لعبة التشخيص: محاكاة لبيئة مستشفى افتراضية لقياس قدرات التشخيص لدى الأنظمة المساعدة للذكاء الاصطناعي - MBZUAI MBZUAI

لعبة التشخيص: محاكاة لبيئة مستشفى افتراضية لقياس قدرات التشخيص لدى الأنظمة المساعدة للذكاء الاصطناعي

الجمعة، 26 سبتمبر 2025

هناك نوع من الفيديوهات على منصات مثل إنستغرام وتيك توك، حيث يتحدى طلاب الطب زملاءهم لتشخيص حالة افتراضية في أقل من دقيقة. هذه التحديات ليست مجرد ترفيه، بل وسيلة لعرض المعرفة والمهارات التشخيصية التي اكتسبها الطلاب بطريقة ممتعة وجذابة.

ورغم أن هذه الفيديوهات لا تعكس تماماً طبيعة الحوار الواقعي بين الطبيب والمريض، إلا أنها تبرز جانباً مهماً من الممارسة الطبية الفعلية: الأطباء غالباً ما يصلون إلى التشخيص من خلال طرح أسئلة متتابعة تقلّص الاحتمالات تدريجياً حتى يصلوا إلى السبب الحقيقي للمرض.

وفي هذا السياق تأتي مبادرة جديدة من باحثين في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي لتحاكي هذا الحوار في بيئة مستشفى افتراضية، باستخدام أنظمة ذكاء اصطناعي مساعدة مدعومة بنماذج لغوية كبيرة لمحاكاة المحادثات التي تحدث عادة في غرفة الفحص وهو نهج يتيح قياس قدرات التشخيص لدى النماذج اللغوية، ويُمكن أن يصبح أداة تدريبية تساعد الأطباء على التشخيص بسرعة ودقة أكبر.

نظام المحاكاة الجديد، المسمى  MedAgentSim، سيُعرض في جلسة شفوية خلال المؤتمر الدولي الثامن والعشرين لمعالجة الصور الطبية والتدخلات بمساعدة الحاسوب (MICCAI) في دايجون، كوريا الجنوبية. ومن الجدير بالذكر أنه تم قبول أقل من 80 ورقة للعرض الشفوي من بين نحو 3700 ورقة بحثية.

مبتكرو هذا النظام هم طلاب الدكتوراه محمد المنصوري وكومال كومار في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، وبإشراف الأستاذ المساعد في الرؤية الحاسوبية هشام تشولاكال.

ما أهمية هذا النظام؟

هناك اهتمام متزايد بإمكانات استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي في المجال الطبي، كما أن أداء النماذج اللغوية الكبيرة يتحسن باستمرار ضمن مجموعة من المعايير المصممة لاختبار قدراتها التشخيصية بالرغم أن هذه القياسات لا تعكس هذه الطبيعة الديناميكية للمحادثات بين الطبيب والمريض.

عندما يتم اختبار هذه النماذج، عادةً ما تُعطى كل معلومات المريض دفعة واحدة. وأحيانًا، تُعرض احتمالات التشخيص على شكل خيارات جاهزة، وهو ما قد يُضخم من أدائها بشكل غير واقعي، مما يوحي بأنها أفضل مما ستكون عليه عند استخدامها الفعلي في المستشفى. يقول تشولاكال: ” كان أحد دوافعنا هو التحقق مما إذا كانت هذه الأنظمة قوية بما يكفي للاعتماد عليها في بيئة طبية حقيقية.”

“MedAgentSim هو برنامج يحاكي مستشفى افتراضي. يعيش داخل هذا البرنامج ثلاثة أنواع من الشخصيات الرقمية المساعدة: أطباء، ومرضى، ومقيّمون (مهمتهم تقييم حالة المريض). هؤلاء المساعدون الرقميون يقدمون معلومات إضافية عن المريض، مثل نتائج الفحوصات وصور الأشعة.

