منازل ذكية لرعاية كبار السن في العالم

Wednesday, November 01, 2023

وفق تقارير صادرة عن منظمة الأمم المتحدة، تنمو فئة الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاماً في جميع أنحاء العالم بشكلٍ أسرع من أي فئة عمرية أخرى. وتشير التقارير إلى أن عدد كبار السن سيزداد ثلاثة أضعاف تقريباً بحلول العام 2050.

تساهم عدة عوامل في شيخوخة السكان في العالم، ومن بينها تحسين الرعاية الصحية وطول العمر الذي ينتج عنها. كما أن معدلات الولادات المتدنية، خاصةً في دول شرق آسيا وأوروبا، تؤدي إلى ارتفاع متوسط عمر السكان.

فخري كراي، أستاذ في قسم تعلم الآلة في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي

بناءً عليه، سيصبح توفير رعاية صحية عالية الجودة وبأسعار معقولة لهذا العدد الهائل من كبار السن أولويةً ذات أهمية متزايدة بالنسبة إلى الدول من حول العالم. بالتالي، يمكن للتطورات الأخيرة التي شهدها الذكاء الاصطناعي أن تساهم في هذه الجهود، بحسب البروفيسور فخري كراي، الأستاذ في قسم تعلم الآلة في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي.

إذ يقوم البروفيسور كراي بتطوير خوارزميات جديدة تعتمد على برامج التعلّم العميق التي يمكن استخدامها لجميع أنواع التعرف على النشاط البشري، وهي الطرق التي تفسر بها الآلات حركات الأشخاص داخل بيئة معيّنة. لذا، يمكن اعتماد هذه الأدوات لمراقبة صحة كبار السن وسلامتهم وتقديم الدعم لهم في أوقات الحاجة.

يمكن استخدام تقنية مراقبة المرضى عن بُعد في عيادات الرعاية الصحية أو حتى في المنزل. فعند اعتماد العيادات لهذه التقنية، قد تتدنى تكاليف الرعاية الصحية من خلال مساعدة الأطباء والممرضين على استخدام وقتهم بكفاءة أكبر. إذ سيكرسون اهتمامهم للمرضى الذين هم في أمس الحاجة إليه. أما عند اعتمادها في المنزل، فسيشعر المرضى بالراحة لأنهم يعيشون في مكانٍ مألوفٍ، بالقرب من الأصدقاء والعائلة، كما قد تتدنى وتيرة زياراتهم إلى المستشفى.

في هذا الإطار، قال كراي: “إن فكرة هذه التطبيقات هي مساعدة الأشخاص الذين قد يحتاجون إلى الاهتمام من وقتٍ إلى آخر طوال اليوم، أو تقديم المساعدة للمرضى الذين لا يحتاجون إلى الخضوع لإشراف الطبيب أو الممرض بشكلٍ متواصل. فذلك سيتيح لهم البقاء في المنزل والتواصل بسهولة مع مقدّم الرعاية الصحية عند الضرورة.”

شبكة معقدة

سيتضمن النظام اللازم لمراقبة المرضى ومساعدتهم عن بُعد دمج عدة أنواع مبتكرة من الأجهزة الذكية وأنظمة الاتصالات الآمنة وأدوات الذكاء الاصطناعي.

على سبيل المثال، ستتمتع الأجهزة الحسية الموجودة في المنزل بالقدرة على مراقبة حركة المريض ونشاطه. ويمكن أن يؤدي تحليل وضعية المريض ومشيته إلى تحديد علامات الإنذار المبكر لوجود حالة صحية طارئة. إذ يوضح كراي: “تُحلل الأنظمة المتقدمة التي طورناها الشخص وقوامه، أي تبيّن ما إذا كان واقفاً أو جالساً أو منخرطاً في أنواع معيّنة من الأنشطة، أو ربما سقط أرضاً.”

وبالإضافة إلى الحركة، تقوم خوارزمية أخرى بفحص وجه المريض وتفسيره تعابيره لفهم مشاعره، أي تبيان ما إذا كان يعاني من الألم أو الاكتئاب. فبحسب كراي: “تتيح هذه الطريقة إدراك السلوك العام للشخص، وهو ما يُعرف بالتعرف إلى السلوك، إلى جانب فهم حالته العاطفية”.

ولا بد من الإشارة إلى أنه يمكن استخدام جهاز قابل للارتداء، مثلما يتم ارتداء الساعة الذكية، من أجل قياس ضغط دم المريض ودرجة حرارة جسمه ومستوى السكر في دمه وغيرها من المقاييس الصحية. إذ يشرح كراي قائلاً: “إن هذه الأجهزة، المعروفة أيضًا باسم إنترنت الأشياء الطبية، ستعمل مع بعضها لتقدم صورة دقيقة عن الحالة التي كان الشخص يختبرها في وقتٍ ما. وفي حال وجود أي شذوذ في القياسات، سيتم إرسال إشعار إلى مقدّم الرعاية الصحية لإبلاغه بأن المريض قد يكون في خطر.”

