إعادة النظر في تصميم الذكاء الاصطناعي من أجل مستقبل أكثر تركيزاً على الإنسان

Monday, May 19, 2025

كثر في الآونة الأخيرة استخدام عبارة “الذكاء الاصطناعي من أجل الخير”، مما يشير إلى زيادة التركيز على استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل يعود بالنفع على المجتمع والإنسانية وكوكبنا كله. ولكن ماذا يعني حقاً تطوير أنظمة ذكاء اصطناعي ليست ذكية فحسب، بل تتمحور فعلاً حول الإنسان؟

هذا هو السؤال الذي طرحه جيمس لاندي، أستاذ علوم الحاسوب في جامعة ستانفورد، خلال محاضرته التي ألقاها مؤخراً في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي تحت عنوان “الذكاء الاصطناعي من أجل الخير ليس كافياً”.

استضافت المحاضرة إليزابيث تشرشل، رئيسة قسم التفاعل بين الإنسان والحاسوب في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي. واستعرض لاندي في حديثه الأبحاث في مجالات التفاعل بين الإنسان والحاسوب والتفكير التصميمي وعلوم السلوك على مدى عقود طويلة، داعياً إلى ضرورة إعادة التفكير في طرق تصميم أنظمة الذكاء الاصطناعي.

وأشار لاندي إلى أنه نظراً لقوة الذكاء الاصطناعي وقدرته على إحداث آثار إيجابية وسلبية على حد سواء، فلا بد من إجراء تغيير جوهري في المستويات التي نأخذها في الاعتبار أثناء تصميم الأنظمة، وكيفية فعل ذلك، والمرحلة المناسبة لكل مستوى في عملية التصميم.

وقال لاندي: “علينا أن نتعامل مع تصميم الذكاء الاصطناعي بطريقة مختلفة عن التكنولوجيا الحاسوبية التي سبقته. وإذا أردنا تحقيق أثر إيجابي حقيقي من خلال الأنظمة التي نطورها، فمن الضروري أن نفكر على مستوى المستخدمين ومستوى الفئات الاجتماعية المختلفة ومستوى المجتمع ككل”.

ثلاثة مستويات للتصميم

أسس لاندي وزملاؤه في جامعة ستانفورد معهد الذكاء الاصطناعي المتمحور حول الإنسان قبل ست سنوات لمعالجة هذه المسألة واستكشاف طرق جديدة لتصميم أنظمة الذكاء الاصطناعي. وبعد ملاحظة تركيز شركات التكنولوجيا والباحثين والمصانع على مستوى المستخدم فقط في عمليات التصميم، اقترح لاندي بديلاً مختلفاً تحدث عنه في محاضرته قائلاً: “علينا التفكير في الأطراف التي ندرسها ونُشركها في اكتشاف مشكلاتنا وتطوير الحلول وتقييم ما إذا كنا نصنع فعلاً أشياء مناسبة”.

وأوضح لاندي أن أهمية المستويات الثلاثة تنبع أساساً من التأثيرات الواسعة والعميقة التي تُحدثها أنظمة الذكاء الاصطناعي: “لا تقتصر آثار أنظمة الذكاء الاصطناعي على المستخدم فحسب، بل لها آثار جانبية تفوق بكثير ما تحدثه أنظمة الحوسبة التقليدية. فهي تؤثر على الآخرين من حولنا، وعلى المجتمعات بأكملها”.

وشدد لاندي على أن هذه المستويات الثلاثة يجب أن تُؤخذ في الاعتبار منذ بداية عملية التصميم، وليس في مرحلة متأخرة أو بسبب ظهور نتائج سلبية: “لهذه التكنولوجيا آثار كبيرة جداً، ولا يجوز ألا نفكر فيها إلا بعد وقوعها. علينا فهم الأخلاقيات، والذكاء الاصطناعي المسؤول، والتصميم المسؤول قبل تطوير النظام وأثناءه وبعده. بهذا الشكل يمكننا بناء أنظمة ذكاء اصطناعي تساعد الناس على أداء مهامهم بشكل أفضل، وتُعزز قدراتهم وكفاءتهم في التعلم والتصميم وتقديم الرعاية الصحية والاهتمام بصحتهم الجسدية”.

قوة الفرق متعددة التخصصات

لكن تطبيق هذا النهج الجديد على أرض الواقع ليس بالأمر السهل. وقد أكد لاندي على أهمية التعاون والتنسيق المشترك لتسهيل ذلك بقوله: “من الصعب تصميم أنظمة تراعي هذه المستويات، خاصة بالنسبة لمهندسي الحاسوب والعلماء الذين لم يتلقوا تدريباً يؤهلهم للتفكير في شريحة مجتمعية معينة أو المجتمع ككل. لذلك نحتاج إلى فرق عمل متعددة التخصصات تضم خبراء في التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي ومصممين وعلماء اجتماع ومتخصصين في العلوم الإنسانية والمجالات التطبيقية”.