هذه الشخصيات الرقمية، والتي تُعرف بـ “الشخصيات غير القابلة للعب”، تشبه الذكاء الاصطناعي. هي مبرمجة باستخدام نماذج لغوية متقدمة أو نماذج تفهم النصوص والصور معاً. ما يميزها هو قدرتها على التحرك داخل المستشفى الافتراضي، والتحدث مع الشخصيات الأخرى، واستخدام الأجهزة الطبية، واتخاذ قرارات لحظية بناءً على ما تراه وتتعلمه.”

طريقة عمل نظام MedAgentSim

في محاكاة أجراها الباحثون، يدخل مريض إلى المستشفى، ويجد طريقه إلى غرفة الفحص، ويُبلّغ طبيب بالأعراض التي يعاني منها.

بعد تلقي المعلومات الأولية، يطرح الطبيب أسئلة متابعة. هذا هو الفارق الأساسي عن طرق التقييم الأخرى، لأن المرضى الحقيقيين غالباً لا يعرفون ما هي المعلومات المهمة ولا يقدمونها إلا عندما يسألهم الطبيب، كما يقول كومار.

يمكن للطبيب أن يطرح أسئلة متابعة متعددة. إذا احتاج الطبيب إلى مزيد من المعلومات، يمكنه إحالة المريض إلى المساعد الرقمي للقياسات لإجراء الفحوصات أو التصوير.

بمجرد أن يجمع الطبيب معلومات كافية، أو يستنفد عدد الأسئلة المسموح له بطرحها، فإنه يجتمع مع أطباء آخرين في بيئة محاكاة أخرى. يقوم كل طبيب بتحليل الحالة من وجهة نظره. يتم تجميع تحليلات كل طبيب وتلخيصها باستخدام نهج يُعرف بالاستدلال عبر سلسلة التفكير. يتم تحديد التشخيص النهائي من خلال آلية التصويت.

MedAgentSim، الذي طوّره باحثون في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، يُنشئ سيناريوهات سريرية واقعية بين الأنظمة المساعدة للذكاء الاصطناعي، ويمكن استخدامه لقياس القدرات التشخيصية للنماذج اللغوية.

يوضح المنصوري أن نظام MedAgentSim لا يقتصر على التقييم فقط، بل يمكن استخدامه لتحسين أداء النماذج اللغوية في التشخيص. ويتم ذلك عبر تخزين الحالات التي تم تشخيصها بنجاح في قاعدة بيانات، مما يسمح للنموذج بالتعلم منها ورفع نسبة دقته. ويُطلق على هذه الطريقة اسم “التعلم في السياق”. ويضيف: “هذا يمكّن النظام المساعد للطبيب من تطوير مهاراته باستمرار كلما تعامل مع حالات أكثر.”

يتفوق MedAgentSim في توليد سيناريوهات سريرية تفوق واقعيتها المعايير التقليدية المُعتمدة لتقييم قدرات النماذج اللغوية الكبيرة. ويضيف تشولاكال موضحاً: “إن ما يحدد كفاءة هذه الأنظمة فعلياً ليس دقتها وفق المقاييس المعيارية، بل براعتها في استيعاب التعليمات واستخلاص أقصى كمّ من المعلومات من المريض عبر الحوار”.

تأثير نظام MedAgentSim على الأداء

تتميز بنية MedAgentSim بالمرونة، حيث يمكنها استيعاب النماذج اللغوية التجارية والمفتوحة المصدر على حد سواء. وبالنسبة للأنظمة المساعدة التي تحاكي الطبيب والمريض، استخدم الباحثون نماذج لغوية كبيرة أو نماذج متعددة الوسائط. أما النظام المساعد للقياس، فقد تم تطويره كنموذج متعدد الوسائط متخصص في معالجة الصور الطبية، كالأشعة السينية والتصوير بالرنين المغناطيسي (MRI).