سيستخدم النظام أيضاً أحدث أدوات معالجة اللغات الطبيعية لتزويد مقدّم الرعاية الصحية بتفسيرات البيانات التي كان النظام يجمعها، وبإرشاداتٍ حول الخطوات التالية المحتملة في ما يتعلق بالرعاية أو طلب مساعدة إضافية للمريض. كما ستوفر الأنظمة المشابهة لـ”تشات جي بي تي” إمكاناتٍ ممتازةٍ لحدوث تفاعل ثلاثي الاتجاهات بين المرضى ومقدّمي الرعاية الصحية والمستودعات الطبية الضخمة المخزَّنة في الخوادم المخصصة.

ويتابع كراي شرحه قائلاً: “بالطبع تشمل هذه التقنية نظاماً سحابياً يعالج جميع المعلومات الواردة من مختلف القنوات في الوقت الحقيقي، ويوفر النتيجة المناسبة أو إشارة القرار للعقدة المتوافقة في المنصة المصممة”.

الحفاظ على الخصوصية والأمن

كما هو الحال بالنسبة إلى أي جهاز متصل بشبكة الإنترنت، تتمحور المخاوف المرتبطة بهذه التطبيقات حول الخصوصية والأمن، لا سيما في ظل وجود أجهزة تراقب المنزل. لذا يعالج كراي وفريق عمله هذه التحديات، فيوضح: “نحن نعمل مع مجموعة من الأشخاص الرائدين في مجال أمن إنترنت الأشياء”، وهو المفهوم الذي يصف شبكة الأجهزة الذكية ذات الاستجابة السريعة.

فبهدف تمكين المرضى من التحكم ببياناتهم، يمكنهم تحديد الوقت والمكان الذي يمكن للنظام أن يراقب حالتهم في منازلهم. كما يمكنهم تحديد الأشخاص الذي يتيح النظام مشاركة المعلومات معهم. فعلى سبيل المثال، لا يمكن لأي شخص الاطلاع على بيانات المريض سوى بعض الأطباء أو الممرضين الذين وافق المريض عليهم.

وبهدف زيادة سرعة الاستجابة والأمن، يستخدم الفريق مفهوماً يُدعى الحوسبة الطرفية. فبدلاً من إعادة إرسال جميع البيانات التي يتم جمعها في العيادة أو المستشفى إلى خادم بعيد، تقوم الأجهزة الطرفية، وهي في الأساس أجهزة حاسوب مركَّبة في نفس المكان الذي تجمع فيه البيانات، بالجزء الأكبر من عملية معالجة البيانات. ويوضح مساعد الأبحاث في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي ثان كونغ هو، الذي يعمل مع كراي في هذه المبادرة، قائلًا: 'لن نقوم بتخزين جميع المعلومات التي جمعناها على السحابة، وستتم معالجة جزء كبير منها على الأجهزة الطرفية. فذلك سيؤدي إلى تقليص الوقت المستغرَق لإرسال المعلومات إلى السحابة وزيادة الأمن.'

ثان كونغ هو

إطالة عمر المريض

سبق أن أحرز كراي وفريق عمله تقدماً ملحوظاً وطوروا نماذج أولية للأجهزة التي ستوفر الوظائف الأساسية للنظام. وهم سيستمرون في اختبار هذه النماذج الأولية وتحسينها، بالتزامن مع سعيهم إلى التعاون مع إحدى عيادات الرعاية الصحية لإجراء دراسة من أجل تحديد مدى فعالية هذا النظام.

وفي غضون بضع سنوات، يأمل كراي عقد شراكة مع شركات الأجهزة وتسويق النظام تجارياً في “مجموعة من المستشفيات أو العيادات أو حتى في الجيل التالي من المنازل الذكية المخصصة لكبار السن.”

أخبار ذات صلة

thumbnail
Tuesday, November 26, 2024

النماذج اللغوية الكبيرة وفهم انفعالات الإنسان وعواطفه

فريق بحثي من جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي وجامعة موناش يبحث في مدى قدرة النماذج اللغوية.....

  1. البحوث ,
  2. النماذج اللغوية الكبيرة ,
  3. EMNLP ,
  4. معالجة اللغة الطبيعية ,
  5. انفعالات الإنسان ,
  6. التعاطف ,
اقرأ المزيد