البيانات التشخيصية ودور الذكاء الاصطناعي والإحصاء في علم الأحياء الحاسوبي والرعاية الصحية الذكية

Wednesday, January 24, 2024

من المتوقع أن يؤدي الذكاء الاصطناعي وعلم الإحصاء إلى ابتكارات مهمة في مجال علم الأحياء الحاسوبي والرعاية الصحية الذكية.

هيبين زانغ هو أستاذ سوزان دوايت بليس في الإحصاء الحيوي وأستاذ في “مركز دراسة الطفل”، وأستاذ في الإحصاء وعلم البيانات، وأستاذ في طب التوليد وطب النساء وعلوم الإنجاب في “جامعة ييل”، وهو عضو تابع في الهيئة التدريسية لـ “معهد ييل للصحة العالمية”.

ترأس الأستاذ زانغ الجلسة المخصصة لعلم الأحياء الحاسوبي في ورشة عمل سلسلة “روّاد الذكاء الاصطناعي” الأخيرة التي عُقدت في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي. ونظرت هذه الجلسة في التحديات التي يواجهها العلماء في هذا المجال من حيث تحقيق التوازن بين المعلومات التي يمكن الحصول عليها من البيانات الحيوية من جهة وأوجه الغموض الكامنة في هذه البيانات بطبيعتها من جهة أخرى.

ويطرح هذا الغموض، الذي يُدعى أيضاً باسم التشويش، صعوبة بالنسبة للعلماء الذين يحاولون إيجاد رابط بين المعلومات الحيوية والنتائج الصحية. ويقول زانغ في هذا الصدد: “نحن نطور وسائل لاستخدام البيانات المشوشة حتى نتمكن من فهم كيفية عمل الدماغ أو الدور الذي تلعبه الجينات في كيفية التعامل مع مرض ما”.

فك الشفرة

البروفيسور هيبين زانغ

على سبيل المثال، تكون المعلومات الوراثية المخزنة على شكل حمض نووي ثابتة عموماً مع مرور الوقت، غير أن عملية توليف البروتينات انطلاقاً من الحمض النووي هي عملية معقدة وتساهم فيها عوامل بيئية وبيولوجية متعددة.

ويضيف زانغ: 'غالباً ما ننظر إلى المؤشرات الوراثية وندرس ارتباطها بالمرض، لكن هذه المؤشرات قد لا تتعلق بالضرورة بوظيفة بيولوجية محددة، وإنما تشبه هذه المؤشرات صندوق البريد المثبت في الشارع، فهو يدل على أن البيت مسكون ولكن لا يعطي معلومات عن الساكنين فيه'.

ويشير زانغ إلى عرض قدمته شيهونغ لين، الأستاذة في قسم الإحصاء الحيوي في كلية تي أتش تشان للصحة العامة في جامعة هارفارد، وإلى توصياتها الرامية إلى تطوير منظومة تستخدم الإحصاء والذكاء الاصطناعي لتحسين فهم العلماء للعلاقة بين تسلسلات الجينوم والوظائف الحيوية. غير أن تنفيذ هذه المهمة مليء بالتحديات حالياً لعدد من الأسباب، منها غياب بنية تحتية مركزية للبيانات.

شاهد محاضرة شيهونغ لين:

بالنسبة للأمراض الشائعة، يرى زانغ أن الجمع بين التعلم الإحصائي والذكاء الاصطناعي قد يساعد العلماء على اكتساب فهم أفضل للدور الذي تضطلع به الجينات في أمراض الأعصاب مثل مرض الزهايمر. ويفيد: “حجم بيانات الجينوم كبير للغاية وحجم بيانات صور الدماغ أكبر حجماً حتى لأنها تغطي أبعادًا متعددة ويتوجب علينا فهم العلاقات بين مختلف أجزاء الدماغ. بالتالي، يمكننا استخدام الذكاء الاصطناعي لمعالجة هذه الأحجام الهائلة من البيانات واكتساب فهم أفضل.”

البيانات من الأجهزة المحمولة

شكلت الرعاية الصحية الذكية إحدى مجالات النقاش الأخرى في ورشة العمل، وهي مجال ناشئ بالنسبة للابتكارات التي تستخدم تقنيات تعمل بمساعدة الذكاء الاصطناعي، على غرار الأجهزة القابلة للارتداء التي تجمع البيانات في الوقت الحقيقي وتحللها لاستخراج معلومات ذات صلة وفهم الحالة الصحية للأفراد. ترأس الجلسة حول الرعاية الصحية الذكية الأستاذ بيتر أكش. كاي. سونغ، وهو أستاذ في قسم الإحصاء الحيوي في كلية الصحة العامة في جامعة ميشيغان.

