رافقت كلمات العالم الروحاني الهندي الشهير سادجورو الطالبة المتفوقة والمتحدثة باسم دفعة عام 2023 كليا زيو في خلال رحلتها الدراسية للحصول على شهادة الماجستير في تعلم الآلة بجامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي. وهي تعزي نجاحها على مدى السنتَين الماضيتَين إلى ممارسة التأمل وإيجاد توازن بين مختلف العناصر التي تحيط بها من جهة وجدول أعمالها النشط من جهة أخرى.وبالفعل، العلم والروحانية عالمان مختلفان يجتمعان معاً. إذ يقول سادجورو، “إن تنوّع الناس هو ما يجعل هذا العالم عالمًا جميلاً. ويمكنك أنت أيضاً أن تطبق ذلك.” وتفسر زيو ماذا تعني لها هذه الكلمات فتقول: “تعطيني هذه المقولة القوة والتشجيع اللازمَين لأستمر في جهودي وأساهم في تحسين العالم الذي نعيش فيه”.
وتساعدني ممارسة اليوغا على الاتصال مع العالم من حولي، فهي تشعرني بالتوازن الداخلي ليزداد وعيي حول ما يدور في العالم الخارجي مثل تغيّر المناخ وغيرها من الآثار المناخية. وإن مجتمعنا يدرك خير إدراك أن للذكاء الاصطناعي جانباً جيداً وجانباً سيئاً، ولكن الأمر يعتمد على غرض استخدامه. بالنسبة لي، يساعدني التأمل وممارسة اليوغا على التعبير عن الجانب الجيد ليصبح طريقة تفكير أعتمدها”.
استجابت زيو إلى إعلان يشجع المهتمين على التسجيل في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي التي كانت قد أُسست حديثاً، ومنذ ذلك الحين أصبحت هذه العالمة المحبة لليوغا جاهزةً لتقديم مساهمات كبيرة في مجالَي الذكاء الاصطناعي والكيمياء.
وتقول زيو، وهي مواطنة ألبانية، إن موضوع الاستدامة يشكل شغفاً بالنسبة لها وهي تفتخر بتمثيل جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي كأحد أعضاء برنامج سفراء المناخ، استعداداً لانعقاد مؤتمر الأطراف بشأن تغير المناخ في دورته الثامنة والعشرين في نوفمبر وديسمبر من هذا العام. وهي تأمل أن يساعد بحثها الدول المشاركة على تحقيق أهداف صافي الانبعاثات الصفري بحلول عام 2050، حتى ولو كان بحثها لا يزال في مراحله الأولى.
وتفيد: “بإمكان الذكاء الاصطناعي برأيي أن يساعدنا كثيراً وسيعطينا بعض الوقت الإضافي نخصصه لأنفسنا. إذ يعمل الأشخاص ثماني ساعات في اليوم أو أكثر، ولا يمتلكون الوقت الكافي للتواصل مع عائلاتهم أو حتى أنفسهم. ولكن سيتمكن الذكاء الاصطناعي من إنجاز المهام اليومية البسيطة التي علينا فعلها، ما يسمح لنا بالعمل لعدد ساعات أقل في اليوم”.
تجدر الإشارة إلى أن تفكير زيو يتناقض مع رأي العديد من الأشخاص الذين يرون أن الذكاء الاصطناعي قد سلب إمكانية التواصل والترابط بين البشر بسبب التطور السريع الذي شهدته الأجهزة المحمولة. لكن لربما تطور الذكاء الاصطناعي بما فيه الكفاية ليصبح اليوم قادراً على إعادة ترميم العلاقات بين البشر. ويشكل الوقت وعالم الميتافيرس خير مثال على ذلك، إذ يمكّن هذان العاملان الأشخاص من مختلف الدول من التواصل معاً في عالم يتّسم بدرجة عالية من الواقعية إذ يحاكي حاسة البصر (من خلال الواقع الافتراضي) واللمس (من خلال تقنيات اللمس).
ولكن ليس الوقت أفضل ما تهبنا إياه التقنيات والذكاء الاصطناعي. فقد اضطلعت التقنية بدور كبير في خفض انبعاثات الكربون ضمن قطاعات عدة، وتوفير طاقة نظيفة وخضراء للجميع. اختارت زيو مجالاً بحثياً جديداً لرسالتها بالتعاون مع المشرف على البحث مارتن تاكاش، وهو أستاذ مشارك في قسم تعلّم الآلة في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي.
ويتوافق هذا المجال البحثي مع شغف زيو لاستخدام التقنية من أجل معالجة التحديات البيئية والمساهمة في الحفاظ على العالم للأجيال القادمة. وتتمتع زيو بخبرة في مجال علم الحاسوب/تقنية المعلومات، وهي تعطي الفضل لتاكاش في توجيهها حول كيفية إجراء البحوث وتأليف الأوراق البحثية.
وتساهم رسالتها في تطوير تفاعلات الازدواج المؤكسدة للميثان وتحسين فهمنا لها لاكتساب معلومات قد تفيد في تطوير محفزات جديدة وتحسين تصاميم المفاعلات. وإن تفاعلات الازدواج المؤكسدة للميثان هي عبارة عن عملية يتحول بموجبها الميثان (وهو المكون الرئيسي في الغاز الطبيعي) إلى هيدروكربونات أثقل مثل الإيثيلين والبروبيلين. وليست هذه العملية جديدة إذ تم اكتشافها في الثمانينيات لكنها لا تتوفر على نطاق تجاري.
