عندما كانت رايسا محمد طفلة صغيرة، اصطحبها والدها في زيارة إلى مكان عمله. وقد خلفت تلك الزيارة لديها انطباعاً لا يمحى، حيث حفزت رؤية الخوادم والطابعات فضولها تجاه التكنولوجيا واستخداماتها وإمكاناتها. ونتيجة لهذا الفضول جالت العالم في سعيها لتوظيف التكنولوجيا في خدمة المجتمع.
تتحدث رايسا عن بداياتها قائلة: “التكنولوجيا تسري في عروقي. في سنوات دراستي الثانوية، كنت أنشئ مواقع إلكترونية وأنفذ مشاريع للأصدقاء والأقارب وأساعد أصحاب الشركات الصغيرة. وعندما التحقت بالجامعة، اخترت دراسة إدارة الأعمال إلى جانب علم النفس التنظيمي، وهذا ساعدني على توظيف التكنولوجيا في النواحي الإدارية والقيادية. هكذا كانت بدايتي.”
عملت رايسا محمد، المولودة في جنوب أفريقيا، سنوات طويلة في مجال التكنولوجيا، تنقلت خلالها بين مختلف دول أفريقيا وأوروبا والأمريكيتين ثم الشرق الأوسط، حيث تقيم في الإمارات العربية المتحدة منذ ثماني سنوات. وقد ركزت طوال هذه الرحلة على مساعدة الشركات في إيجاد حلول مستدامة قائمة على التكنولوجيا للتحديات التي تواجهها.
تقول رايسا: “حل المشكلات هو من أهم الأشياء التي أستمتع بها وأجيدها. ولذلك تحولت مسيرتي المهنية نحو ما نسميه بهندسة الحلول. وبفضل الدروس التي تعلمتها من والدتي، أصبح لدي شغف بمساعدة الناس وتنفيذ المشاريع التحويلية الكبيرة التي لا تنشئ أساساً لنمو الشركات فحسب، بل لتميز الأفراد أيضاً”.
هذا هو بالضبط ما تفعله رايسا في وظيفتها الحالية، حيث تعمل مديرة تنفيذية للتكنولوجيا في شركة “أوبوس ديجيتِك” الكائن مقرها في دبي والتي تقدم منصات وحلولاً رقمية لمساعدة شركات الطاقة على تعزيز الكفاءة والمرونة بهدف تحسين الاستدامة وتحقيق أهدافها في مجالات البيئة والمسؤولية الاجتماعية والحوكمة.
توضح رايسا طبيعة عملها قائلة: “أنا أقود الجانب التكنولوجي، حيث نركز على كيفية الاستفادة من الأدوات التي يوفرها لنا الذكاء الاصطناعي لتحقيق نتائج أفضل، ودمجه مع أدواتنا ومفاهيمنا الأساسية”، مضيفة أن دور المدير التنفيذي للتكنولوجيا يزداد أهمية مع تقدم التكنولوجيا، وهو ما دفعها للتفكير في تطوير مسيرتها المهنية.
انطلاقاً من رغبة رايسا في تعزيز فهمها للذكاء الاصطناعي من حيث تفاصيله الفنية وتطبيقاته في عالم الأعمال، التحقت ببرنامج التعليم التنفيذي في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي في عام 2023.
وهي تقول هذا الصدد: “في كثير من الأحيان نتعمق في التفاصيل الفنية لتكنولوجيا معينة دون فهم تأثيرها على أعمالنا ومجتمعنا. لذلك كنت أريد فهم هذا الجانب بشكل أفضل. وهناك أيضاً أسئلة مطروحة من منظور القيادة حول البداية المثلى لتنفيذ مشاريع الذكاء الاصطناعي وكيفية ذلك. فالذكاء الاصطناعي بحد ذاته ليس جديداً، ولكنه يتطور سريعاً، والكثير من الناس لا يدركون نطاق قدراته وما يمكنه فعله اليوم. لذلك كان برنامج التعليم التنفيذي بمثابة دليل للبقاء، وساعدنا على فهم هذه الأمور بوضوح أكبر. كان لدينا أفضل الأساتذة الذين ساعدونا في الجانب الفني وفي التفكير بشكل أعمق حول كيفية توظيف الذكاء الاصطناعي والاستفادة منه في مؤسساتنا، وما إلى ذلك. وقد وجهنا البرنامج نحو الأسئلة التي يجب أن نطرحها، والمسارات التي يمكننا أن نسلكها”.