وأشار لاندي إلى أن هذا أحد الأسباب التي جعلت من جامعة ستانفورد المكان المثالي لإطلاق معهد الذكاء الاصطناعي المتمحور حول الإنسان: “لدينا علماء وخبراء متخصصون في مجالات الحاسوب والذكاء الاصطناعي. ولدينا أيضاً كلية طب عريقة، وكلية حقوق مرموقة، وكلية إدارة أعمال متميزة، إلى جانب تخصصات رائدة في العلوم الإنسانية والاجتماعية والفنون. هذه التخصصات تمثل جوانب مختلفة من المجتمع، ويجب أن تتعاون فيما بينها للمساهمة في توجيه هذه التكنولوجيا وتوضيح آثارها”.

وأقرّ لاندي في ختام محاضرته بأن الطريق ما زال طويلاً للوصول إلى أنظمة ذكاء اصطناعي متمحورة بالكامل حول الإنسان، داعياً إلى البدء بخطوات أولى نحو هذا الهدف: “ما زلنا في المراحل الأولى من رحلتنا نحو إيجاد عمليات التصميم المناسبة لتطبيق الذكاء الاصطناعي المتمحور فعلاً حول الإنسان، ولكن يمكنكم البدء بالنظر إلى الفئات الاجتماعية التي تتجاوز دائرة المستخدمين الضيقة، وهذه الخطوة كفيلة بتحقيق أثر إيجابي أكبر على مستوى أنظمة الذكاء الاصطناعي والمجتمع”.

الذكاء الاصطناعي المتمحور حول الإنسان في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي

بعد أن استثمرت جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي في بناء خبرات عالمية في مجال الذكاء الاصطناعي منذ تأسيسها في عام 2019، بدأت تضطلع بأدوار رائدة في تطوير أنظمة ذكاء اصطناعي متمحورة حول الإنسان. وقد أنشأت الجامعة قسم التفاعل بين الإنسان والحاسوب في عام 2024 للتركيز على جوانب الذكاء الاصطناعي المتمحورة حول الإنسان، وهي الجوانب التي سلّط عليها لاندي الضوء.

وقالت رئيسة القسم، إليزابيث تشرشل، التي تتعاون مع لاندي منذ أمد طويل في الأبحاث حول التفاعل بين الإنسان والحاسوب، في سياق تعليقها على هذه المحاضرة: “لقد كان شرفاً كبيراً لنا أن نستضيف البروفيسور لاندي في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي. فزيارته تشير إلى تنامي استثمار دولة الإمارات العربية المتحدة في الذكاء الاصطناعي واهتمامها بالتفكير ليس في الإمكانات الهائلة التي تتيحها هذه التكنولوجيا الناشئة على مستوى الأفراد فحسب، بل أيضاً في الآثار التي ستنجم عنها مستقبلاً على مستوى الفئات المجتمعية المختلفة والمجتمع بشكل عام”.

وأضافت قائلة: “هناك جزء من استثمار الجامعة يتجاوز قسم التفاعل بين الإنسان والحاسوب ليشمل تعزيز التعاون مع جامعات مثل ستانفورد، التي كانت سبّاقة في هذا المجال بإطلاق معهد الذكاء الاصطناعي المتمحور حول الإنسان. ويتسم عمل هذا المعهد بأهمية بالغة نظراً لتركيزه على معالجة القضايا المجتمعية والأخلاقية في إطار تطوير الذكاء الاصطناعي ونشره. فهو يدرك أن تأثير الذكاء الاصطناعي يتجاوز القدرات الفنية، مما يدفعه إلى المشاركة الفاعلة في الأبحاث ونقاشات السياسة العامة والجهود التعليمية التي تتناول الذكاء الاصطناعي بأبعاده الأخلاقية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية”.

أخبار ذات صلة

thumbnail
Monday, March 24, 2025

جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي وجامعة بيركلي تستشرفان مستقبل تعلم الآلة

جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي تستضيف ورشة عمل مشتركة مع جامعة بيركلي تحت عنوان "الاتجاهات الناشئة.....

  1. التعاون ,
  2. تعلّم الآلة ,
  3. الابتكار ,
  4. الأبحاث ,
  5. ورشة عمل ,
  6. جامعة بيركلي ,
اقرأ المزيد