احتفالاً بيوم المرأة الإماراتية للعام 2023، جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي تسلط الضوء على نجاح وتحديات وتطلعات ثلاث سيدات في مراحل مختلفة من حياتهن المهنية، من مقاعد الدراسة الجامعية وصولاً إلى العمل في شركة بوينغ.تعتبر هؤلاء النساء العاملات في مجال الذكاء الاصطناعي والمتفائلات بمستقبله أنه يَعِد بالتغيير وبإحداث ثورة فعلية في عالمنا هذا. فتحقيق المساواة بين الرجل والمرأة يؤدي إلى التنوع في مجالات العلوم، لاسيما مع وجود جيل جديد من النساء الماهرات في مجال الذكاء الاصطناعي المؤمنات بأهمية التحول الرقمي والمستعدات للاستفادة من إمكانات الذكاء الاصطناعي لخدمة البشرية، بما في ذلك العمل الخيري، واعتماد الطاقة النظيفة والنقل المستدام، فضلًا عن تعزيز الأمن والسلامة.
ولا بد من الإشارة إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة تضم أكثر من 20 ألف سيدة أعمال إماراتية، يمثلن ما لا يقل عن 10% من مجموع أصحاب الأعمال الإماراتيين. في هذا السياق، تساعد جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي في أبوظبي النساء الإماراتيات، في جميع مراحل حياتهن المهنية، من مقاعد الدراسة الجامعية وصولاً إلى الانخراط في المجال، على تطوير المهارات التي تتيح لهن تحقيق النجاح في قطاع التكنولوجيا الذي يهيمن عليه الرجال، كما تمكّنهن من إحداث تأثير إيجابي فيه.
تقوم فرحة البريكي، التي نالت شهادة الماجستير في تعلّم الآلة من جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي في يونيو 2023، بتطبيق المعرفة والمهارات التي اكتسبتها في مجال الذكاء الاصطناعي في وظيفتها كمهندسة مشروع طاقة في شركة أبوظبي للنقل والتحكم (ترانسكو) التابعة لشركة أبوظبي الوطنية للطاقة – طاقة، حيث تدير المشاريع المتعلقة بنقل الطاقة. وهي توضح ذلك قائلة: “لقد مهدت دراستي في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي الطريق أمامي للمشاركة في المشاريع المتعلقة بالذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات من أجل استشراف المستقبل والتنبؤ به. فالشهادة التي حصلتُ عليها والتعليم الذي تلقيته جعلاني مميّزة عن زملائي الذين يتمتعون بنفس الخلفية. فقد ساعدتني مهاراتي على طرح الأسئلة الصحيحة، ما سيؤدي إلى تحسين الحل المتكامل الذي نعمل عليه ويضمن أن يكون حلاً طويل الأمد”.
وفيما تشقّ البريكي الدرب في مجال الذكاء الاصطناعي والهندسة لتتمكن النساء الأخريات من السير عليه، تشعر بالقلق من عددهن المحدود في مجال التكنولوجيا، إذ تقول: “لقد لاحظتُ أن عدد النساء محدود جداً في قطاع التكنولوجيا، سواء في مجال الذكاء الاصطناعي أو الهندسة. لذا، آمل أن أرى في يوم من الأيام النساء يشغلن نصف الغرفة على الأقل، حين نجتمع للتدريب أو في المؤتمرات أو في ورش العمل”.
هذا وتحرص البريكي على أن تساهم في حل مشكلة المشاركة النسائية، فهي فخورة بعضويتها في مجموعة العمل النسائية في شركة ترانسكو، التي تندرج تحت مجلس المرأة في شركة طاقة. وتهدف هذه المجموعة إلى تمكين تنمية المرأة في قطاع النقل، ودعم المساواة والتنوّع.
وتقول فرحة البريكي إنها تستمد الإلهام من العديد من زميلاتها الإماراتيات اللواتي حققن مسيرة مهنية ناجحة في قطاعيّ التكنولوجيا وإدارة المرافق، بما في ذلك معالي سارة بنت يوسف الأميري، وزيرة دولة للتعليم العام والتكنولوجيا المتقدمة ورئيسة مجلس إدارة وكالة الإمارات للفضاء، والمهندسة هيفاء المطيري، مديرة قسم الوقاية في شركة ترانسكو. كما تدعو إلى الاحتفاء بإنجازاتهن وطموحاتهن المستقبلية في يوم المرأة الإماراتية الثامن، بمباركة من سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك التي تشكّل مصدر إلهام لجميع الإماراتيات.