كما تشير رايسا إلى واحد أهم الجوانب المفيدة في البرنامج، وهو تكوين شبكة من العلاقات التي تساعد في تعزيز استخدام الذكاء الاصطناعي في جميع أنحاء دولة الإمارات العربية المتحدة: “وجود هذا العدد الكبير من الأشخاص المتقاربين في طريقة تفكيرهم الذين يناقشون هذه الأمور ميزة كبيرة. فهناك أساتذة وقادة أعمال يمكنهم تبادل الأفكار ومناقشة التحديات والفرص مثل المرحلة التي وصلنا إليها، والاتجاه الذي نسير فيه، والجوانب التي نحرز فيها تقدماً كبيراً أو لا نحرز فيها تقدماً يُذكر، والآثار الأخلاقية، وما إلى ذلك. هذا سمح لنا بتحسين خططنا المتعلقة بكيفية التعامل مع الذكاء الاصطناعي لدعم جهود دولة الإمارات العربية المتحدة لتكون في الصدارة في مجال ابتكارات الذكاء الاصطناعي وتنفيذه وتبنيه والاستفادة منه في مجالات البيئة أو الأمن أو الحوكمة أو أي مجال آخر”.
بفضل الوقت الذي قضته رايسا في البرنامج، وجدت فرصة لتعزيز التواصل والتعاون بين الصناعة والجامعة، وهي الفرصة التي اغتنمتها من خلال الانضمام إلى المجلس الاستشاري للخريجين، حيث تقول: “سُرِرت لوجود هذه الفرصة لتعزيز هذا الجانب من خلال مساعدة الطلاب على سد الفجوة بين الدراسة الأكاديمية والواقع. بالنسبة للعديد من الطلاب، يشكل الواقع مفاجأة لهم بعد دراسة الماجستير أو الدكتوراة. والمجلس يساعدهم على فهم ما هو متوقع منهم عندما يجدون وظيفة وينضمون إلى القوى العاملة. أنا أقود لجنة العمل الخيري والتواصل المجتمعي، التي تسعى إلى تعزيز دور الجامعة في المجتمع. نحن ننظر إلى العلاقة بين الصناعة والوسط الأكاديمي ونسعى لتعزيز الشراكة بينهما. في الماضي، كانت الصناعة تستهلك عادة ما تنتجه المؤسسات الأكاديمية، ولكن لدينا الآن فرصة لتكوين شراكات تحقق قيمة أكبر. وهذا يعني إمكانية تعرف الطلاب على عالم الأعمال في مرحلة مبكرة من دراستهم، وحصول الشركات على الأدوات والمهارات التي ستساعدها في حل مشكلات معينة والتغلب على تحديات معينة. كما يمكن للطلاب التعلم من الشركاء في الصناعة واستخدام مواقف وتحديات حقيقية كموضوعات لأطروحاتهم، مما يعني إمكانية تنفيذ عملهم في وقت مبكر وإيجاد الحلول بشكل أسرع”.
لا شك أن خبرة رايسا الطويلة في مجال التوفيق بين التكنولوجيا وعالم الأعمال ستكون مفيدة للطلاب في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي. كما أن تجربتها في برنامج التعليم التنفيذي وشبكة العلاقات التي بنتها ستعود بالنفع على شركتها وعملائها ومستقبل دولة الإمارات العربية المتحدة. وهذا خير مثال على نية فعل الخير التي يعود نفعها على الجميع.
من موقع عمله داخل ’شركة أبوظبي للإعلام‘، عبدالعزيز العيسائي – أحد خريجي الدفعة الأولى من طلبة جامعة.....
عدنان خان، خريج جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، يشرح كيف أن حب الناس يلهم بحوثه وعمله.....
اقرأ المزيد