لا بل يشكل التكسير المحفز الأكثر استخداماً في قطاع النفط والغاز حالياً في الشرق الأوسط. ويعتمد التكسير الحراري للميثان على درجات حرارة عالية لتفكيك الكربون وإنتاج الإيثيلين، ما يؤدي إلى مستويات عالية من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الهواء. في السياق عينه، عملت زيو في مقر شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) في عام 2022 لاكتساب خبرة صناعية كجزء من برنامج التدريب الطوعي، وتعاونت تحديداً مع فريق مركز بانوراما لتطبيق تقنيات تعلم الآلة في قطاع النفط والغاز.
وقد استندت زيو أثناء تدريب نموذج الذكاء الاصطناعي إلى البيانات المستخرجة من تجارب متحكم بها اُجريت في مفاعل بُني لهذا الغرض في اليابان. ومن التحديات التي واجهتها أن البيانات التجريبية المستخلصة من المقالة البحثية التي ألفها توشياكي تانيكي وآخرون بعنوان “تجارب عالية الإنتاجية ومعلوماتية المحفزات لتفاعلات الازدواج المؤكسدة للميثان” كانت محدودة، وتوجب عليها بالتالي طرح الفرضيات. ويتوقع النموذج الذي طورته زيو مخرجات ثاني أكسيد الكربون والإيثيلين، وهي تأمل أن يشكل بحثها خطوة أولى تؤدي إلى ابتكار أول مفاعل فوري قائم على البيانات في الإمارات العربية المتحدة.
وهي تقول: “يركز بحثي على كيفية خفض إنتاج ثاني أكسيد الكربون أثناء عملية تحويل الميثان في قطاع النفط والغاز. والميثان هو مركب كيميائي يتواجد في الغاز الطبيعي ويمكن تحويله باستخدام التفاعلات الكيمائية والمحفزات إلى الإيثيلين، وهو أهم مركب كيميائي في قطاع الكيمياء على مستوى العالم إذ يُستخدم في تصنيع المواد البلاستيكية المستدامة والألياف وغيرها من المواد الكيميائية”.
وتضيف: “سيساهم استخدام تفاعلات الازدواج المؤكسدة للميثان بدلاً من تحويله من خلال التكسير في خفض كميات ثاني أكسيد الكربون المنتجة إلى النصف. ونأمل بمساعدة الذكاء الاصطناعي أن نعثر على المحفز المناسب لزيادة إنتاج الإيثيلين وخفض ثاني أكسيد الكربون في الوقت نفسه. إذ سيشكل ذلك تطوراً هائلاً في قطاع النفط والغاز ويساهم في تحقيق الأهداف المناخية”.
ولتفاعلات الازدواج المؤكسدة للميثان أهمية كبيرة في قطاع الكيمياء لأنها تقدم وسيلة قد تكون أكثر صديقة للبيئة وأقل تكلفة لإنتاج العناصر الكيميائية القيّمة من الغاز الطبيعي. بالإضافة إلى ذلك، يشكل الميثان مادة أولية متوفرة بوفرة وغير مكلفة. بالتالي، تقدم تفاعلات الازدواج المؤكسدة للميثان وسيلة لتحويل هذا المركب إلى منتجات عالية القيمة من دون اللجوء إلى عمليات مكلفة وتتطلب قدراً كبيراً من الطاقة. وبشكلٍ عام، تتمتع تفاعلات الازدواج المؤكسدة للميثان بإمكانية عالية لدعم الاستدامة من خلال خفض انبعاثات غازات الدفيئة والحفاظ على الموارد وتعزيز الاقتصاد الدائري وتحسين كفاءة الطاقة.
الجدير بالذكر أن زيو قدمت عرضاً حول ورقتها البحثية بعنوان “شبه طرق نيوتن المنظمة المكعبة” في مؤتمر نظم معالجة المعلومات العصبية لعام 2022 الذي عُقد في نيو أورلينز في الولايات المتحدة في شهر ديسمبر الماضي، علماً أنه مؤتمر رائد في مجال تعلّم الآلة. ومن النادر أن تتم دعوة الطلاب إلى هذا المؤتمر لكن زيو حصلت على شرف تقديم بحثها إلى جانب رواد في القطاع مثل عالم الرياضيات الأمريكي دونالد غولدفارب، الذي اشتهر عالمياً بفضل تطوير خوارزميات عملية لحل مشاكل التحسين.
وتشمل الإنجازات الأخرى التي حققتها زيو حصولها على المركز الأول في هاكاثون الفضاء “هاك فور سبيس” الذي نُظم في دبي في عام 2021، وهي مرتبة شاركتها مع متخرجي دفعة عام 2023 في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي. هذا وهي سفيرة لحركة الحفاظ على التربة “سيف سويل” العالمية التي يقودها القائد الروحاني الهندي سادجورو وتهدف إلى معالجة تدهور الأراضي وتشجع على تحسين صحة التربة. كما حصلت زيو على شهادة بكالوريوس في تقنية المعلومات والاتصالات من جامعة تيرانا في ألبانيا.
الدكتور فخري كراي يسهم في تطوير نموذج إحصائي جديد قد يساعد في تحسين مستويات الاستدامة وجودة النظم.....
رئيس جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي والبروفيسور الجامعي إيرك زينغ، يعلن خلال فعالية نظمتها الجامعة تحت.....
خوارزميات تعَلُمِ الآلة – نُظم قادرة على اتخاذ القرارات أو تقديم التوقعات من خلال تحليل مجموعات ضخمة.....