أن مجرد صنع سيارات ذاتية القيادة سيكون كافياً لجعلها قادرة على القيادة.. كلنا نعلم أن الأمر غير صحيح في كلتا الحالتين'.

“نحن بحاجة إلى التعلم من الإنسان حتى نطور حواسيب تستجيب لاحتياجاته”.

الحاجة لدراسة التفاعل بين الإنسان والحاسوب

تُغطي التخصصات التي درستها كاسيل مجالات علم النفس، واللغويات، والأدب، وهي تعتبر أنها غير اعتيادية لشخص يعمل في مجال علوم الحاسوب، ورغم هذا التباين توضح كاسيل أنها “تستخدم كل واحد من هذه العلوم، وهي ضرورية بالنسبة لما تقوم به”. وتهتم الأستاذة، في إطار عملها، بطرق المحادثة بين الناس، والمحادثات التي يجرونها، والطرق التي يمكن بها للتواصل نسج روابط بين الناس وإضفاء معنى على حياة الإنسان.

وبالطبع فإن ما تقدم ذكره، لا يعني أن أجهزة الحاسوب ضرورية حتى يتمكن الناس من التواصل فيما بينهم؛ غير أن مجموعة لا بأس بها من الناس في حياتنا المعاصرة، يمكنهم الاستفادة من التفاعل مع الآلة بطرق كانت إلى زمن قريب حكراً على الإنسان وإطارها لا يخرج على عن إطار العلاقات الإنسانية.

وعطفاً على هذه الفكرة، توضح كاسيل: “في أحسن الظروف يكون هناك شخص آخر متاح لنا للتحدث معه في أي وقت، غير أن هذا ليس دائماً”، مضيفة أن “من بين أحد أهم احتياجاتنا في الحياة هو أن يتم الإصغاء إلينا، وهذا أمر يؤثر بشكل كبير في صحتنا. كما أننا لا نرغب في إيقاظ أزواجنا أو أصدقائنا في منتصف الليل للحديث عن موضوع يقلقنا والحال أن العديد من الناس يعيشون لوحدهم”.

ففي الوقت الذي يستطيع فيه البعض – تقول كاسيل – اللجوء إلى شخص للحديث معه بكل سهولة، هناك من يجد صعوبة في البوح والحديث مع الآخر مثل الأشخاص الذين يعانون من حالات التوحد يجدون صعوبة في التفاعل والتواصل مع الآخرين، ويبذلون مجهوداً مضاعفاً لنسج تلك العلاقات الإنسانية الضرورية للصحة وتطور الشخصية؛ وهنا – تقول كاسيل – تبرز أهمية دراسة التفاعل بين الإنسان والآلة، إذ “يمكن استخدامها لتدرب هؤلاء على طرق نسج الروابط الاجتماعية وأنواع المحادثات التي يمكن أن تساعد الأشخاص على بناء هذه الروابط المهمة”.

وفضلاً عن هذا، يمكن لتطبيقات الذكاء الاصطناعي المدعومة بدراسات التفاعل بين الإنسان والحاسوب أن تستخدم لتقديم الدعم الدراسي للطلاب، غير أنه حتى تحقق هذه التطبيقات لمخرجات أكاديمية قوية، لا يمكن لها الجواب على أية أسئلة أو تقديم أي معلومات تقنية؛ فالأمر ليس بهذه البساطة لأن الدعم الدراسي الجيد يحتاج إلى معلم يمتلك قدراً كبيراً من الخبرة وعلى دراية بالمناهج والطرق التربوية المطلوب توفرها فيه لضمان تعلم فعال. وتوضيحاً قالت كاسيل: “نعلم أن وجود رابط وثيق بين أطفال يتعلمون مع أقرانهم يسهم أكثر في تعلمهم، ونحن ننظر الآن في كيفية تطبيق هذه الأنواع من الأفكار على المتعلمين الافتراضيين.”

وأوضحت كاسيل أنه يمكن أيضا الاستفادة من دراسات التفاعل بين الإنسان والحاسوب لتحسين وظائف روبوتات الدردشة اعتماداً على تخصصات مثل علم النفس واللغويات. وتبين المتحدثة نفسها أن: “روبوتات الدردشة تواجه صعوبة في تحديد المستوى المعرفي للشخص الذي تتحاور معه”، مضيفة أن: “عندما يتجاذب الأشخاص أطراف الحديث فيما بينهم، فإنهم يحاولون دائماً معرفة ما إذا كان ما يقولونه مفهوماً ويقومون بتعديل أو تكييف خطابهم حتى يكون مفيداً ويخدم ما غاياتهم التواصلية في ظاهرة تعرف في علم اللغويات بـ ’التكييف اللغوي التواصلي‘”.

وإجمالاً، سعت ورشة “رُوَّاد الذكاء الاصطناعي” إلى إثراء النقاش حول الدافع الأساسي الذي يقف وراء تطوير تكنولوجيات هدفها هو تعزيز جودة حياة الإنسان، والابتعاد عن توفير أدوات من دون وضع الإنسان في قلب عملية تطويرها.

وقالت كاسيل: “لقد نظمنا الورشة بما يجعلها بناءة، حيث سيحاول المشاركون خلال اليوم الأول طرح التحديات المجتمعية الكبرى في علاقتها مع طرق تطوير الحواسيب التي يمكنها أن تلعب دوراً في تحسين حياة الفرد والمجتمع. ونضع جانباً قدرتنا على تطوير الأشياء فقط لأننا نستطيع وأن نحاول الإجابة على سؤال: ماذا معنى أن نطور شيئاً لأنه يجب علينا ذلك؟”

أخبار ذات صلة

thumbnail
Tuesday, November 26, 2024

النماذج اللغوية الكبيرة وفهم انفعالات الإنسان وعواطفه

فريق بحثي من جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي وجامعة موناش يبحث في مدى قدرة النماذج اللغوية.....

  1. التعاطف ,
  2. انفعالات الإنسان ,
  3. معالجة اللغة الطبيعية ,
  4. EMNLP ,
  5. النماذج اللغوية الكبيرة ,
  6. البحوث ,
اقرأ المزيد