تمثل البريكي، التي تحقق نجاحات باهرة في شركة ترانسكو، مصدر إلهام للجيل القادم من النساء الإماراتيات اللواتي يدرسن حالياً للحصول على شهادات الدراسات العليا في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، ومن بينهن نوف الشامسي، التي تدرس للحصول على شهادة الماجستير في الرؤية الحاسوبية، والتي تأسرها الإمكانيات الهائلة التي تنتج عن تلاقي تخصصات مختلفة، مثل الذكاء الاصطناعي والهندسة الكهربائية.
التحقت الشامسي في العام 2022، بعد حصولها على شهادة البكالوريوس في الهندسة الكهربائية من جامعة الإمارات العربية المتحدة، بجامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، حيث تركز دراساتها وأبحاثها على خوارزميات تتبع التصوير الحراري والتصوير النهاري في المناطق النائية، وهو تخصص له العديد من التطبيقات العملية المتنوعة، مثل مراقبة الحياة البرية، وعمليات البحث والإنقاذ، على سبيل المثال لا الحصر.
وهي تقول: “لقد انجذبتُ إلى هذا المجال لأنه قادر على إحداث ثورة في تفاعلاتنا مع التكنولوجيا التي نستخدمها والبيئة التي تحيط بنا. إذ إن ابتكار أنظمة ذكية يمكنها معالجة المعلومات المرئية واتخاذ القرارات من شأنه أن يشرّع الأبواب أمام احتمالات لا حصر لها. فقد أثار اهتمامي العمل على الرؤية الحاسوبية والذكاء الاصطناعي والاستشعار عن بعد في الوقت عينه، لأنه يعِد بإيجاد حلول لم يكن من الممكن تصورها من قبل”.
وتصف الشامسي تجربتها في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي بأنها تجربة مثرية جدًا، حيث ساهم البرنامج الذي التحقت به في تعميق معرفتها بالذكاء الاصطناعي وتزويدها بالمهارات العملية اللازمة للانخراط في المجال الصناعي. إذ توضح قائلة: “أبرز ما اكتسبته من تجربتي القدرة على مواجهة تحديات الذكاء الاصطناعي من منظور شامل، بما في ذلك النظر في كيفية دمج الذكاء الاصطناعي في مجالات مختلفة”.
ولا بد من الإشارة إلى أن الشامسي ترى أن المرأة الإماراتية في قطاع التكنولوجيا تواجه تحديات وتجد فرصاً في الوقت عينه، إلا أنها متفائلة بانضمام المزيد من النساء إلى هذا القطاع، نظراً إلى التزام دولة الإمارات العربية المتحدة بتعزيز التنوع في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، فتضيف قائلة: “أنا فخورة جداً بالمساهمة في هذه الجهود من خلال مهنتي التي تجمع ما بين التكنولوجيا من جهة والابتكار من جهة أخرى”.
يُذكر أن الشامسي والبريكي تعبّران عن أملهما بأن يتمكن الذكاء الاصطناعي، في حال تم استخدامه بشكل مسؤول، من إحداث تغيير إيجابي في مختلف القطاعات. ففي هذا الإطار تقول الشامسي: “من خلال معالجة المشكلات المعقدة وأتمتة المهام الروتينية، يمكن توجيه الموارد البشرية نحو المساعي الإبداعية والاستراتيجية التي من شأنها أن تعيد رسم صورة عالمنا هذا”.
ونظراً إلى الوتيرة السريعة لتطور الذكاء الاصطناعي، يتحتم على النساء اللواتي يشغلن مناصب قيادية في جميع القطاعات توسيع معرفتهن بالذكاء الاصطناعي، وهو ما يتيحه لهن البرنامج التنفيذي الذي تقدمه جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، وهو برنامج يمتد على 12 أسبوعاً يهدف إلى تطوير خبرات المشاركين فيه لدعم الحاجة إلى قادة ماهرين في مجال الذكاء الاصطناعي في جميع القطاعات.
من جهتها، فإن الدكتورة مريم كتيت، القائدة الإقليمية للمسرعات العالمية والابتكار في شركة بوينغ، والتي تخرجت مؤخرًا من البرنامج التنفيذي، لم تكن مندفعة لتجربة برنامج الذكاء الاصطناعي. لكن بعد انتهاء البرنامج، تصف الدكتورة نفسها بأنها “متحمسة جداً” للتغييرات التحويلية التي يمكن أن تنتج عن الذكاء الاصطناعي والتي ستؤدي إلى “عصر طيران أكثر تقدماً وكفاءة”.
إذ تقول: 'تفرحني جداً قدرة الذكاء الاصطناعي على إحداث ثورة في جوانب متعددة بقطاع الطيران، بدءاً من صيانة الطائرات وتعزيز السلامة وصولاً إلى التحليلات التنبؤية للكفاءة التشغيلية'.