أدخل الباحثون عدة نماذج تجارية ومفتوحة المصدر في MedAgentSim لاختبارها كالأنظمة المساعدة طبيب ومريض. وشملت هذه النماذج: ChatGPT-4o، LLaMA 3.3، Mistral Small 3، وQwen 2 و 2.5 ولإضفاء تمثيل بصري على بيانات المرضى، استخدموا نموذج LLava 1.5.

اختبر الباحثون النماذج على ثلاثة معايير بعد معالجة بيانات هذه المعايير لتتوافق مع صيغة MedAgentSim. تم تحديد دقة النماذج بواسطة نموذج لغوي آخر يقوم بالحكم على ما إذا كان التشخيص صحيحًا أم لا.

أظهرت النتائج أن الطبيعة الحوارية التفاعلية التي يولدها MedAgentSim حسّنت أداء النماذج مقارنة بطرق التقييم الأخرى. فعلى سبيل المثال، في معيار من مجلة New England Journal of Medicine (NEJM Extended)، حقق MedAgentSim دقة بلغت 28.3% باستخدام نموذج LLaMA 3.3، مقارنة بأفضل أداء للنموذج الأساسي الذي حقق  24.2%، فيما جاء نموذج ChatGPT-4o  قريباً بنسبة 27.5%.

ما بعد التقييم

بالإضافة إلى وضعيات التشغيل الآلي، يمكن للمحاكاة أن تسمح للبشر بلعب أدوار مثل الطبيب أو المريض، والتفاعل مع الأنظمة المساعدة للذكاء الاصطناعي. على سبيل المثال، يمكن لطلاب الطب أو الأطباء الممارسين أن يلعبوا دور الطبيب، حيث يقابلون المرضى ويطرحون الأسئلة ويقدمون التشخيص. هذا الإعداد يحول النظام إلى أداة تدريبية قيّمة.

بدلًا من استخدام شخص يمثل دور المريض في المحاكاة، يمكننا استخدام معلومات حقيقية من مريض فعلي، وهو أمر مفيد جدًا خاصة في أوقات الأزمات الصحية مثل انتشار الأوبئة، حيث تساعدنا هذه المعلومات الحقيقية في جمع بيانات صحية مهمة لفهم كيفية انتشار المرض وتأثيره على الناس، وتحديث الذكاء الاصطناعي بتزويده بأحدث المعلومات عن الأمراض مما يجعله أكثر دقة وقدرة على التكيف مع الظروف المتغيرة.

بشكل عام، توصل الباحثون إلى أن MedAgentSim جيد جداً في إجراء محادثات واقعية كأنه طبيب حقيقي يتحدث مع مريض، وفهم الصور الطبية مثل الأشعة السينية والرنين المغناطيسي، وتقديم أراء سريرية مفيدة تساعد الأطباء على فهم الحالات الطبية واتخاذ قرارات أفضل، مما يمثل خطوة كبيرة نحو مستقبل نستخدم فيه الذكاء الاصطناعي لمساعدة الأطباء في تعلمهم وعملهم اليومي.

أخبار ذات صلة

thumbnail
الأربعاء، 24 سبتمبر 2025

نهج جديد لتحسين قدرة الذكاء الاصطناعي على تحليل الصور الطبية

طوّر باحثون من جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي ومؤسسات أخرى نظامًا قادر على تحسين أداء النماذج.....

  1. التوليد المعزز بالاسترجاع ,
  2. MICCAI ,
  3. vision-language models ,
  4. التصوير الطبي ,
  5. medical images ,
  6. RAG ,
  7. النماذج البصرية-اللغوية ,
اقرأ المزيد
thumbnail
الجمعة، 12 سبتمبر 2025

هشام شولاكال يفوز بجائزة التدريس الأولى في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي

هشام شولاكال، الأستاذ المساعد في قسم الرؤية الحاسوبية، يحصل على جائزة جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي.....

  1. هيئة تدريسية ,
  2. تميز ,
  3. تدريس ,
  4. مركز التعلّم والتعليم ,
  5. تكريم ,
  6. الرؤية الحاسوبية ,
اقرأ المزيد