شرع فريق من الباحثين من جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، في الأشهر الأولى من تفشي جائحة كوفيد-19، في السعي إلى حل مشكلة بسيطة ولكنها ملحّة في الوقت عينه، وهي كيفية تقييم صحة المريض باستخدام كاميرا ويب بسيطة. إذ بدأ الفريق بقياس ثلاث علامات حيوية، هي معدل ضربات القلب، ومعدل التنفس، ومستوى الأكسجين في الدم. وقد كمن الهدف من هذه المساعي في فرز الأشخاص عن بعد وبسرعة، وإحالة المرضى الذين يظهرون علامات قد تدل على إصابتهم بكوفيد-19 فقط، في فترة شهدت أكثر من 765 مليون حالة مؤكدة وأكثر من 6.9 مليون حالة وفاة منذ مايو 2023، وذلك وفقاً لمنظمة الصحة العالمية.
تعليقاً على هذه المساعي، قال البروفيسور عبد المطلب الصديق، رئيس قسم الرؤية الحاسوبية بالإنابة في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي والأستاذ المحاضر فيها: “أردنا مساعدة الطاقم الطبي في خطوط الدفاع الأولى على فرز المرضى في المنزل باستخدام أجهزة الاستشعار الشائعة الموجودة في كل مكان، وهي كاميرات الويب على أجهزة الكمبيوتر والأجهزة الذكية التي نستخدمها يومياً”.
وعلى الرغم من أن المدير العام لمنظمة الصحة العالمية أعلن في مايو 2023 أن جائحة كورونا لم تعد تشكل حالة طوارئ صحية عامة تثير القلق على الصعيد الدولي، إلا أن الحاجة إلى تقديم الخدمات الطبية وفرز المرضى عن بعد بشكل فعّال لم تتراجع. إذ يتجلى أحد أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة (الهدف الثالث)، على سبيل المثال، في ضمان الصحة الجيدة والرفاه. فوفق بيانات منظمة الأمم المتحدة، يعيش أكثر من 1.6 مليار شخص في أجزاء من العالم تعاني من “ضعف القدرة الوطنية على تقديم الخدمات الصحية الأساسية”، وهو وضع يأمل الصديق وزملاؤه في المساعدة على تغييره.
ففي إطار بحثهم، اعتمد البروفيسور الصديق والباحثون الآخرون طريقة لجمع بيانات العلامات الحيوية تحمل اسماً غير عملي هو فوتوبليثيسموغرافي، أو مخطط التحجم الضوئي، والتي قد تعرفها على أنها التقنية المعتمدة في مقياس التأكسج النبضي الذي تضعه الممرضة على إصبعك، أو التقنية التي تستخدمها ساعة آبل لمراقبة علاماتك الحيوية.
التوأم الرقمي والمراقبة غير الغازية
وقد نشر البروفيسور الصديق والباحثون الآخرون ورقة بحثية بعنوان: “نحو توأم رقمي قائم على تعلّم الآلة من أجل دمج العلامات الحيوية البشرية غير الغازية“، أوضحت أنه يمكن استخدام هذه التقنية باستخدام كاميرا الويب للحصول على البيانات حول الحالة الصحية للإنسان في الوقت الفعلي. وقد هدف البحث القيّم للباحثين في مجال الذكاء الاصطناعي إلى بناء نظام توائم رقمية باستخدام هذه البيانات، ثم تكييف مقاربات تعلّم الآلة لدمج مقاييس علامات حيوية متعددة في ناتج واحد من شأنه المساعدة على فرز المرضى ومراقبة صحتهم.
الجدير بالذكر أن أنظمة التوائم الرقمية ليست بالجديدة، فهي تُنسب إلى أبحاث ألريك ب. هيرتزمان التي أجراها في العام 1937، والتي سعى من خلالها إلى إنشاء تمثيلات افتراضية للعناصر المصنّعة لضمان إدارة دورة حياة المنتج بشكل أفضل. ومنذ البحث الأولي الذي أجراه، تم استخدام المفهوم في مجموعة متنوعة من القطاعات، مثل استكشاف الفضاء، وتصنيع السيارات وتقييم الوضع البيئي وتطوير البنية التحتية، وفي مجال الرعاية الصحية، مثل بحث البروفيسور الصديق والباحثين الآخرين.
وقد استغل الباحثون قدرة كاميرا الويب المشتركة على اكتشاف التغيّرات الطفيفة في كثافة اللون الناتجة عن التغيّرات في تدفق الدم بالوجه، والتقطوا بيانات كاميرا الويب ثم حللوا القنوات الحمراء والخضراء والزرقاء بطريقة تتيح لهم قياس العلامات الحيوية بفعالية. وقد أدى ذلك إلى نظام يعرض بيانات العلامات الحيوية، من معدل ضربات القلب ومعدل التنفس إلى مستوى الأكسجين في الدم، وذلك في الوقت الفعلي.
ولا بد من الإشارة إلى أن هذا النظام سيؤثر في القطاع الصحي على المدى الطويل. إذ يمكن للمرء أن يتخيّل غرفة طوارئ حيث يتم فرز المرضى بمجرد دخولهم عبر الباب، وذلك لتوفير الوقت وإنقاذ الأرواح. كما يمكن للنظام أن يتيح تقديم الرعاية الصحية عن بُعد لمليار شخص أو أكثر من حول العالم ممن لا يستطيعون الوصول إلى مقدمي الرعاية.
إلى جانب ذلك، يقترح الصديق والباحثون الآخرون اعتماد النظام لمراقبة مجموعة من المرضى، مثل كبار السن أو العاجزين أو أصحاب الهمم.
نبذة عن البروفيسور عبد المطلب الصديق
قبل انضمامه إلى جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، كان البروفيسور استاذاً جامعياً متميزاً ومديراً لقسم البحوث في كلية الهندسة الكهربائية وعلوم الحاسوب في جامعة أوتاوا. هذا وقد شغل سابقاً منصب مدير معهد أوتاوا كارلتون للهندسة الكهربائية وهندسة الحاسوب، ومدير معهد ابتكار الأجهزة الطبية، ومدير مجموعة تكنولوجيا المعلومات في شبكة بحوث أونتاريو للتجارة الإلكترونية. إلى جانب ذلك، هو زميل الجمعية الملكية الكندية، ومعهد مهندسي الكهرباء والإلكترونيات، والأكاديمية الكندية للهندسة، ومعهد الهندسة الكندي.
وقد حاز الصديق زمالة العالم المتميز من “جمعية آلات الحوسبة”، إلى جانب العديد من الجوائز الوطنية والدولية مثل جائزة فريدريك فيلهلم بيسيل من مؤسسة هومبولت الألمانية، وجائزة الإنجاز التقني من جمعية الأجهزة والمقاييس من معهد مهندسي الكهرباء والإلكترونيات.
يحتفي العالم في 18 ديسمبر من كل عام باليوم العالمي للغة الضاد في لفتَتٍ يقف فيها العالم.....
فريق بحثي من جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي وجامعة موناش يبحث في مدى قدرة النماذج اللغوية.....
اقرأ المزيدفريق بحثي من جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي يفوز بجائزة تقديرية عن دراسة بحثية تشجع الباحثين.....