لا بد من الإشارة إلى أن تجربة الدكتورة كتيت الغنية وخبرتها، فضلاً عن خلفيتها كطبيبة أسرة ممارسّة وعملها في القطاع الحكومي، أتاحت لها الاطلاع على إمكانات الذكاء الاصطناعي في العديد من المجالات الأخرى في المجتمع، وهي متحمسة لرؤية تجليات إمكانات الذكاء الاصطناعي في العمل الخيري على وجه التحديد. إذ تقول: 'إن المشاركة في البرنامج التنفيذي عمّقت بشكل كبير فهمي لعملية صناعة القرار التي تستند إلى البيانات في مجال العمل الخيري. فمن خلال خوارزميات تعلّم الآلة، نستطيع تحليل توجهات الجهات المانحة وتصميم استراتيجيات التفاعل معها، مما أدى إلى ارتفاع معدلات الإبقاء على المانحين وزيادة مساهماتهم. وقد أدى اعتماد الذكاء الاصطناعي إلى تعزيز مبادراتنا الخيرية، لا بل وأظهر قدرة التكنولوجيا على إحداث تأثير اجتماعي إيجابي'.
من أبرز الجوانب التي استحوذت على انتباه الدكتورة وتقديرها التركيز على التعاون والعمل الجماعي بهدف توليد الأفكار وحل المشكلات، فتقول: “لقد أتاح لنا تبادل الأفكار بين العاملين في مختلف المجالات فرصة فريدة للتعلّم من الاستراتيجيات والممارسات المختلفة، وتعزيز الإبداع والقدرة على التكيّف”.
تتمتع الدكتورة، بفضل خبرتها الواسعة، برؤية واضحة حول التحديات التي تواجهها المرأة في القطاعات التي يهيمن عليها الرجال، فتقول: “لقد شكّل كوني امرأة عاملة في قطاع التكنولوجيا تحديات بالنسبة إلي، إلا أنه في الوقت عينه كان مثمراً جداً”. وعلى الرغم من أن هذا القطاع قد شهد تغيّرات كبيرة من حيث المساواة بين المرأة والرجل، إلا أنه لا يزال يشمل عقبات لا بد من التغلب عليها. إذ تعتقد أن “هناك حاجة إلى مواصلة بذل الجهود لإرساء بيئات شاملة، وتعزيز تكافؤ الفرص للمرأة في الأدوار القيادية، إلى جانب معالجة التحيزات اللاواعية”.
“يمكن لأصحاب العمل أن يؤدوا دوراً محورياً في هذه الجهود من خلال إطلاق البرامج الإرشادية، وتعزيز ثقافة الاحترام، وتعزيز المساواة بين المرأة والرجل بشكل فاعل. وفي النهاية، آمل أن يتم تقدير مساهمات المرأة في قطاع التكنولوجيا مثل مساهمات الرجل، وأن يتم تشجيع وجهات النظر المتنوعة التي تحرك عجلة الابتكار والنمو.”
تقدم الدكتورة كتيت بعض النصائح للنساء والرجال الذين يتطلعون إلى النجاح في الأدوار القيادية وإلى ترك بصمتهم في هذا العالم، فتقول لهم: “آمنوا بقوة التعلّم المستمر، واسمحوا لفضولكم بأن يدفع بكم إلى النمو. احرصوا على بناء علاقات متينة ومثمرة، فالتعاون هو حجر الزاوية في مجال الابتكار. وتذكروا أن قيمة المعرفة الحقيقية تتجلى عند تطبيقها، لذا ابحثوا عن الفرص لتطبيق النظريات. وتذكروا أننا نتعاون معاً لغدٍ أفضل”.
مع توسع إطار تأثير الذكاء الاصطناعي في العالم وامتداده ليشمل جميع القطاعات تقريباً، بدءاً من القطاع الحكومي وصولاً إلى الرعاية الصحية والتعليم والطيران وإدارة المرافق، أصبح من الضروري ضمان مشاركة المرأة في تطوير هذه التكنولوجيا وتكاملها، وذلك نظراً إلى أسباب عدّة منها المساواة والاندماج، وتحقيق أهداف حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة في ما يتعلق بالمساواة بين الجنسين وتمكين النساء والفتيات، والأهم من ذلك، تجنب التحيّز اللاواعي في أنظمة الذكاء الاصطناعي.
رئيس جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي والبروفيسور الجامعي إيرك زينغ، يعلن خلال فعالية نظمتها الجامعة تحت.....
محمد رضوان يشرح كيف يساعد نموذجه التنبئي، HuLP، الأطباء في تقييم كيفية تطور الحالات المرضية بالسرطان لدى.....
اقرأ المزيدتيم بالدوين، عميد جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، يناقش كيفية إنشاء الجيل القادم من مبتكري الذكاء.....