ويرى سونغ أن الأجهزة القابلة للارتداء تقدم كمية هائلة من المعلومات القيمة التي يمكن معالجتها بواسطة الذكاء الاصطناعي. ويقول: 'كنا، على سبيل المثال، نعتمد في الماضي على استمارة المريض التي تطلب منه توفير معلومات حول سلوكه أو نظامه الغذائي أو جودة النوم لديه. لكن المرضى كانوا يجدون صعوبة في تذكر هذه المعلومات؛ ولهذا السبب تمكننا الأجهزة القابلة للارتداء اليوم من الحصول على مقاييس دقيقة للحالات الصحية في الوقت الحقيقي من أجل تحسين التدخلات العلاجية وتقديم مقترحات أفضل لإدارة الصحة'.

في هذا السياق، يشهد قطاع الرعاية الصحية الذكية نمواً سريعاً. وبحسب سونغ، تم استثمار 14 مليار دولار أمريكي في الشركات الناشئة في هذا القطاع في عام 2020، كما ساهمت التقنيات التي تم تطبيقها في توفير مجموعة كبيرة من البيانات التي يمكن استخدامها لأغراض التحليل. بالإضافة إلى ذلك، يسلّط سونغ الضوء على عقبة كبيرة هي تحويل هذه البيانات إلى معرفة طبية يمكن تطبيقها، وهي موضوع أساسي ناقشته الجلسة حول الرعاية الصحية الذكية في ورشة العمل.

البروفيسور بيتر سونغ

ويشمل أحد الأمثلة على الابتكار في مجال الرعاية الصحية الذكية، والذي يحدث أثراً إيجابياً في حياة الأفراد، أجهزة مراقبة مستوى السكر بشكلٍ متواصل. فتوفر هذه الأجهزة معلومات في الوقت الحقيقي حول مستوى السكر في الدم، ما يسمح للأفراد، ولاسيما المصابين بداء السكري، بمراقبة هذه المستويات في أي وقت كان.

ولا تقدم المراقبة المستمرة لمستوى السكر معلومات فورية فحسب، بل تكشف أيضاً عن الاتجاهات في تقلب سكر الدم وتنذر المستخدم من احتمال ارتفاع أو انخفاض مستوى السكر، وهي تغيرات قد تشكل خطراً على صحة الفرد. أما الأشخاص الذين يتطلب علاجهم حقن الأنسولين، فمن شأن دمج أجهزة مراقبة مستوى السكر في مضخة الأنسولين أن يسهل عملية إعطاء الجرعات. وقد أدى ذلك إلى نتائج تبين أنها أفضل من تلك التي تقدمها عملية مراقبة مستويات السكر وحقن الكمية المناسبة من الأنسولين يدوياً.

هذا وأثنى الأستاذ سونغ على تطبيق آخر للرعاية الصحية الذكية هو عبارة عن مقاربة جديدة لأنظمة العلاج الديناميكية التي تستخدم الأجهزة القابلة للارتداء لدعم برنامج الإقلاع عن التدخين الذي طورته سوزان ميرفي، وهي أستاذة مالينكرودت في الإحصاء وعلوم الحاسوب وعضو مشارك في الهيئة التدريسية في معهد كمبنر في جامعة هارفارد.

شاهد محاضرة سوزان ميرفي: 

علاوة على ذلك، أشار سونغ إلى عرض قدمه شينغشون شي، وهو أستاذ مشارك في قسم علوم البيانات في كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، حول مفهوم التعلم التعزيزي، وهو نوع من تعلم الآلة تتعلم بموجبه الخوارزميات اتخاذ القرارات من خلال تنفيذ الأفعال ضمن بيئة معينة والحصول على التغذية الراجعة حول تلك الأفعال مع مرور الوقت. وبحسب سونغ، سيضطلع التعلم التعزيزي بدور مهم في مجال الرعاية الصحية الذكية وهو يتطور.

شاهد محاضرة شينغشون شي:

وفي حين أن سونغ يتوقع أن تساهم الآلات في تحسين القدرات البشرية في المستقبل، يحذر أيضاً من المخاطر المتعلقة بخصوصية البيانات ويشدد على ضرورة أخذ قيمة البيانات الشخصية في الاعتبار. ويقول: “علينا من جهة أولى أن نجد طريقة لحماية الخصوصية ولكن علينا من جهة أخرى أن نحدد قيمة هذه البيانات”.

غير أننا سنستمر في استخدام الأجهزة القابلة للارتداء في المستقبل، والاستفادة من المنافع الصحية التي تقدمها وبقدرتها على دفع قدماً عجلة الابتكار في الرعاية الصحية وإدارة صحة الأفراد في المستقبل. ويقول سونغ: “تستطيع الآلات إنجاز عدة مهام بفعالية أكبر من الإنسان، وسيتم تحديد المزيد من هذه المهام في المستقبل”.

أخبار ذات صلة

thumbnail
Tuesday, November 26, 2024

النماذج اللغوية الكبيرة وفهم انفعالات الإنسان وعواطفه

فريق بحثي من جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي وجامعة موناش يبحث في مدى قدرة النماذج اللغوية.....

  1. التعاطف ,
  2. انفعالات الإنسان ,
  3. معالجة اللغة الطبيعية ,
  4. EMNLP ,
  5. النماذج اللغوية الكبيرة ,
  6. البحوث ,
اقرأ المزيد